سلسله غزوات النبي صلي الله عليه وسلم
الدرس العاشر من سلسله غزوات النبي
=====================
غزوة بدر الآخرة :
=========
قال ابن إسحاق: ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان حتى نزله.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول الأنصاري.
أقام صلّى الله عليه وسلم ثماني ليال ينتظر أبا سفيان بن حرب وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل (مجنة) من ناحية الظهران وبعض الناس يقول: إنه قد بلغ عصفان ثم بدا له في الرجوع فقال:
يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب غيداق ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن وإن عامكن هذا عام جدب وإني راجع فارجعوا فرجع الناس فسماهم المكيون جيش السويق (وذلك لقولهم: إنما خرجتم تشربون السويق) .
وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده فأتاه مخشى بن عمرو الضمري وهو الذي كان يوادعه على بني ضمرة في غزوة (ودان) فقال: يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا الماء؟ قال: نعم يا أخا بني صخرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك ثم جادلناك حتى يحكم الله بيننا وبينك قال: لا والله يا محمد مالنا بذلك منك من حاجة.
فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينتظر أبا سفيان فمر به ابن أبي معبد الخزاعى فقال وقد رأى ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وناقته تهوي به:
قد نفرت من رفقتي محمد ... وعجوت من يثرب كالعنجد (حب الزبيب)
تهوي على دين أبيها الأتلد ... قد جعلت ماء قديد موعدي
وماء ضجنان لها ضحى الغد
وقال عبد الله بن رواحة في ذلك: قال ابن هشام: أنشدنيها أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك قصيدة منها: -
وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد ... لميعاده صدقا ولا كان وافيا
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا ... لأبت ذميما وافتقدت المواليا
تركنا به أوصال عتبة وابنه ... وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا
عصيتم رسول الله أف لدينكم ... وأمركم السيىء الذي كان غاويا
فإني وإن عنفتموني لقائل ... لما لرسول الله أهلي وماليا
أطعناه لم نعدله فينا بغيره ... شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا
وقال حسان بن ثابت في ذلك:
دعوا فلجات الشام قد حال دونها ... جلاد كأفواه المخاض الأوارك
بأيدي رجال هاجروا نجو ربهم ... وأنصاره حقا وأيدى الملائك
إذا سلكت للغور من بطن طالج ... فقولا لها: ليس الطريق هنا لك
أقمنا على الرس النزوع ثمانيا ... بأرعن جرار عريض المبارك
بكل كميت جوزه نصف خلقه ... وقب طوال مشرفات الحوارك
ترى العرفج العامي تذري ... مناسم أخفاق المطي الرواتك
فإن نلق في تطوافنا والتماسنا ... فرات بن حيّان يكن رهن هالك
وإن نلق قيس بن امرىء القيس بعده ... يزد في سواد لونه لون حالك
فأبلغ أبا سفيان عني رسالة ... فإنك من غر الرجال الصعالك
فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال:
أحسان أنا يا ابن آكلة الفقا ... وجدك نفتال الخروق كذلك
خرجنا وما تنجو اليعافير بيننا ... ولو وألت منا بشد مدارك
إذا ما انبعثنا من مناخ حسبته ... مدمن أهل الموسم المتعارك
أقمت على الرس النزوع تريدنا ... وتتركنا في النخل عند المدارك
على الزرع تمشي خيلنا وركابنا ... فما وطئت ألصقناه بالدكادك
أقمنا ثلاثا بين سلع وفارع ... بجرد الجياد والمطي الرواتك
جسبتم جلاد القوم عند قبابهم ... كمأخذكم بالعين أرطال آنك
فلا تبعث الخيل الجياد وقل لها: ... على نحو قول المعصم المتماسك
سعدتم بها وغيركم كان أهلها ... كوارث من أبناء فهر بن مالك
فإنك لا في هجرة إن ذكرتها ... ولا حرمات الدين أنت بناسك
فهذه الغزوه تنفيذًا للموعد الذي كان أبو سفيان قد اقترحه في أعقاب معركة أحد والتزام الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة على رأس جيش من أصحابه قوامه ألف وخمسمائة مقاتل بينهم عشرة من الخيالة، وذلك في ذي القعدة سنة 4 هـ، وحمل لواء الجيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوصلوا بدرًا فأقاموا فيها ثمانية أيام بانتظار وصول قوات المشركين من قريش بقيادة أبي سفيان بحسب الموعد بين الطرفين غير أن أحدًا من المشركين لم يصل إلى بدر وكان أبو سفيان قد جمع قوات قريش وحلفائها التي تألفت من ألفي مقاتل معهم خمسون فرسًا، فلما وصلوا إلى مر الظهران، نزلوا على مياه مجنة على بعد أربعين ميلا من مكة ثم عاد بهم أبو سفيان إلى مكة بعد أن خطب فيهم وقال: يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن وإن عامكم هذا عام جدب وإني راجع فارجعوا وأقبل مخشي بن عمرو الضمري وهو الذي وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني ضمرة في غزوة ودان فالتقى برسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وقال: يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا الماء؟ قال: «نعم يا أخا بني ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك، ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك» قال: لا والله يا محمد ما لنا بذلك منك من حاجة .
ففي هذا اللقاء أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على معنى كبير في إظهار قوة المسلمين وأن العقد الذي كان بين الفريقين يستمر بعامل قوة المسلمين لا بعامل ضعفهم وبناء على طلب الطرف الثاني, وفي هذا ما فيه من القوة للمسلمين وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم . لقد كانت تحركات الجيش الإسلامي من المدينة حتى بدر مناورة رائعة ناجحة أثبت بها وجوده, وأعطى الدليل القاطع لأعداء الإسلام داخل المدينة وخارجها، أنه أصبح أقوى قوة مرهوبة في الجزيرة العربية كلها، ولا أدل على ذلك من أن جيش مكة وهو من أعظم الجيوش في الجزيرة من حيث كثرة العدد وقوة التنظيم وجودة التسلح قد هاب الجيش الإسلامي ونكل عن حربه بعد أن خرج للقائه بموجب ميعاد سابق حدده (في أحد) قائد عام جيش مكة.
إن الحملة الإعلامية التي قام بها المشركون لإثبات انتصارهم في أحد وتفوقهم الحربي قد انتكست على رؤوسهم وأصبحوا مثار السخرية عند العرب وثبت للناس أن ارتباك المسلمين للمفاجأة في أحد وسقوط القتلى منهم لا يعني انهزامهم ولا ضعفهم العسكري فقد ساهمت هذه الغزوة في المحافظة على السمعة العسكرية للمسلمين وكسبوا انتصارًا معنويًا عظيمًا على أعدائهم بدون قتال وشاركوا في الموسم التجاري ببدر وربحوا في تجارتهم ربحًا طيبًا .
لقد كان لإخلاف قريش الموعد أثر في تقوية مكانة المسلمين وإعادة هيبتهم
Our Blog
الدرس العاشر من سلسله غزوات النبي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق