انتشر مقال مليء بالأكاذيب والمعلومات الخاطئة بعنوان
(سورة يس تعالج النسيان)
🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫
المقال المنتشر هو ...
سورة يس العلاج المذهل للنسيان
أورد ابن هشام في سيره قال : بينما ابن عباس في مسجده يعلم الناس وهم محتبكون به , إذ دخل عليهم شاب رث الثياب متسخ البدن قد علا صوته يهذي بكلام غير مفهوم فعرفه الناس فقاموا ينتهرونه وهموا بإخراجه من المسجد , فقال لهم ابن عباس : ما خبر هذا الشاب ؟ قالوا له إنه شاب في الثلاثين من عمره قد ذهب عقله في يوم وليلة , وأصبح كما ترى مجنونا لا يعي ما يفعل, فقال لهم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدنوه مني , فلما مثل بين يديه وضع ابن عباس يده على رأسه وقرأ عليه سورة يس فما أن انتهى منها حتى قام الشاب وما به شيء وقد شفي تماما ورجع إليه عقلة , فسأل الناس ابن عباس ما قرأت عليه فقال : سورة قال عنها رسول الله صلى الله علية وسلم (هي قلب القرآن و وددت أنها بقلب كل مسلم ) .
وأني أربط هذه الحادثة بقول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال : كنت إذا تعسر علي حفظ شيء أضعه جانبا وأفتح المصحف على يس فأقرؤها فما أن أتمها حتى أرجع للتي كنت أحفظها , فأقرئها من مرة واحدة فأحفظها
وفي دراسة أعدت في إحدى جامعاتنا لمخ الإنسان , وجدوا أن مركز الفهم والحفظ بعقل الإنسان تحتوي على مائة ثقب , فالإنسان الطبيعي يستخدم من عشرين إلى خمسة وعشرين ثقبا منها , وكلما ازداد حفظا و نباغه وصلت إلى خمسة وثلاثين ثقبا مستقبلة , وصاحب البلادة وجدوها تصل لديه إلى خمسة عشر فقط وأن ما دون العشر يصبح مجنونا لا يفقه شيئا بل لو زادت الثقوب المستخدمة عن الستين قد يجن الإنسان من فرط ذكائه .
وأثبت البحث أن الترتيب الذبذبي لحروف سورة يس إذا قرأت على رأس إنسان تكون تلك الذبذبة هي مفتاح لتلك الثقوب فما أن ينتهي الشخص من قراءتها إلا وقد وصل عدد ثقوب الفهم والحفظ بعقله إلى الثلاثين تقريبا وهذا هو الإعجاز الحرفي الذبذبي في القرآن الكريم .
🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫🚫
أنصح أولا بعدم استقبال أي رسائل تحمل معلومات شرعية دون أن تكون موثقة بذكر : المصدر أو المرجع مع اسم المؤلف ورقم الجزء والصفحة ، وبدون هذا التوثيق فأنصح برد هذه الرسائل إلى أصحابها والتشديد على عدم إرسال أي شئ آخر إلى حين الالتزام الصارم بهذا ، فالدين أمانة في أعناقنا ويجب وقف هذا الطوفان الهائل عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية بمعلومات لا ندري مصدرها ثم توزع على الناس على أنها دين ، ويظل حساب من أرسلها شديدا عند الله إن لم يكلف نفسه عناء البحث والسؤال قبل البث والإرسال .
لا يوجد في سيرة ابن هشام هذا الأثر المذكور عن ابن عباس ولا يوجد ما يشير إلى هذه القصة المختلقة .
فالقصة مكذوبة ولاأصل لها ، ويبدو أن مخترعها استغل الأمية الشرعية لكثير من المسلمين فأوهمهم أن ابن هشام قد ذكرها في سيرته ، رغم أن سيرة ابن هشام موضوعها فقط هو سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من الميلاد إلى الوفاة وما تخللها من غزواته وجهاده ودعوته .
وهذا الكﻻم المذكور ﻻوجود له في شيء مِن كُتب السنة .
وأما عن عﻻج الجنون بسورة يس فهذه القصة لم تحصل والصحيح أنه قد عالَج الصحابي رجلا مجنونا بقراءة سورة الفاتحة ،
فقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن خارجة بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَكُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ، ثُمَّ تَفَلَ ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلْ ، فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ .
والحديث صححه الألباني .
ولم يصح في فضل قراءة سورة يس حديث واحد ، وقد وردت عدة أحاديث في فضائل هذه السورة ، أكثرها مكذوبة موضوعة
( إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن ( يس ) ، من قرأها فكأنما قرأ القرآن
عشر مرات )
( من قرأ سورة ( يس ) في ليلة أصبح مغفورا له )
( من داوم على قراءتها كل ليلة ثم مات مات شهيدا )
( من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) ، خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات )
ومما يرويه الناس حديث
( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته .
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك .
و القول بأن ابن تيمية قال (كنت إذا تعسر علي حفظ شئ أضعه جانبا وأفتح المصحف على ” يس ” فأقرؤها فما أن أتمها حتى ارجع للتي كنت أحفظها ... ) هذه دعوى باطلة من أساسها ، فليس في كتب ابن تيمية هذا القول المفترى ، بل إن الشيخ شدد في فتاويه بالتأكيد على عدم ورود حديث صحيح واحد في فضل سورة يس فكيف يدعون أنه كان يقرؤها لتثبيت الحفظ ؟؟!!
بل المشهور عن شيخ الإسلام ابن تيمية الإكثار من الاستغفار إذا تعذّر عليه شيء ، فإنه قال : إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنحَلّ إشكال ما أشكل . قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي .
و أما دَعْوى " الترتيب الذبذبي لحروف سورة يس " ادّعاء باطِل و هذا منهج بعض الفرق الضالة كالبهائية ممن يروجون لأسرار الحروف والأرقام .
وما هي الدراسة التي تدعي وجود عدد الثقوب في مخ الإنسان وتأثيرها في الحفظ والذاكرة ، ومن هو صاحب البحث وفي أي جامعة أو صحيفة علمية تم نشر البحث ، وإذا كان هذا على الافتراض صحيحا فما علاقة هذا الأمر بسورة يس ؟ ومن قال بهذا الربط بين السورة وعدد ثقوب المخ ؟! هذا عبث لا يقول به طالب علم فضلا عن فقيه معتبر له باع في العلم الشرعي .
والله تعالى أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق