احكام الوصية قبل الموت ؟؟
والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعـــــــــــــد.. ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....
اخوتي سنتحدث اليوم عن الوصية قبل الموت...
وحقيقة هو سؤال اتاني من اخ فاضل بارك الله فيه وجعله في ميزان حسناته ..
لان الدال علي الخير كفاعله او كما قال صل الله عليه وسلم ....
جميل جدا ان يسال الانسان لينتفع هو ولينتفع غيره ....
اخوتي سألخص لكم اقوال اهل العلم في هذه المسألة .....
أن الإنسان كما تعلمون لا يعرف متى ينقضي أجله، ولا يعرف سرعة انقضاء أجله قد يبقى في الفراش سنوات طويلة وقد يخطف خطفاً بين ثانيةٍ أو ثانيتين إذا هو من أهل القبور، والإنسان حينما يعمل هناك مصالح وهناك علاقات مالية وهناك ديون، وهناك قروض وهناك بيان باسمك ليس لك، وهناك عقد صوري وهناك عقد حقيقي، طبيعة الحياة معقدة جداً، هناك علاقات مالية مترابطة، والإنسان إذا ضمن أن يعيش إلى سنتين قادمتين لا يوجد مانع أما إذا تيقنا جميعاً أن الموت أقرب إلينا من حبل الوريد، أقرب إلينا من غمضة عين إذاً ينبغي أن نحدد كل العلاقات وكل الحقوق وكل الالتزامات، وكل الديون، وكل العقود الصورية قبل أن نموت فلذلك هناك ضرورة ماسة لموضوع الوصية،
أولاً الوصية مأخوذة من وصيت الشيء، أوصيته إذاً أوصلته، الإنسان له أعمال صالحة.
تنقضي عند موته، إلا أنه إذا وصى يمكن أن يستمر عمله الصالح إلى ما بعد الموت، فالوصية شأنها استمرار العمل الصالح، يعني وأنت حي لك أن تعمل الصالحات وبعد الموت يمكن أن يستمر عملك الصالح....
أما في الشرع:-فقد اختلفت عبارات الفقهاء فيها:-
فقال بعض العلماء / الوصية هي هبة الإنسان غيره عيناً أو ديناً أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد الموت.
أو بعبارة أخرى:-هي التبرع بالمال بعد الموت.
دليل مشروعية الوصية:-
جاءت نصوص الكتاب والسنة على مشروعية الوصية وعلى مشروعيتها انعقد إجماع الأمة:-
أما دليل الكتاب:-
فقول الله تعالى-(كتِبَ عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين).
أما دليل مشروعيتها من السنة:-
ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-((ما حق امرئ مسلم له شئ يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده قال ابن عمر: ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول ذلك إلا وعندي وصيتي))...
فمن أراد أن يوصي من ماله فعليه المبادرة بكتابة وصيته قبل أن يفاجئه الأجل، وعليه الاعتناء بتوثيقها والإشهاد عليها، وهذه الوصية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الوصية الواجبة، كالوصية ببيان ما عليه وما له من حقوق، كدين أو قرض أو قيام بيوع، أو أمانات مودعة عنده، أو بيان حقوق له في ذمم الناس. فالوصية في هذه الحالة واجبة؛ لحفظ أمواله وبراءة ذمته، ولئلا يحصل نزاع بين ورثته بعد موته وبين أصحاب تلك الحقوق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، أخرجه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري.... ومعني واجبة اي يأثم ان لم تنفذ فهي في رقبته ويجب علي ورثته ان ينفذوا هذه الوصية ...
القسم الثاني: الوصية المستحبة، وهو التبرع المحض، كوصية الإنسان بعد موته في ماله بالثلث فأقل لقريب غير وارث أو لغيره أو الوصية في أعمال البر من الصدقة على الفقراء والمساكين أو في وجوه الخير، كبناء المساجد والأعمال الخيرية؛ لما رواه خالد بن عبيد السلمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم ،...... رواه الطبراني وإسناده حسن، وأخرج الإمام أحمد في مسنده نحوه عن أبي الدرداء، ولحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المخرج في الصحيحين قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال: يرحم الله ابن عفراء، قلت: يا رسول الله: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم ، الحديث لفظ البخاري، وفي لفظ للبخاري أيضًا: قلت: أريد أن أوصي وإنما لي ابنة، قلت: أوصي بالنصف؟ قال: النصف كثير، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير -أو- كبير قال: فأوصى الناس بالثلث وجاز ذلك لهم.......
اخوتي ان الإنسان يحتار كيف يكتب الوصية، الذي يحب أن يكتب النموذج الذي اتفق عليه العلماء في كتابة الوصية، يكتب هكذا:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به فلان بن فلانٍ أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهدَ أن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك من أهله أي يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب، إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
وبعدها يكتب البيت الفلاني، المحل الفلاني، ثلث مالي لبناء المساجد أو للجمعيات الخيرية أو لطلاب العلم الشريف، أو لنشر العلم إلى آخره، بعد هذه المقدمة، يكتب كل الطلبات........
اخوتي هناك بعض الحكم في الوصية نذكر بعضها ؟؟
ومن الحكمة في تشريعها أنها تبرأ بها ذمة الموصي مما يحدث بعد موته وبخاصة إذا كان في أماكن يكثر فيها الجهل بعقيدة التوحيد فالموصي يوصي أولاده مثلاً وكذا أقاربه ببراءته من الحالقة والشاقة واللاطمة وكذا براءته من دعوى الجاهلية الممقوتة فإذا وصى الموصي بعدم شق الجيوب ولطم الخدود وحلق الرؤوس وغيرها من الأمور المنهية شرعاً فإنه ينجو من عذاب القبر فإن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال((إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)) فان وصى بعدم هذه الأشياء وبراءته منها نجا بلا شك من عذاب القبر......للاسف اخوتي هناك من يتساهل في هذه الامور فيكون هو من يتحمل الوزر لانه لم يوصي بترئة زمته من هذه الامور ...
ومن حكمها أنها عمل ينتفع به الميت بعد موته فلو أن أحد الموصين أوصى بعمل خيري دائم النفع فهذا بلا شك ينتفع به الميت فهو رصيد دائم يزيد له في حسناته بعد مماته.
قال-صلى الله عليه وسلم-((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))....
ومن حكمها أنها أبرأ للذمة وعدم انشغالها بالديون التي على الموصي وفيها الحفاظ على مال الدائن وبراءة ذمة المدين وبهذا تظهر الحكمة بأن حقوق الآدميين محفوظة حتى وإن مات من عليه الدين ...
ومن حكمها أنها حماية للأموال ورعاية للقصر فلو أن رجلاً مات وترك ثروة مالية للورثة وبين هؤلاء الورثة قُصّر لا يحسنون التصرف في أموالهم وقد أوصى هذا الرجل بأن يكون زيد من الناس وصياً على أولاده فإن هذا الوصي يقوم مقام والدهم فيحافظ على هؤلاء القصر ويحافظ على أموالهم.
ثم إنها صدقة تصدق الله بها على الموصي بعد وفاته فينبغي إذا كان صاحب مال ألا يحرم نفسه من الخير....
ومع كونها مشروعة في الأصل إلا أن لها أربعة أحكام:
1 – فقد تكون الوصية واجبة وذلك في كل حق واجب على الموصي ليس عليه بينة كشهود يشهدون به لصاحبه، فيوصي به خشية أن يجحده الورثة، أو لا يصدقوا مدعيه، مثل أن تكون عند المرء زكاة لا يعلم بها إلا هو ولا يتمكن من إخراجها في الوقت الحاضر، أو يكون عليه لآخر دين بسبب اقتراض أو مبايعة بأجل أو شراكة بينهما في مال ولا بينة لما تقدم.
2 – وقد تكون مستحبة وذلك في غير الحقوق الواجبة مما هو مشروع كالوصية بإنفاق ثلث ماله أو أقل منه في وجوه البر.
3 – وقد تكون الوصية مباحة وذلك بالوصية ببعض ماله في الوجوه المباحة لكنها ليست من وجوه البر التي تبذل فيها الصدقة كهدية لغني.
4 – وقد تكون مكروهة أو محرمة وذلك إذا أوصى لجهة غير مباحة كالوصية لجهة لهو أو عبث، أو الوصية للأضرحة وتشييد القبور، أو الوصية بإقامة المآتم، أو إقامة الحفلات الغنائية المحرمة، أو الوصية لوارث أو بأكثر من الثلث.....
ويشترط لصحة الوصية ثلاثة شروط:
1 – أن يكون المال الموصى به حلالاً؛ فلا تصح الوصية بمال محرم؛ لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً".
2 – أن تكون في ثلث ماله أو أقل ولا يجوز بأكثر منه لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "الثلث والثلث كثير"، والمستحب أن يوصي بأقل من الثلث لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ وصفه بأنه كثير، وأوصى أبو بكر بخمس ماله وقال رضيت بما رضي الله به لنفسه الخمس. ويتأكد الاستحباب إن كان في ماله ضيق وله ورثة؛ بل ويستحب ترك الوصية إذا كان المال قليلاً لا يكاد يكفي الورثة؛ لأن الأقربين وهم الورثة أولى بالمعروف، ولقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه.
3 – أن تكون الوصية لغير وارث، لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "لا وصية لوارث" فليس لأحد أن يوصي لولده أو والده أو زوجه، وله أن يوصي لقريب له لا يرث كأخ مع وجود الابن وهكذا. وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ في حديث ابن عمر: "إلا ووصيته مكتوبة عنده" يدل على أنه ينبغي على الموصي العناية بتوثيق وصيته وحفظ محتواها من خلال أمرين: كتابة الوصية لتوثيقها وعدم الشك في شيء منها، والثاني: حفظها عنده أو عند من يثق فيه؛ لئلا تضيع....
وهذا بختصار جدا لان فعلا هذا الموضوع كبير .....
والحمد لله رب العالمين ....
—
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق