وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
اكد جمهور الفقهاء على تحريم النمص وهو نتف الحواجب أو إزالتها بالحلق أو الترقيق ونحو ذلك ويجوز الأخذ من الحاجبين في حالتين فقط :
1- إذا كانت الحواجب كثيفة أو طويلة على غير المعتاد إلى حد التشويه وتتأذى بها المرأة فلا حرج من تخفيفها ولكن دون إزالتها أو نمصها ، لأن النمص هو نتف الحواجب المنهي عنه .
2- أن يكون ذلك لضرورة العلاج الذي لا يتم إلا بالأخذ منها .
معنى النمص المحرم :
والنمص في اللغة هو : النتف . فقيل : يقصد به هنا : نتف شعر الحاجبين . وقيل : نتف شعر الوجه كله . وكافة الفقهاء على أن نتف شعر الحاجبين داخل في نمص الوجه المنهي عنه .
ومعناه شرعا : هو ترقيق الحواجب وتدقيقها طلباً لتحسينها .
* ودليل التحريم :
والدليل على تحريم النمص وهو الذي يُفعل لمجرد الحسن من غير ضرورة أو حاجة ما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى."
وروى أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لُعِنَت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء. قال أبو داود : وتفسير الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء والمستوصلة المعمول بها ، والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة المعمول بها.
والواشمة التي تجعل الخيلان (جمع خال) في وجهها بكحل أو مداد والمستوشمة المعمول بها.
وقال الحافظ في الفتح (ج10 / 532) :
[ والمتنمصة التي تطلب النماص والنامصة التي تفعله ، والنماص : إزالة شعر الوجه بالمنقاش ، ويسمى المنقاش منماصاً لذلك ، ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترقيقهما وتسويتهما.] اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني ( ج1 / 129) :
[ فهذه الخصال محرمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، لعن فاعلها، ولا يجوز لعن فاعل المباح. ] اهـ.
* خلاف الفقهاء في هذه المسألة :
الفقهاء في مسألة النمص فريقان :
الأول : على منع النتف والحلق بأي صورة كان ، واعتبار ذلك من النمص المحرم المنهي عنه ، وسواء كان بإذن الزوج أم بغير إذنه ، للزينة والحسن أم لا ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء .
الثاني : جواز ذلك إذا كان للتزين للزوج وبإذنه وعلمه حيث لا تدليس هنا وهو علة المنع وأن النهي مختص بالنتف فقط وليس بالحلق أو التقصير وهذا مذهب الحنابلة .
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري" (كتاب اللباس – باب المتنمصات) :
[ وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص أشهر شعارا للفواجر امتنع وإلا فيكون تنزيها.
وفي رواية يجوز بإذن الزوج إلا إن وقع به تدليس فيحرم ، قالوا ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة.
وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها ؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت .
وقال النووي : يجوز التزين بما ذكر، إلا الحف فإنه من جملة النماص. ] اهـ.
وجاء في موسوعة الفتوى رقم : 22244
[ وقد اتفق الفقهاء على تحريم نتف الحاجبين لغير المزوجة ، وللمزوجة إذا لم يأذن زوجها في ذلك .
واختلفوا في ما عدا ذلك ، وسبب اختلافهم يرجع إلى أمرين:
الأول: اختلافهم في معنى النمص، هل هو النتف خاصة، أم مطلق الأخذ من الشعر سواء كان بالنتف أو الحف (الحلق) .
الثاني : اختلافهم في علة المنع، فمن رأى أنها التدليس والغش أجاز ذلك بإذن الزوج، ومن رأى أنها تغيير خلق الله ابتغاء الحسن -كما هو المصرح به في الأحاديث- منع ذلك مطلقاً أذن الزوج أو لم يأذن، وهذا هو الصواب في المسألة.. ويدل عليه أمور:
الأول: أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء المتزوجة.
الثاني: أن النمص والوشم والوصل من جنس واحد، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم تحريمه بعلة واحدة هي تغيير خلق لأجل الحُسن، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يرخص للمتزوجة في وصل شعرها، مع إذن زوجها، بل وأمره لها بذلك.
ففي الصحيحين وهذا لفظ البخاري: عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. فقال : " لا ، إنه قد لُعن الواصلات " .
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحوجنا إلى البحث عن علة التحريم في هذه الأمور، بل صرح بذلك في قوله: " للحسن المغيرات خلق الله" ، فلا وجه لأن يقال: إن العلة هي التدليس فيباح ذلك بإذن الزوج.
وأما معنى النمص، فقيل: هو نتف شعر الوجه، وقيل: هو الأخذ من شعر الوجه، وقيل: إن ذلك مختص بالحاجبين.
قال أبو داود في سننه بعد ذكر الحديث السابق: والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة المعمول بها.
وقد قصر الحنابلة التحريم على النتف وأجازوا الحلق. وخالفهم الشافعية والمالكية فمنعوا مطلق الأخذ.
ومما يرجح اختصاص النمص المحرم بالحاجبين ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الترخيص للمرأة أن تحف جبينها لزوجها. أخرجه الطبري ، كما قال الحافظ في الفتح.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه، وفيه أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة.
وهذا يدل على أنه يجوز للمرأة حلق شعر الوجه ونتفه ، عدا الحاجبين. ] اهـ.
* خلاصة القول في المسألة :
بناءا على ما سبق فلا حرج من قص بعض الشعيرات الزائدة التي تسقط على العين فتؤذي الرؤية ، أو إذا كانت على الأطراف فتشوه الخلقة .
وقد ذهب الحنابلة وحدهم خلافا لجمهور الفقهاء إلى جواز الحلق والتقصير إذا كان بإذن الزوج بقصد التزين له ، وقصروا التحريم على النتف فقط .
والله تعالى أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق