ما
الذي ينفع المسلم بعد وفاته؟؟
أولا : ما ينفعه من كسب غيره
الصلاة عليه قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ما من رجل مسلم يموت، فيقام
على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه وقال
صلى الله عليه وسلم : ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة
كلهم يشفعون له إلا شُفّعوا فيه ومقصود الصلاة على الجنازة هو الدعاء
للميت وأفضل ما جاء من الصيغ وأجمعها حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول
اللهم اغفر له وارحمه وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله
بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس،
وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه،
وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار . قال الراوي: حتى
تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت
الوقوف
عند قبر الميت والدعاء له والاستغفار لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: « بسم الله،
وعلى سنة رسول الله » ولحديث عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال: كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: إستغفروا
لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل
الدعاء للميت عند زيارة المقابر لقوله صلى الله عليه وسلم إذا زار
المقابر: «السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله
المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» (رواه مسلم).قال
النووي : «أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصل ثوابه إليهم».
وذكر الشيخ القاسمي: «إن من حقوق الاخوة والصحبة أن تدعو له في حياته
ومماته، بكل ما يحبه لنفسه ولأهله وكل متعلق به، كما تدعو لنفسك
دعاء
المسلمين خاصّهم وعامّهم له لقوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «دعوة
المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه
بخير، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل»
المسارعة في قضاء الدين عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: « نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه» قضاء
ما عليه من نذر، وصيام، وغيره عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
استفتى سعد بن عبادة رضي الله عنه ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر
كان على أُمِّهِ، توفيت قبل أن تقضيه، فقال: «اقضه عنها » (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام، صام عنه وليه» (متفق عليه).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فهذه الأحاديث الصحيحة صريحة في أن يصام عن
الميت ما نذر، وأنه شبّه ذلك بقضاء الدين، والدين يصح قضاؤه من كل أحد، فدل
على أنه يجوز أن يُفعل ذلك من كل أحد، لا يختص ذلك بالولد» (مجموع الفتاوى
24/310 ـ 311) باختصار. قال النووي: «أجمع المسلمون على صحة النذر ووجوب
الوفاء به إذا كان الملتزم طاعة». قال ابن القيم: «يصام عنه النذر دون
الفرض الأصلي، وهذا قول ابن عباس وأصحابه، وهذا الصحيح، لأن فرض الصيام جار
مجرى الصلاة، فكما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يُسْلِمُ أحد عن أحد فكذلك
الصيام، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين، فيقبل قضاء الولي له
كما يقضي دينه وهذا محض الفقه
الصدقة
عن الميت عن عائشة -رضي الله عنها-: «أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها ـ ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها
أجر إن تصدقت عنها ولي أجر؟ قال: نعم، فتصدق عنها» (رواه البخاري، ومسلم).
قال الإمام النووي: «الصدقة عن الميت تنفع الميت، ويصله ثوابها وهو كذلك
بإجماع العلماء». قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فلا نزاع بين علماء السنة
والجماعة في وصول ثواب العبادات المالية، كالصدقة والعتق، فإذا تبرع له
الغير بسعيه نفعه الله بذلك، كما ينفعه بدعائه له، والصدقة عنه، وهو ينتفع
بكل ما يصل إليه من كل مسلم، سواء كان من أقاربه، أو غيرهم كما ينتفع بصلاة
المصلين عليه، ودعائهم له عند قبره
•
الحج عن الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم للتي قالت: «إن أمي نذرت أن
تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ فقال: حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك
دين، أكنتِ قاضيته عنها؟ أُقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» (رواه البخاري،
ومسلم). عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ «أن امرأة قالت: يا رسول الله: إن أمي
ماتت ولم تحج، أفيجزي أو يقضي أن أحج عنها؟، قال: نعم» (رواه مسلم). قال
شيخ الإسلام ابن تيمية: «ففي هذه الأحاديث الصحيحة أنه أمر بحج الفرض عن
الميت، وبحج النذر، كما أمر بالصيام، وأن المأمور تارة يكون ولداً، وتارة
يكون أخاً، وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين يكون على الميت،
والدين يصح قضاؤه من كل أحد، وأما الحج فيجزي عند عامتهم ليس فيهم إلا
اختلاف شاذ» (مجموع الفتاوى 24/310 ـ 311) بتصرف. قال الإمام ابن القيم
:«مرد هذا أنه لا يحج عنه، ولا يزكى عنه إلا إذا كان معذوراً بالتأخير، فلا
ينفعه أداء غيره لفرائض الله التي فرَّط فيها حتى مات
ثانياً: ما ينفع الميت من كسبه • ما خلّفه من بعده من آثار صالحة، وصدقات جارية لقوله تعالى: {ونكتب ما قدموا وآثارهم} (يس / 12).
قال ابن كثير: «نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم وآثارهم التي آثروها من بعدهم فنجزيهم على ذلك أيضاً إن خيراً فخير وإن شراً فشر».
ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}: «وهذا
حق فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه ويستحقه، كما أنه إنما يملك من
المكاسب ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، لكن
هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره» (مجموع الفتاوى
24/312).
• صدقة جارية أو علم ينتفعه به أو ولد صالح يدعو له ..
لقوله
صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث، إلا من
صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم).
قال
شيخ الإسلام: «لم يقل أنه لم ينتفع بعمل غيره.. فإذا دعا له ولده كان هذا
من عمله الذي لم ينقطع، وإذا دعا له غيره لم يكن من عمله، لكنه ينتفع به
توريث المصاحف، وبناء المساجد والبيوت لابن السبيل، وإجراء الأنهار
لقوله
صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً
علّمه ونشره أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو
بيتاً بناه لإبن السبيل، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته
وحياته، وتلحقه من بعد موته» (أخرجه ابن ماجه وغيره، وحسنه الألباني). قال
الإمام النووي: «أجمع المسلمون على صحة وقف المساجد والسقايات، وأن الوقف
لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وإنما يتبع فيه شروط الواقف، وفيه فضيلة الوقف
وهي الصدقة الجارية» (شرح مسلم 11/86) بتصرف. قال المناوي: «هذه الأعمال
يجري على المؤمن ثوابها من بعد موته، فإذا مات انقطع عمله إلا منها
إذا سنَّ الميت سنة حسنة، أو دعا إلى هُدى
لقوله
صلى الله عليه وسلم: «من سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، ومثل أجر
من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً» (أخرجه مسلم). قال
النووي: «هذا الحديث صريح في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة، وتحريم سن
الأمور السيئة، وسواء كان ذلك تعليم علم، أو عبادة، أو آداب أو غير ذلك،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «عمل بها بعده»، معناه أنه سنها سواء كان العمل
بها في حياته أو بعد موته والله أعلم
الغرس
والزرع عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير، أو إنسان، أو
بهيمة إلا كان له به صدقة» (أخر جه البخاري، ومسلم).وقال صلى الله عليه
وسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سُرق منه له
صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا
يرزؤه أحد إلا كان له صدقة» (رواه مسلم) ومعنى «ولا يرزؤه» أي ينقصه ويأخذ
منه. قال النووي: «في الأحاديث فضيلة الغرس، وفضيلة الزرع، وأن أجر فاعلي
ذلك مستمر مادام الغرس والزرع، وما تولد منه إلى يوم القيامة
يتابع من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق