سلسله غزوات النبي صلي الله عليه وسلم
الدرس الثامن من سلسله غزوات النبي
=====================
غزوة حمراء الأسد
:
================
غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حمراء الأسد يوم الأحد لثماني ليال خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره قالوا: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد مساء يوم السبت بات تلك الليلة على بابه ناس من وجوه الأنصار وبات المسلمون يداوون جراحاتهم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح يوم الأحد أمر بلالا أن ينادي:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس.
قال جابر بن عبد الله: إن أبي خلفني يوم أحد على أخوات لي فلم أشهد الحرب فأذن لي أن أسير معك فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال غيره ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلوائه وهو معقود لم يحل فدفعه إلى علي بن أبي طالب ويقال إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخرج وهو مجروح في وجهه ومشجوج في جبهته ورباعيته قد شظيت وشفته السفلى قد كلمات في باطنها وهو متوهن منكبه الأيمن من ضربة ابن قمئة وركبتاه مجحوشتان وحشد أهل العوالي ونزلوا حيث أتاهم الصريخ وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا وخرج الناس معه فبعث ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الأسد وهي من المدينة على عشرة أميال طريق العقيق متياسرة عن ذي الحليفة إذا أخذتها في الوادي وللقوم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فعلوهما ومضوا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى عسكروا بحمراء الأسد فدفن الرجلين في قبر واحد وهما القرينان وكان المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد.
وذهب صوت معسكر المسلمين ونيرانهم في كل وجه فكبت الله بذلك عدوهم وجعل الدائرة النفسية عليه فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة وقد غاب خمس ليال وكان استخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم.
سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي:
=====================
سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن وهو جبل بناحية فايد به ماء لبني أسد بن خزيمة في هلال المحرم وعلى رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره صلّى الله عليه وسلم وذلك أنه بلغ رسول الله عليه الصلاة والسلام أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد صارا في قومهما ومن أطاعهما يدعوانهم إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا سلمة وعقد له لواء وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وقال: سر حتى تنزل أرض بني أسد، فأغر عليهم قبل أن تلاقي عليك جموعهم فخرج فأغذ السير ونكب عن سنن الطريق، ولا حب السبيل وسبق الأخبار ثم انتهى إلى أدنى قطن فأغار على صرح لهم فضموه وأخذوا رعاء لهم مماليك ثلاثة وأفلت سائرهم فجاؤوا جمعهم فحذروهم فتفرقوا في كل ناحية ففرق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق في طلب النّعم والشاء فابوا إليه سالمين قد أصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحدا فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة.
سرية عبد الله بن أنيس:
===========
ثم بعث سرية عبد الله بن أنيس الى سفيان بن خالد بن نبيح الهزلي بعرنة وكان خروجه من المدينة يوم الإثنين لخمس ليال خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره وذلك لأنه بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن سفيان بن خالد الهزلي ثم اللحياني وكان ينزل (عرنة) وما والاها في ناس من قومه وغيرهم قد جمع الجموع لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فبعث عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أنيس ليقتله فقال: صفه لي يا رسول الله، قال: إذا رأيته هبته وفرقت منه وذكرت الشيطان. قال: وكنت لا أهاب الرجال واستأذنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أقول: فأذن لي فأخذت سيفي وخرجت أعتزي لخزاعة حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش ومن انضوى إليه فعرفته بنعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهبته فرأيته فرأيتني أقطر فقلت صدق الله ورسوله فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من خزاعة سمعت بجمعك لمحمد فجئت لأكون معك قال: أجل إني لأجمع له فمشيت معه وحدثته واستحلى حديثي حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه حتى إذا هدأ الناس وناموا اغتررته فقتلته وأخذت رأسه ثم دخلت غارا في الجبل وضربت العنكبوت عليّ وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين.
ثم خرجت فكنت أسير الليل وأتوارى بالنهار حتى قدمت المدينة فوجدت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المسجد فلما رآني قال: أفلح الوجه قلت: أفلح وجهك يا رسول الله فوضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري فدفع إليّ عصا وقال: تحضر بهذه في الجنة فكانت عنده فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا.
وكانت غيبته ثمان عشرة ليلة وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
سرية بئر معونة :
========
أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة بقية شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم ثم بعث أصحاب بئر معونة في صفر الخبر في آخر تمام السنة الثالثة من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد. وكان سبب ذلك أن أبا البراء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو ملاعب الأسنة وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال: يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى اهل نجد فدعوهم إلى أمرك لرجوت أن يستجيبوا لك فقال صلّى الله عليه وسلم: إني اخشى عليهم أهل نجد فقال أبو براء: أنا جارهم فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة، وهو الذي يلقب المعتق ليموت في أربعين رجلا من المسلمين، وقد قيل: في سبعين من خيار المسلمين منهم، الحارت بن الصمة، وحرام بن ملحان، أخو أم سليم، وهو خال أنس بن مالك، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق وغيرهم فنهضوا حتى نزلوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر، وحرة بني سليم، ثم بعثوا منها حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى عدو الله وعدو رسوله صلّى الله عليه وسلم عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه، ثم عدا عليه فقتله، ثم استنهض بني عامر إلى قتال الباقين، فأبوا أن يجيبوه، لأن أبا براء أجاره، فاستغاث عليهم بني سليم فنهض معه عصية ورعل وذكوان وهم قبائل من بني سليم فأحاطوا بهم فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم إلا كعب بن زيد أخو بني دينار ابن النجار فإنه ترك في القتلى وفيه رمق فارتث من القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق رضي الله عنه.
وكان عمرو بن أمية في سرح المسلمين ومعه المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح فنظر إلى الطير تحوم على العسكر فنهض إلى ناحية أصحابه فإذا الطير تحوم على القتلى، والخيل التي أصابتهم لم تزل بعد فقال المنذر بن محمد إلى عمر بن أمية: فما ترى؟ فقال: أرى أن نلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم فنخبره الخبر فقال الأنصاري: ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو فقاتل حتى قتل وأخذ عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبره أنه من مضر جزّ ناصيته عامر بن الطفيل وأطلقه عن رقبة كانت على أمه وذلك لعشرين بقيت من صفر مع الرجيع في شهر واحد.
فرجع عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بني كلاب وقيل من بني سليم حتى نزلا مع عمرو بن اميه في ظل كان فيه وكان معهما عهد من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو فسألهما من أنتما؟ فانتسبا له فأمهلهما حتى إذا ناما عاد عليهما فقتلهما وهو يرى أنه أصاب ثأرا من قتل أصحابه.
فلما قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخبره بذلك فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لقد قتلت قتيلين لأدينهما» وهذا سبب غزوة بني النضير.التي ستعرض في الدرس القادم ان شاء الله وكان لنا في العمر بقيه
Our Blog
الدرس الثامن من سلسله غزوات النبي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق