قلنا...
إن من الناس من يأخذ كتابه بيمينه ويحاسبه الله حسابا يسيرا ومن الناس من
يأخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ويحاسبه الله حسابا عسيرا ومن الناس
من يدخل إلى الجنة مباشرة بغير حساب ولا عذاب ...
فهل يا ترى بانتهاء الحساب
تنتهي أهوال القيامة؟!!
كلا!!!!!!!!!!!
بل إذا انقضى الحساب أمر الله جل وعلا أن ينصب الميزان فإن الحساب هو
لتقريرالأعمال والميزان لإظهار مقدارها ليكون الجزاء بحسبها وليظهر عدل
الله للبشرية كلها في ساحة الحساب فتوزن أعمال المؤمن لإظهار فضله وتوزن
أعمال الكافر لإظهار خزيه وذله على رءوس الأشهاد قال عز وجل...... وما ربك
بظلام للعبيد....
والله أسأل أن يثقل موازيننا يوم نلقاه ..إنه ولي ذلك ومولاه
المـــــيزان
الميزان ....على صورته وكيفيته التي يوجد عليها هو من الغيب الذي أمر الصادق المصدوق
أن نؤمن به من غير زيادة ولا نقصان وهذه هي حقيقة الإيمان ويا خسران من
كذب بالغيب وأنكر وضع الميزان وقدح في آيات الرحيم الرحمن واستهزأ بكلام
سيد ولد عدنان ثم تطاول فقال قولة ملحد خبيث جبان... لا يعرف معني الايمان
ويتجرء علي الله ويقول .... الميزان لا يحتاج إليه إلا البقال أو
الفوال!!!!!!! فهذا حري بأن يكون ممن لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزنا
لأنه بجهله وغبائه وانغلاق قلبه ظن أن ميزان الآخرة كميزان الدنيا ومن
البديهي أن جميع أحوال الآخرة لا تكيف أبدا ولا تقاس البتة بأحوال
الدنيا..
ولقد
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله إجماع أهل السنة على الإيمان بالميزان وأن
الميزان له لسان وكِفتان وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة وقال
الإمام ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية المشهورة والذي دلت
عليه السنة أن ميزان الأعمال الذي توزن به الأعمال يوم القيامة له كفتان
حسيتان مشاهدتان والله أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات
لا
يعلم حقيقة وطبيعة وكيفية الميزان إلا الملك الرحمن وإلا فهل تستطيع أن
تتصور ميزانا يوضع في يوم القيامة يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم
...لو وزنت فيه السماوات والأرض لوزنهما؟ وكيف تتصور هذا الميزان؟قال
الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال .....يوضع الميزان يوم القيامة فلو
وزنت فيه السماوات والأرض لوسعت فتقول الملائكة إذا رأت الميزان.... يا
رب..... لمن يزن هذا؟ فيقول الملك جل وعلا لمن أشاء من خلقي.... فتقول
الملائكة... سبحانك.... ما عبدناك حق عبادتك...
. فإذا رأت الملائكة الميزان
عرفت أنها ما عبدت الرحمن حق عبادته. وهذا من شدة الرعب والهول... فإن
مشهد الميزان من أرهب مشاهد القيامة فالميزان حق
تخيل
الملائكه الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون عندما يرو
الميزان يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبدتك .. ما وفيناك يارب عبادتك
...رغم ان الملائكه جالسون للذكر فقط فمنهم المسبح ومن المستغفر ومنهم
الذاكر ومنهم القائم ومنهم الخاشع ...سبحان الله رغم ذلك كله يقولن ما
عبدناك حق عبادتك ...فماذاانت فاعل وماذا تقول ؟
فمن
ثقل ميزانه ولو بحسنة سعد سعادة لا شقاوة بعدها أبدا ومن خف ميزانه ولو
بسيئة شقي شقاوة لا سعادة بعدها أبدا أما من استوت موازينه بأن تساوت
حسناته مع سيئاته فهؤلاء على الراجح هم أهل الأعراف الذين يحبسون على
قنطرة بين الجنة والنار وهؤلاء قصرت بهم سيئاتهم فلم يدخلوا الجنة، ومنعتهم
حسناتهم من أن يدخلوا النار فحبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فإذا
التفت أهل الأعراف إلى أهل الجنة سلموا عليهم،
فلا
تحتقر أي عمل صالح وإن قل وألا تستهين بمعصية وإن صغرت فبحسنة واحدة قد
يثقل الميزان وبسيئة واحدة قد يخف الميزان بل بكلمة واحدة قد تنال رضوان
الرحمن وبكلمة واحدة قد تنال سخط الجبار سبحانه وتعالى
ففي الصحيحين من
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العبد ليتكلم بالكلمة
من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم
بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم....
وقال صلي الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقي اخاك بوجه طليق ..... وقال ايضا اتقوا النار ولو بشق تمره ...
فلا
تحتقر اي عمل تفعله او اي كلمه تقولها .....فقد يستهين كثير منا
بخطورة الكلمة وكم من كلمات أشعلت حروبا بين أمم ودول.....بل بكلمة يهدم
بيت.... وبكلمة يدخل المرء دين الله... وبكلمة يخرج المرء من دين الله...
وبكلمة يستحل الرجل فرج امرأة....وبكلمة يحرم عليه فرجها.. فالكلمة لها
خطرها في دين الله..... فبكلمة تنال الرضوان.....وبكلمة قد يتعرض المرء
لسخط الرحمن..... فحسنة قد تدخل العبد الجنة.... لأنها تثقل ميزانه....
وسيئة قد تدخل العبد النار.... لأن بها يخف ميزانه عند الملك القهار جل
وعلا........لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق.... فلا
تقل: هذا عمل بسيط.... وهذه طاعة صغيرة أو حقيرة فكم من عمل صغير عظمته
النية وكم من عمل عظيم صغرته النية فلو تصدقت بجنيه واحد لله والله يعلم
فقرك ويعلم منك حاجتك له... فربما سبق جنيهك هذا ملايين الجنيهات لغيرك من
الأغنياء... والله أعلم بحالك وحالهم............ فلا تحقرن من المعروف
شيئا
فإن
عجزت عن بعض الأشياء فإنك لن تعجز أن تهش وتبش في وجه إخوانك ولو أن
تلقاهم بوجه طليق فما من بيت يخلو من المشاكل ولكن ما ذنب إخوانك إن خرجت
إليهم بوجه عبوس فكن كما قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لا تحقرن
من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق....
فقد
ينجو العبد من النار بشق تمرة فإن ثقل الميزان بحسنة سعد صاحب هذه الحسنة
سعادة لا شقاوة بعدها أبدا ...
وإن خف الميزان بسيئة شقي العبد شقاوة لا
سعادة بعدها أبدا...
وإن تساوت الموازين فهؤلاء هم أهل الأعراف والراجح من
أقوال كثيرة لأهل العلم..... أن الله جل وعلا يتغمدهم برحمته... فيدخلهم
الجنة.
ما الذي يوزن في الميزان؟
اختلف
العلماء في الشئ الذي يوضع في الميزان ويوزن فمنهم من قال الاعمال ومنهم
من قال العبد ومنهم من قال الصحف ..... فهيا بنا لنري دليل كل من
ذلك
الرأي الأول : الأعمال
من
قال ان الاعمال هي التي توزن ... اي اعمال العبد من صلاة وصيام وزكاة
وحج وصدقة وبر وعمرة واحسان وذكر الله واستغفار والصلاه علي رسول الله
والنوافل والتصدق واعمال الخير التي يفعلها العباد وغير ذلك وقد
اعترض البعض علي ذلك فقالوا .... هذه الأعمال أعراض لا أجسام والأعراض
لا توزن ولا توضع في الميزان فكيف توزن الصلاة وهى ليست جسما؟ وكيف توزن
الزكاة؟ وكيف يوزن الحج؟ وكيف توزن الصدقة؟ وكيف يوزن بر الوالدين؟! فهذه
الأعمال أعراض لا أجسام والأعراض لا توزن في الميزان فكيف تقولون بأن
الأعمال هي التي توزن يوم القيامة؟
فكان
الرد جميلا ...... أن الله جل وعلا يوم القيامة يحول الأعراض إلى أجسام
توضع في الميزان فيخف الميزان ويثقل بحسب الحسنات والسيئات... فكيف من
يجعل الكافر يمشي علي بطنه كيف لا يستطيع ان يحول الاعمال من اعراض الي
اجسام فسبحانه يقول للشيئ كن فيكون .... فمن استطاع ان يخلق الانسان من
عدم قادر علي ان يحول اعماله من اعراض الي اجسام ....
قال
صلى الله عليه وسلم قال ......كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في
الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم..
فهذه
كلمة يثقل الله بها الميزان وأما كيف؟ فنقول يحول الله الأعراض إلى أجسام
وتوضع في الميزان فيثقل الميزان ويخف بحسب الحسنات والسيئات.
قال
صلى الله عليه وسلم قال ....ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة
من حسن الخلق....
فحسن الخلق أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة.
وقال
صلي الله عليه وسلم الطهور شطر الايمان والحمدلله تملأ الميزان وسبحان
الله والحمدلله تملأ ما بين السماء والارض ......
وقال ايضا من احتبس
فرسا في سبيل الله ايمانا بالله وتصديقا بوعده كان شبعه وريه وروثه وبوله
حسنات في ميزانه يوم القيامه ....
.. فالأعراض تتحول إلى أجسام وتوضع في
الميزان يوم القيامة ويثقل الميزان ويخف بحسب الحسنات والسيئات هذه أدلة
أصحاب القول الأول الذين قالوا إن الأعمال هي التي توزن في الميزان يوم
القيام
القــــــــــــــــــول الثاني يزن العامل نفسه :
قالو
أن الذي يوزن في الميزان هو العامل نفسه...... وليس الأعمال... الشخص
نفسه هو الذي يوضع في الميزان .... سبحانك ربي ... فاما ان يثقل ميزانه
زاما ان يخف ميزان واما ان تستوي حسناته مع سيئاته فكل علي قدره ما عمل
في الدنيا ..... ولكن هل معني ذلك ان الرجل الغليظ الثمين يزن عن
الرجل النحيف ؟؟؟
كلا
والله .... فرب رجل غليظ ذو شحم ولحم اوزانه فيالدنيا اطيان ولكن
لا يساوي عند الله شيئا .....رب رجل كبير قبيله او كبير بلده او
كبير قريه في الدنيا ولكن عند الله لا يساوي شيئا ....
وهذ
تأكيد لكلامنا قول حبيبنا وتعلمون جميعا من هو حبيبنا صلي الله عليه
وسلم .....فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنه ليأتي
الرجل السمين العظيم فلا يزن عند الله يوم القيامة جناح بعوضه
أي.. أنه
يؤتى برجل سمين عظيم منتفخ يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله
جناح بعوضة.... إذ إن الموازين إذا وضع فيها العباد لا تخف ولا تثقل بحسب
ضخامة الأبدان وكثرة الشحم والدهن.... وإنما تثقل وتخف بحسب الحسنات
والسيئات وأقول.... من الظلم أن نحكم قانون الدنيا في قوانين الآخرة أو في
عالم الآخرة،
ومن
المعلوم في موازين الدنيا أن الرجل السمين العظيم إذا صعد على الميزان
يثقل فإن وضع في الكفة الأخرى رجل نحيف هزيل فإنه يخف لكن موازين الآخرة
تختلف فيوضع في الميزان الرجل السمين العظيم الذي ملأ بطنه بالحرام والذي
ملأ بطنه بأموال الناس بالباطل والذي أكل اموال اليتامي ظلما والذي ملأ
بطنه بأموال اليتامى ظلما وبهتانا والذي ملأ بطنه بالرشوة وأكل الحرام
يوضع في الميزان مع أنه منتفخ فلا يزن عند الله جناح بعوضة وفي المقابل
يؤتى برجل نحيف خفيف لو وضع في كفة ووضع جبل أحد في كفة لرجحت كفة هذا
الرجل
وهذا
مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فإنه كان رجلا ضعيف البنية نحيفا
لكنه قوي الإيمان كان رجلا خفيف الجسم والبدن لكنه ثقيل الأعمال والافعال
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه صعد ابن مسعود رضي الله عنه يوما على
شجرة أراك يجني سواكا فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم فقال المصطفى صلى الله
عليه وسلم مم تضحكون؟ قالوا نضحك من دقة ساقيه يا رسول الله فقال والذي
نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد..
مر
على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم رجل فقال النبي صلى الله عليه واله
وسلم ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا نقول هذا من أشرف الناس هذا حري إن
خطب أن يخطب وان شفع ان يشفع وان قال ان يسمع لقوله.فسكت النبي صلى الله
عليه واله وسلم ومر رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم ما تقولون
في هذا؟قالوا نقول والله يا رسول الله هذا من فقراء المدينة هذا حري ان خطب
لم ينكح وان شفع لا يشفع وان قال لا يسمع لقوله فقال النبي صلى الله عليه
واله وسلم هذا (أي الفقير) خير من ملء الأرض من مثل هذا (أي من الغني)
القول الثـالــث: أن الذي يوزن في ميزان العبد يوم القيامة هي الصحف.
ومعني
ذلك ان الله سبحانه وتعالي هندما يوضع الميزان علي ارض المحشر فتوزن
صحفك وسجلاتك من يوم ان سطرت عليك الملائكه الحسنات والسيئات فتوضع
الصحف والسجلات فتوزن ... فان ثقلت صحف حسناتك فكنت ممن ثقلت موازينهم
وان ثقلت سيئاتك علي حسناتم فكنت ممن خفت موازينهم وان تساوت حسناتك مع
سيئاتك فأنت من أهل الاعراف الذين يتغمدهم الله برحمته ويدخلهم الجنه
..واستدلوا
بهذا الحديث الشريف .....
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال إن الله تعالى سيخلص رجلا من أمتي يوم القيامة على
رءوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مثل مد البصر، فيقول الله
جل وعلا للعبد أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول العبد لا
يا رب! فيقول أفلك عذر؟ فيقول العبد لا يا رب فيقول الله جل وعلا بلى إن لك
عندنا حسنة، فتخرج بطاقة مكتوب فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله فيقول العبد يا رب! ما هذه البطاقة إلى جوار هذه
السجلات؟! فيقول الله جل وعلا احضر وزنك فإنه لا ظلم عليك اليوم فتوضع
السجلات أي الصحف في كفة وتوضع البطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت
البطاقة فإنه لا يثقل مع اسم الله شيء
أسأل
الله جل وعلا أن يثقل موازيننا يوم نلقاه في يوم لا ينفع فيه مال ولا
بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. .......ثم..... ماذا بعد الميزان؟!
إن
الحساب لتقرير الأعمال وإن الوزن لإظهار مقدارها ليكون الجزاء بحسبها
فإذا وزنت الأعمال وتقرر الجزاء وما بقي إلا أن يلقى كل واحد مصيره فيأمر
الملك جل وعلا أن ينصب الصراط على متن جهنم ليمر عليه المتقون إلى جنات
ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدرا ليمر عليه المتقون إلى جنات عدن وليمر
عليه المشركون والمجرمون إلى نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق