Our Blog

رحله علي خطي الحبيب من الميلاد الي الممات (الدرس الواحد والخمسون)

                                                               المرحلة الثالثة
وهي آخر مرحلة من مراحل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تمثل النتائج التي أثمرتها دعوته الإسلامية بعد جهاد طويل وعناء ومتاعب وقلاقل وفتن واضطرابات ومعارك وحروب دامية  واجهتها طيلة بضعة وعشرين عاما.
وكان فتح مكة هو أخطر كسب حصل عليه المسلمون في هذه الأعوام  تغير لأجله مجرى الأيام  وتحول به جو العرب فقد كان الفتح حدا فاصلا بين المدة السابقة عليه وبين ما بعده  فإن قريشا كانت في نظر العرب حماة الدين وأنصاره  والعرب في ذلك تبع لهم  فخضوع قريش يعتبر القضاء الأخير على الدين الوثني في جزيرة العرب.
ويمكن أن نقسم هذه المرحلة إلى صفحتين.
1- صفحة المجاهدة والقتال.
2- صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الإسلام.
وهاتان الصفحتان متلاصقتان تناوبتا في هذه المرحلة  ووقعت كل واحدة منهما خلال الآخرى  إلا أنا اخترنا في الترتيب الوضعي  أن نأتي على ذكر كل من الصفحتين متميزة عن الآخرى  ونظرا إلى أن صفحة القتال ألصق بما مضى  وأكثر مناسبة من الآخرى قدمناها في الترتيب.

                                                                     
                                                              1- صفحة المجاهدة والقتال.

                                                                              غزوة حنين
إن فتح مكة جاء عقب ضربة خاطفة شد لها العرب  وبوغتت القبائل المجاورة بالأمر الواقع  الذي لم يكن يمكن لها أن تدفعه  ولذلك لم تمتنع عن الإستسلام إلا بعض القبائل الشرسة القوية المتغطرسة  وفي مقدمتها بطون هوازن وثقيف واجتمعت إليها نصر وجشم وسعد بن بكر وناس من بني هلال- وكلها من قيس عيلان  رأت هذه البطون من نفسها عزا وأنفه أن تقابل هذا الإنتصار بالخضوع  فاجتمعت إلى مالك بن عوف النصري  وقررت المسير إلى حرب المسلمين.

                                                                   مسير العدو ونزوله بأوطاس
ولما أجمع القائد العام  مالك بن عوف المسير إلى حرب المسلمين ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم  فسار حتى نزل بأوطاس وهو واد في دار هوازن بالقرب من حنين  لكن وادي أوطاس غير وادي حنين  وحنين واد إلى جنب ذي المجاز  بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات  .

                                                                     مجرب الحروب يغلط رأي القائد
ولما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس  وفيهم دريد بن الصمة  وهو شيخ كبير  ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب  وكان شجاعا مجربا قال دريد: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس  قال: نعم مجال الخيل  لا حزن ضرس  ولا سهل دهس  مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير  وبكاء الصبي وثغاء الشاء؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم  فدعا مالكا وسأله عما حمله على ذلك فقال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم  فقال: راعي ضأن والله  وهل يرد المنهزم شيئا؟
إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ثم سأل عن بعض البطون والرؤساء. ثم قال: يا مالك إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم  ثم ألق الصباة على متون الخيل  فإن كانت لك لحق بك من وراءك  وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك.


ولكن مالكا- القائد العام  رفض هذا الطلب قائلا: والله لا أفعل إنك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطيعني هوازن أو لأتكأن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري  وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي  فقالوا: أطعناك. فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني.
                                                يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع
                                                أقود وطفاء الدمع ... كأنها شاة صدع

                                                                                 سلاح استكشاف العدو
وجاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للإستكشاف عن المسلمين  جاءت هذه العيون وقد تفرقت أوصالهم. قال: ويلكم ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق  والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى.

                                                              سلاح استكشاف رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونقلت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسير العدو  فبعث أبا حدرد الأسلمي  وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم  ثم يأتيه بخبرهم  ففعل.

                                                             الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر مكة إلى حنين
وفي يوم السبت  السادس من شهر شوال سنة 8 هـ  غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة  خرج في اثني عشر ألفا من المسلمين  عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة  وألفان من أهل مكة  وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام  واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها  واستعمل على مكة عتاب بن أسيد.
ولما كان عشية جاء فارس  فقال: إني طلعت جبل كذا وكذا  فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشائهم  فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله ...وتطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أبي مرثد الغنوي  . 

وفي طريقهم إلى حنين رأوا سدرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط  كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم  ويذبحون عندها ويعكفون فقال بعض أهل الجيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط  كما لهم ذات أنواط. فقال: الله أكبر قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة  قال: إنكم قوم تجهلون  إنها السنن  لتركبن سنن من كان قبلكم  .
وقد كان بعضهم قال نظرا إلى كثرة الجيش: لن نغلب اليوم  وكان قد شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                             الجيش الإسلامي يباغت الرماة والمهاجمين
انتهى الجيش الإسلامي إلى حنين ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال  وكان مالك ابن عوف قد سبقهم  فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي  وفرق كمناءه في الطرق والمداخل  والشعاب والأخباء والمضايق  وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين أول؟؟؟
طلعوا  ثم يشدوا شدة رجل واحد.
وبالسحر عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه  وعقد الألوية والرايات وفرقها على الناس،؟؟؟
عماية الصبح استقبل المسلمون وادي حنين  وشرعوا ينحدرون فيه  وهم لا يدرون بو؟؟؟
كمناء العدو في مضايق هذا الوادي  فبينما هم ينحطون إذا تمطر عليهم النبال  وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد  فانشمر المسلمون راجعين  لا يلوي أحد على أحد  وكانت هزيمة منكرة  حتى قال أبو سفيان بن حرب وهو حديث عهد بالإسلام: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر الأحمر وصرخ جبلة أو كلدة ابن الجنيد: ألا بطل السحر اليوم.
وإنحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم جهة اليمين وهو يقول: هلموا إلي أيها الناس  أنا رسول الله  أنا محمد بن عبد الله  ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين وأهل بيته.
وحينئذ ظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نظير لها. فقد طفق يركز بغلته قبل الكفار وهو يقول:
                                                          أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب.



بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان آخذا بلجام بغلته  والعباس بركابه  يكفانها  أن لا تسرع. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستنصر ربه قائلا: اللهم أنزل نصرك.

                                                       رجوع المسلمين واحتدام المعركة
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس  وكان جهير الصوت  أن ينادي الصحابة قال العباس: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها  فقالوا: يا لبيك يا لبيك  . ويذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر عليه  فيأخذ درعه  فيقذفها في عنقه  ويأخذ سيفه وترسه  ويقتحم عن بعيره  ويخلي سبيله  فيؤم الصوت  حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا.
وصرفت الدعوة إلى الأنصار  يا معشر الأنصار  يا معشر الأنصار  ثم قصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج  وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الآخرى كما كانوا تركوا الموقعة. وتجالد الفريقان مجالدة شديدة  ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ساحة القتال  وقد استحر واحتدم، فقال: الآن حمي الوطيس . ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب الأرض فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه   فما خلق الله إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا من تلك القبضة  فلم يزل حدهم كليلا وأمرهم مدبرا.

                                                                    إنكسار حدة العدو، وهزيمته الساحقة
وما هي إلا ساعات قلائل  بعد رمي القبضة  حتى انهزم العدو هزيمة منكرة  وقتل من ثقيف وحدهم نحو السبعين وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وظعن.
وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنودا لم تروها  وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين  .

                                                                              حركة المطاردة
ولما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف وطائفة إلى نخلة  وطائفة إلى أوطاس  فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري
فتناوش الفريقان القتال قليلا ثم انهزم جيش المشركين  وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري.
وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة  فأدركت دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع.
وأما معظم فلول المشركين الذين لجأوا إلى الطائف  فتوجه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه بعد أن جمع الغنائم.
الغنائم
وكانت الغنائم: السبي ستة آلاف رأس  والإبل أربعة وعشرون ألفا  والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمعها  ثم حبسها بالجعرانة  وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري  ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف.
وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية  أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة  فلما جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت له نفسها فعرفها بعلامة فأكرمها  وبسط لها رداءه  وأجلسها عليه  ثم من عليها  وردها إلى قومها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.