والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعــــــــــد ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي نتكلم في هذه الرساله عن صداق المرأة يعني ( المهر ) نتكلم عن العاجل منه والآجل ؟
اولا: ما معني صداق المرأة . سمي صداقاً؛ لأن بذله يدل على صدق طلب الزوج لهذه المرأة، إذ إن الإنسان لا يمكن أن يبذل المحبوب إلا لما هو مثله أو أحب، ولهذا سمي بذل المال للفقير صدقة؛ لأنه يدل على صدق باذله، وأن ما يرجوه من الثواب أحب إليه من هذا المال الذي بذله.
والصداق له أسماء كثيرة؛ وذلك لكثرة ممارسته من الناس، ومنها: المهر، والأجر، والنحلة...
وليس للصداق مقدار معين هو حسب يسر الزوج ولكن كل ما كان اخف اكان افضل وكان فيه البركة .... ورد عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وإن كان في سنده مقال: «أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة... وان كان الحديث ضعيف لكن العمل بمعناه عند اكثر اهل العلم ...... وقال عليه الصلاة والسلام: «التمس ولو خاتماً من حديد».... وقال صلى الله عليه وسلم : «خير الصداق أيسره » رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع .. أن المعنى يقتضي التيسير؛ لأن تيسير المهور ذريعة إلى كثرة النكاح، وكثرة النكاح من الأمور المطلوبة في الشرع، لما فيه من تكثير وتحقيق مباهاة النبي صلّى الله عليه وسلّم وغير ذلك من المصالح الكثيرة.. وليس الصداق يقتصر علي المال فقط .. وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَناً أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْراً وَإِنْ قَلَّ،..والمهر يمكن أن يكون مالاً – كذهب أو نقد أو متاع ، ويمكن أن يكون خدمة أو منفعة يؤديها الزوج للزوجة ، كتعليمها القرآن أو الحج بها...
ويشترط لصحة هذا النوع من المهر شروط، يفسد بفواتها أو بفوات واحد منها، وهي:
أ- أن يكون مالاً: فإذا سمى لها ميتة لم يصح المهر، لأن الميتة ليست مالاً أصلاً، ويستوي في المال هنا أن يكون عيناً أو منفعة، فيجوز أن يكون المهر عقاراً، أو ذهباً، أو سلعة، أو منفعة دار مدة محددة، أو منفعة إنسان أو منفعة حيوان، فلو سمى لها عقاراً جاز، ولو سمى لها سكنى داره سنة جاز، ولو سمى لها خدمة فلان لها مدة وهو عبده أو أجيره جاز، لأن ذلك كله مال.
ب – أن يكون متقوماً: أي يحل الانتفاع به شرعاً، فلو سمى لها خمراً أو خنزيراً فسد المهر، لأن ذلك مال غير متقوِّم.
ج – أن يكون معلوماً: فلو سمى لها مجهول القدر أو الجنس فسد المهر، كما إذا سمى لها عشرين مثقالاً ولم يبين جنسه، أو سمى لها ذهباً ولم يبين مقداره، هذا والجهالة المؤثرة هي الجهالة الفاحشة المفضية للنزاع، أما الجهالة اليسيرة فغير مؤثرة،
ثانيآ : قسم العلماء صداق الزوجة قسمين
القسم الاول العاجل منه يعني ما اخذته الزوجة قبل الدخول بها فان اخذته الزوجة قبل الدخول اصبح هذا المهر ملكها ولها كل الحرية فيه ...
والقسم الثاني المؤجل منه .. يعني ما يسمني اليوم مؤخر الصداق .. وهو ايضآ قسمين ...
القسم الاول هو المؤجل بوقت محدد .. يعني لو قال الزوج في عقد النكاح انه سيدفع الصداق بعد سنة او اكثر او اقل في وقت معين فاذا جاء وقت السداد وجب عليه الوفاء به الا ان كان ذا عسرة يعني في ضيق فلزوجة ان تمهله او تسقط عنه الصداق بالكلية فهي صاحبة الحق في هذا .. قال تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/ 4 ..... ولا مانع من أن تتنازل المرأة عن مهرها ، سواء بعد قبضه ، أم قبله ، ولكن يشترط أن يكون ذلك عن طيبٍ نفسٍ منها ، فإن أجبرت أو أُكرهت على ذلك : لم يصحَّ تنازلها ، وبقي في ذمة زوجها ..... فإذا كانت زوجتك قد أسقطت مهرها وهي راضية ، فقد برئت ذمتك منه ، ولا يجوز لها أن تعود وتطالب به ، لأن الدين إذا سقط فلا تنشغل به الذمة مرة أخرى
اما القسم الثاني من المؤجل... هو المؤجل من غير وقت محدد هذا قال فيه العلماء ان هذا الصداق يحق للزوجة ان تطالب به في حالتين الاولي في حالة الطلاق والحالة الثانية عند وفاة الزوج .....
فإن مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج كسائر الديون، فإذا توفي قبل أدائه أخذ من ماله قبل إخراج الوصايا - إن كانت ثمة وصايا ـ وقبل توزيع التركة على مستحقيها، فلو أن الميت لم يترك من المال إلا قدر مؤخر الصداق، أخذته المرأة ولا شيء لباقي الورثة، ولا لأهل الوصية إذا كانت وصية، وأخذها لما تستحقه من الدين لا يسقط حقها في الإرث، إن ترك الميت مالاً زائد على الدين....... وان ماتت الزوجة قبل ان تأخذ هذا الصداق اصبح هذا الصداق من حق الورثة فيها .....
قال العلماء ...
أمَّا إبراءُ الزَّوجة لزَوْجِها لمؤخَّر الصداق، فجائزٌ، إن كانتْ بالغةً عاقلةً رشيدةً، فيجوزُ لَها أن تُعْفِيَ زوجَها من صَداقها؛ لأنَّ لها أهليَّة التَّصرُّف في أموالِها - بكرًا كانتْ أو ثيِّبًا - عند جُمهور الفقهاء؛ قال ابن قدامة في "المغني": "وإذا عفَتِ المرأةُ عن صَداقِها الذي لها على زوجِها أو عن بعضه، أو وهبتْه له بعد قبْضِه، وهي جائزةُ الأمر في مالِها، جازَ ذلِك وصحَّ، ولا نعلم فيه خلافًا؛ لقوْلِ الله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237]، يَعْنِي الزَّوجاتِ، وقال الله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النِّساء: 4]".اهـ.
وقال القُرْطُبي في تفسيره: "واتَّفق العُلماءُ على: أنَّ المرأةَ المالِكَة لأمْرِ نفْسِها إذا وهبتْ صَداقَها لزوْجِها، نفذ ذلك عليْها".اهـ....
وفي الختام اقول لاخي الزوج عليك امران ..الامر الاول اما ان تعجل بأن تعطي زوجتك مهرها ان كان في استطاعتك ... والامر الآخر ان تسقط الزوجة هذا الدين عنك فان لم تفعل هذا ولا ذاك فعلم بان هذا الصداق دين في رقبتك الي يوم القيامة .... وهذا اليوم ليس فيه اموال ولكن فيه تبادل الحسنات بالسيئات ....
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال:" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"....... احذر اخي الحبيب من هذا ......
والحمد لله رب العالمين
—
جزاكم الله الجنه
ردحذفاللهم أمين واياكم
حذف