وفد قريش إلى أبي طالب
قال ابن إسحاق . مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب .
فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا
وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما
نحن عليه من خلافة فنكفيكه.
فقال لهم أبو طالب قولا رقيقا وردهم ردا
جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه
يظهر دين الله ويدعو إليه
المجلس الإستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة:
وخلال هذه الأيام أهم قريشا أمر آخر وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه
إلا أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم
فرأت أنه لا بد من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم
حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة
يتداولون في تلك الكلمة فقال لهم الوليد:أجمعوا فيه رأيا واحدا ولا
تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاويرد قولكم بعضه بعضا
قالوا: فأنت فقل
قال: بل أنتم فقولوا! أسمع.
قالوا: نقول: كاهن
قال: لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه
قالوا: فنقول: مجنون. قال:ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه ما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته.
قالوا:فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر
قالوا: فنقول: ساحر. قال: ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم.
قالوا: فما نقول؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه
لجناة وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه
لأن تقولوا: ساحر. جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه
وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك ..
وتفيد بعض
الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له قالوا: أرنا رأيك الذي لا
غضاضة فيه فقال لهم: أمهلوني حتى أفكر في ذلك فظل الوليد يفكر ويفكر حتى
أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفا..
وفي الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة آية
من سورة المدثر (من 11 إلى 16) وفي خلالها صور كيفية تفكيره فقال: إنه
فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر. ثم نظر. ثم عبس وبسر. ثم أدبر
واستكبر. فقال إن هذا إلا سحر يؤثر. إن هذا إلا قول البشر.
وبعد أن
اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه فجلسوا بسبل الناس حين قدموا
الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره .
والذي تولى
كبر ذلك هو أبو لهب فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الناس إذا
وافى الموسم في منازلهم وفي عكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى الله وأبو
لهب وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب .
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق