عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بدأ
الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) فهو حديث صحيح ثابت
عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى:
(قيل: يا رسول الله! من الغرباء؟ قال: الذين يَصْلِحون إذا فسد الناس) وفي
لفظ آخر: (يُصلِحون ما أفسد الناس من سنتي) وفي لفظ آخر: (هم النزاع من
القبائل)، وفي لفظ آخر: (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير)،
فالمقصود
أن الغرباء هم أهل الاستقامة، فطوبى للغرباء، أي الجنة والسعادة للغرباء
الذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال، و...... الأمور، وقل أهل
الخير، ثبتوا هم على الحق، واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله، وأخلصوا
له في العبادة، واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور
الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ -أي ما تطلبون- نُزُلًا مِّنْ
غَفُورٍ رَّحِيمٍ[فصلت: 30-32].
فالإسلام بدأ غريباً في مكة لم يؤمن به إلا
القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وآذوه
-عليه الصلاة والسلام-، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل المدينة
مهاجراً وانتقل معه من قدم من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في
المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن فتح
الله على نبينا مكة -عليه الصلاة والسلام-. فأوله كان غريباً بين الناس،
وأكثر الخلق على كفر بالله، والشرك بالله، وعبادة الأصنام والأنبياء
والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك، ثم هدى الله من هدى على يد رسوله
محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى يد أصحابه، فدخلوا في دين الله، وأخلصوا
العبادة لله، وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين، وأخلصوا
لله العبادة، فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يُصلى إلا له، ولا يسجدون
إلا له، ولا يتوجهون بالدعاء والاستغاثة وطلب الشفاء إلا له -سبحانه
وتعالى-، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم مددا، ولا يستغيثون بهم،
ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار، ولا بالكواكب والجن والملائكة،
بل لا يعبدون إلا الله وحده -سبحانه وتعالى-. فهؤلاء هم الغرباء، وهكذا في
آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عند دين
الله، عندما يكفر الناس، عندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء
على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة، ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا
والآخرة. أحسن الله إليكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق