الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أكرمنا ورفع شأننا وأعلى قدرنا، وكتب بذاته عزَّ وجلَّ الإيمان في قلوبنا، وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل عباده المؤمنين خلفاءً عن حضرته في هذه الدنيا ينصرون فيها القيم الإلهية والأخلاق الربانية والمبادئ القرآنية والسُنن المحمدية ليكونوا كما قال في القرآن:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله) (110آل عمران)
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أدَّى الرسالة، وبلَّغ الأمانة، وربَّى أصحابه البررة الأتقياء على ما يحبُّ الله عزَّ وجلَّ ويرضى، فكانوا الأئمة للمتقين في هذا الدِّين، والذين ينبغي الأخذ عن هديهم في كل وقتٍ وحين لمن أراد الصلاح والفلاح عند ربِّ العالمين.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، وارزقنا هداه، ووفقنا جميعاً للعمل بما تحبه وترضاه يا الله، واجعلنا له من خيرة المتبعين، وفي الآخرة ممن يكونون تحت لواء شفاعته يوم الدين، وارزقنا أجمعين جواره في الجنة يا أكرم الأكرمين.
أما بعد أيها الأحبة:
لا شك أن كل مؤمن يجد في نفسه غُصَّة مما يحدث للمسلمين أو بين المسلمين في هذا الزمان؛ خلافات لا تنتهي، تتجاوز الحدود لا تجد فيها أدب الحوار، ولا حُسن الجوار، ولا احترام الصغار للكبار، ولا عطف الكبار على الصغار!! والكل يمشي على حسب هواه، ويعتقد بل يقول أنه وحده هو الذي ينفِّذ شرع الله وتنافس الناس في الدنيا وزخرفها وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي جاء لهذه الأمة في هذا العصر، فقال صلى الله عليه وسلم:
"يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"(رواه أبو داوود واحمد عن ثوبان)
وأول أسباب الخلافات بين المؤمنين هو الفرقة بين المسلمين، والحروب التي لا تنقطع بين البلدان الإسلامية والفرق الإسلامية، والسبب الأساسي فيها الرغبة في السلطة والرياسة والعُلو في الأرض بغير حق، مع أنهم يزعمون أنهم يريدون أن يحققوا الخلافة الإسلامية، وأن ينشروا العدل ويقيموا العدل بين الناس!!، أين هذا العدل من هذا الذي هم فيه؟!
والأمر واضح، فلو كانوا يريدون الخلافة الإسلامية لا يرفعون السلاح على مسلم، وإنما يكون السلاح على غير المسلم الذي يعتدي على المسلم، وحتى غير المسلم الذي لا يعتدي على المسلم فلا نرفع عليه السلاح: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) (61الأنفال).
وإذا أردنا إصلاح حياتنا وإصلاح مجتمعنا، ننظر إلى الأمر الذي حرص الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام أن يرسِّخه في قلوبهم، وأن يُظهروه في أعمالهم، وأن يكون هو الواضح لمن ينظر إليهم من غيرهم؟ هو الروابط الإسلامية التي قال فيها صلى الله عليه وسلَّم - في المجتمع الإسلامي في أي عصر وفي أي زمان وفي أي مكان: (ترى المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى عُضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى)[البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير].
نأخذها من مجتمع المهاجرين والأنصار الذي لو صرنا على هداه في أي زمان أو مكان لنصرنا الله كما نصرهم، ولأعزَّنا كما أعزَّهم، ولهدانا كما هداهم، ولمَكَّن الله عزَّ وجلَّ لنا في الأرض كما مكَّن لهم.
كيف نصلح مجتمعنا .. ويصير مجتمعاً نورانياً ربانياً مثل مجتمع المدينة المنورة التي فتحها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينها القرآن؟!..
أول شيء فعله رسول الله مع أصحابه نزع من قلوبهم حُبَّ الدنيا، ووضع مكانه حُبَّ الله ورسوله، وحُبَّ كتاب الله وحُبَّ المؤمنين. نحن جميعا نقول: أننا نُحبُّ الله ورسوله، رسول الله أعطانا ترمومتراً نقيس به هذا الحب فقال: {والله لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (سنن النسائي الصغرى عن أنس، ورواه البخاري ومسلم بلفظ. "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتى أكونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدهِ والنَّاس أَجْمَعين").
أنت تُحِبُّ حضرةَ النبيِّ، ولكن تحبُّ نفسك أكثر!!
إذاً هذا الحب غير مضبوط، كيف تحب نفسك أكثر من حضرة النبي؟! تحب نفسك لأنك تضرب بسنة حضرة النبي عرض الحائط من أجل مصلحتك وعندما ننظر في المجتمع فإننا نجد أن معظم المشكلات سببها عدم إتباع السُّنة أو شرع الله لأن هناك شيء من الهوى، فلو اتفقنا على سنة رسول الله ففي أي شيء سنختلف؟!!
وضع حضرة النبي صلى الله عليه وسلم القاعدة الثانية لجمع الشمل وتوحيد الصف فقال: {لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} (صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه).
متى يُصبح الإيمان كاملاً وتصطف جموع المسلمين ويكونوا يدا واحدةً؟
إذا أحب الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه إن كان في الدنيا أو في الآخرة، لو ظهر هذا بيننا جماعة المؤمنين، ورجع الحب مرة أخرى مثل الزمن الفاضل فلن تحدث بيننا خلافات، ونكون يدا واحدة على الأعداء ويتحقق فينا قول الله : ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾. [47الحجر]. ولن يتمكن الكافرين ولا اليهود وغيرهم من المسلمين مادامت القلوب تحبُّ الله ورسوله، لأن قلوبهم كانت تُؤثِرُ رضاء الله على كل شيء في هذه الحياة،
وإذا وضعت في قلبي الحب فإنه سيكون معه الرحمة والشفقة، والعطف والمودة والإيثار، ومعه كلُّ الخُلُق الكريم!!! لو تركت الحبَّ ووضعت مكانه حبَّ الدنيا، فسيكون معه البغض والكره، والحقد والحسد، والفرقة والأنانية، ومعه كل الصفات الإبليسية!!
إذاً الصفات الطيبة التي تصلح معها كل المجتمعات تأتى مع حبِّ الله ورسوله وحب المؤمنين لبعضهم ، والصفات التي بِها إفساد كل الأماكن والبقاع والمجتمعات تأتى مع حبِّ الدنيا، ولذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل ما أخشاه عليكم أن توضع الدنيا في قلوبكم ..
{ مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْيَا قَلْبَ عَبْدٍ إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللَّهُ بِخِصَالٍ ثَلاَثٍ: بِأَمَلٍ لاَ يْبَلُغُ مُنْتَهَاهُ، وَفَقْرٌ لاَ يُدْرَكُ غِنَاهُ، وَشُغْلٍ لاَ يَنْفَكُّ عَنَاهُ } (الدَّيلمي عن أَبي سعيدٍ رضَي اللَّهُ عنه).
أو كما قال ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أكرمنا ورَضِيَ لنا الإسلام ديناً والقرآن كتاباً وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم نبيًّا ورسولا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحمن الرحيم، الجواد الرؤف الكريم، الذي أعلن عن شفقته وحنانه بالمؤمنين - حتى العُصاة والمذنبين - فقال في شأنهم: (إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222البقرة).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، الرحمة العُظمى لجميع العالمين، الذي من فرط رحمته كان يود الهداية للخلق أجمعين، حتى قال له ربه: (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) (8فاطر).
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على هذا الحبيب، الذي كان كلامه أطيب من أطيب طيب، ونظراته تُشفي أي إنسانٍ من أيِّ داءٍ بغير طبيب، وكانت حركاته وسكناته لمن تبعه كلها سلالم ترفعه إلى حضرة القرب من حضرة القريب عزَّ وجلَّ.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إن ما يحدث في العالم العربي الآن كله مبشرات بأن كل الأنظمة البالية والفاسدة والتي كانت تحمى اليهود ستنتهي وتتحد الأُمة العربية والإسلامية كشعوب .
وستحيا هذه الشعوب وتنهض، فعندها كل المقومات اللازمة وأكثر بكثير جداً مما عند أوروبا لا ينقصنا ‘إلا أن نكون صفا واحدا وسيحدث ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّـى يُقَاتِلَ الـمُسْلِـمُونَ الْـيَهُودَ فَـيَقْتُلُهُمُ الـمُسْلِـمُونَ حَتَّـى يختبئ الْـيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الـحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَـيَقُولُ الـحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِـمُ يَا عَبْدَ الله هذا يَهُودِيٌّ خَـلْفِـي فَتَعَالَ فَـاقْتُلْهُ إِلاَّ الْغَرْقَد (1)فَـإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْـيَهُودِ "(رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه)
ولكن ما صفة هؤلاء الذين يقاتلون اليهود؟
أخبر الله عنهم في كتابه العزيز ! فكما سماهم الحبيب "المسلم عبدا لله!".. أسماهم الله.. "عباداً لنا".. أي عباد الله! وأضاف ذوى بأس شديد!
"فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا" (الإسراء 5)
لابد أن يكونوا عباداً لله وصفتهم أن بأسهم شديد، ومتى سيحدث ذلك؟ اللحظة التي ستجد فيها المسلمين عندما يسمعون صوت المؤذن يترك الكل ما في يده ويذهب للصلاة فاعلم أن الموضوع قد قرب، لماذا؟
لأن هذا الصنف من المسلمين هم الذين معهم تأييد رب العالمين عز وجل، وهم الذين معهم البأس الشديد والقلب الحديد الذي يصلح ليوم الوعد والوعيد!
والحمد لله فبنو إسرائيل أو نسلهم من اليهود
قد جاءوا لفيفاً من كل فج وسكنوا فلسطين وأسموها أرض الميعاد وأفسدوا فيها وفى الأرض كلها وعلوا وبنوا وتجبروا!.
وعندها تحدث الحرب! فينطق الله الحجر والشجر! لمن هو بالفعل عبد لله وليس عبداً للقائد أو المال وغيره، وتكون هذه هي نهاية اليهود! ويأتي بعد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
{ طُوبَى لِعَيْشٍ بَعْدَ الْمَسِيحِ ( أي بعد هلاك اليهود)، يُؤْذَنُ لَلسَّمَاءِ فِي الْقَطْرِ، وَلِلأَرْضِ فِي النَّبَاتِ، فَلَوْ بُذِرَتْ حَبَّةٌ عَلَى الصَّفَا لَنَبَتَتْ، وَلاَ تَبَاغُضَ وَلاَ تَحَاسُدَ، حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الأَسَدِ فَلاَ يَضُرُّهُ، وَيَطَأَ عَلَى الْحَيَّةِ فَلاَ تَضُرُّهُ } (أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة { وَتُرَدُّ إِلى الأَرْضِ بَرَكَتُهَا حَتَّى إِنَّ الْعِصَابَةَ لمجْتَمِعُونَ فِي الْعُنْقُودِ وَعَلى الرُّمَّانَةِ، وَيُنْزَعُ مِنْ كُل ذَاتِ حِمَّةٍ حِمَّتُهَا ـ يَعْني سُمَّهَا ـ حَتَّى إِنَّ الْحَيَّةَ تَكُونُ مَعَ الصَّبي وَالأَسَدَ وَالْبَقَرَةَ لاَ تَضُرُّهُ شَيْئاً، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحاً طَيبَةً تَقْبِضُ رُوحَ كُل مُؤْمِنٍ، وَيَبقى شَرُّ النَّاسِ تَقُومُ عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ (جامع السانيد والمراسيل عن ابن عياش الحضرمي)
هذه الحياة هي التي ستكون جمال في جمال ولكن بعد هلاك اليهود، فالذي يحدث الآن هو عبارة عن تجهيز لهذا الأمر ليقضى الله أمراً كان مفعولا.... ثم الدعاء
*******************************************
(1) شجيرة رعي منتشرة منخفضة عرضها 60 سم ، ذات أوراق وبرية مزرقّة ، الأزهار صفراء مخضرة عرضها 6 ملم ، رائحتها زكية ، ثماره اسطوانية عصيرية حمراء / يوجد النبات في مناطق متناثر في المنطقة الشرقية وعلى سواحل البحر شمال ينبع وفي وادي سرحان ، وشرمة قرب خليج العقبة ، كما ينتشر في كل من اسرائيل وسيناء ومصر والعراق واليمن، ونبات العوسج إذا عظم يقال له الغرقد.
وفي الحديث الشريف : (إنه من شجر اليهود فإذا نزل عيسى وقتل اليهود الذين مع الدجال فلا يختفي أحد منهم خلف شجرة إلا نطقت وقالت: يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود فلا ينطق) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
توجد نباتاته البرية في فلسطين ،ويهتم اليهود الذين احتلوا أرضها بزراعة هذا النبات كسياج حماية حول بساتينهم وحدائقهم لأشواكه الحادة ونموه الكثيف وكأحد النباتات صادة الرياح،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق