Our Blog

رحله علي خطي الحبيب من الميلاد الي الممات (الدرس السابع والخمسون)





زوجات النبي صلي  الله  عليه وسلم والحكمه في التعدد



1- كان البيت النبوي في مكة قبل الهجرة يتألف منه عليه الصلاة والسلام  ومن زوجته خديجة بنت خويلد  تزوجها وهو في خمس وعشرين من سنه وهي في الأربعين  وهي أول من تزوجها من النساء  ولم يتزوج عليها غيرها وكان له منها أبناء وبنات  أما الأبناء فلم يعش منهم أحد  وأما البنات فهن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة  فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها أبو العاص بن الربيع وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه الواحدة بعد الآخرى  وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد  ومنها كان الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ممتازا عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات لأغراض كثيرة  فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة  منهن تسع مات عنهن  واثنتان توفيتا في حياته  إحداهما خديجة  والآخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة واثنتان لم يدخل بهما  وها هي أسماؤهن وشيء عنهن.


2- سودة بنت زمعة:


 تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة عشر من النبوة  بعد وفاة خديجة بأيام وكانت قبله عند ابن عم لها يقال له السكران بن عمرو  فمات عنها.


3- عائشة بنت أبي بكر الصديق
 تزوجها في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة  بعد زواجه بسودة بسنة  وقبل الهجرة بسنتين وخمسة أشهر  تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها في شوال بعد الهجرة بسبعة أشهر في المدينة  وهي بنت تسع سنين  وكانت بكرا ولم يتزوج بكرا غيرها  وكانت أحب الخلق إليه  وأفقه نساء الأمة  وأعلمهن على الإطلاق.


4- حفصة بنت عمر بن الخطاب
  تأيمت من زوجها خنيس بن حذافة السهمي بين بدر وأحد  فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 3 هـ.


5- زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر بن صعصعة
  وكانت تسمى أم المساكين  لرحمتها إياهم ورقتها عليهم  كانت تحت عبد الله بن جحش  فاستشهد في أحد، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ. ماتت بعد الزواج بشهرين أو ثلاثة أشهر.


6- أم سلمة هند بنت أبي أمية
، كانت تحت أبي سلمة، فمات عنها في جمادي الآخرى سنة 4 هـ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال من نفس السنة.


7- زينب بنت جحش بن رباب من بني أسد بن خزيمة
  وهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم  وكانت تحت زيد بن حارثة  الذي كان يعتبر ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم  فطلقها زيد  فأنزل الله تعالى يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها  وفيها نزلت من سورة الأحزاب آيات فصلت قضية التبني  وسنأتي على ذكرها  تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.


8- جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق من خزاعة
  كانت في سبي بني المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس  فكاتبها  فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها  وتزوجها في شعبان سنة 6 هـ.


9- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان
  كانت تحت عبيد الله بن جحش  هاجرت معه إلى الحبشة  فارتد عبيد الله وتنصر  وتوفي هناك  وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها  فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري بكتابه إلى النجاشي في المحرم سنة 7 هـ.
خطب عليه أم حبيبة فزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة.


10- صفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل
  كانت من سبي خيبر  فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه  فأعتقها وتزوجها بعد فتح خيبر سنة 7 هـ.


11- ميمونة بنت الحارث
  أخت أم الفضل لبابة بنت الحارث  تزوجها في ذي القعدة سنة 7 هـ، في عمرة القضاء  بعد أن حل منها على الصحيح.
فهؤلاء إحدى عشرة سيدة تزوج بهن الرسول صلى الله عليه وسلم  وبنى بهن وتوفيت منهن اثنتان  خديجة وزينب أم المساكين  في حياته  وتوفي هو عن التسع البواقي.



وأما الإثنتان اللتان لم يبن بهما  فواحدة من بني كلاب  وأخرى من كندة  وهي المعروفة بالجونية  وهناك خلافات لا حاجة إلى بسطها.


وأما السراري فالمعروف أنه تسرى باثنتين إحداهما: مارية القبطية  أهداها له المقوقس فأولدها ابنه إبراهيم  الذي توفي صغيرا بالمدينة في حياته صلى الله عليه وسلم  في 28/ أو 29 من شهر شوال سنة 10 هـ وفق 27 يناير سنة 632 م. والسرية الثانية هي: ريحانة بنت زيد  . النضرية أو القرظية  كانت من سبايا قريظة  فاصطفاها لنفسه  وقيل: بل هي من أزواجه صلى الله عليه وسلم  أعتقها فتزوجها  والقول الأول رجحه ابن القيم. وزاد أبو عبيدة اثنتين أخريين  جميلة أصابها في بعض السبي وجارية وهبتها له زينب بنت جحش  .
ومن نظر إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عرف جيدا أن زواجه بهذا العدد الكثير من النساء في أواخر عمره بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عاما من ريعان شبابه وأجود أيامه مقتصرا على زوجة واحدة شبه عجوز  خديجة ثم سودة عرف أن هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغتة في نفسه قوة عارمة من الشبق  لا يصبر معها إلا بمثل هذا العدد الكثير من النساء بل كانت هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من الغرض الذي يحققه عامة الزواج.



فاتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصاهرة أبي بكر وعمر بزواجه بعائشة وحفصة  وكذلك تزويجه ابنته فاطمة بعلي بن أبي طالب  وتزويجه ابنته رقية ثم أم كلثوم بعثمان بن عفان  يشير إلى أنه يبغي من وراء ذلك توثيق الصلات بالرجال الأربعة  الذين عرف بلاءهم وفداءهم للإسلام في الأزمات التي مرت به  وشاء الله أن يجتازها بسلام.


وكان من تقاليد العرب الإحترام للمصاهرة  فقد كان الصهر عندهم بابا من أبواب التقرب بين البطون المختلفة  وكانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعارا على أنفسهم  فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بزواج عدة من أمهات المؤمنين أن يكسر سورة عداء القبائل للإسلام ويطفئ حدة بغضائها  كانت أم سلمة من بني مخزوم  حي أبي جهل وخالد بن الوليد  فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقف خالد من المسلمين موقفه الشديد بأحد  بل أسلم بعد مدة غير طويلة طائعا راغبا وكذلك أبو سفيان لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة  وكذلك لا نرى من قبيلتي بني المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية وصفية؛ بل كانت جويرية أعظم النساء بركة على قومها  فقد أطلق الصحابة أسر مائة بيت من قومها حين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم  وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يخفى ما لهذا المن من الأثر البالغ في النفوس.

وأكبر من كل ذلك وأعظم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتزكية وتثقيف قوم لم يكونوا يعرفون شيئا من آداب الثقافة والحضارة والتقيد بلوازم المدينة، والمساهمة في بناء المجتمع وتعزيزه.

 والمبادئ التي كانت أسسا لبناء المجتمع الإسلامي  لم تكن تسمح للرجال أن يختلطوا بالنساء  فلم يكن يمكن تثقيفهن مباشرة مع المراعاة لهذه المبادئ  مع أن مسيس الحاجة إلى تثقيفهن لم يكن أهون وأقل من الرجال  بل كان أشد وأقوى.



وإذن فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم سبيل إلا أن يختار من النساء المختلفة الأعمار والمواهب ما يكفي لهذا الغرض  فيزكيهن ويربيهن  ويعلمهن الشرائع والأحكام  ويثقفهن بثقافة الإسلام حتى يعدهن لتربية البدويات والحضريات  العجائز منهن والشابات فيكفين مؤنة التبليغ في النساء.


وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير في نقل أحواله  صلى الله عليه وسلم  المنزلية للناس  خصوصا من طالت حياته منهن كعائشة، فإنها روت كثيرا من أفعاله وأقواله.



وهناك نكاح واحد كان لنقض تقليد جاهلي متأصل  وهي قاعدة التبني. وكان للمتبنى عند العرب في الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن الحقيقي سواء بسواء. وكانت قد تأصلت تلك القاعدة في القلوب  بحيث لم يكن محوها سهلا  لكن كانت تلك القاعدة تعارض معارضة شديدة للأسس والمبادئ التي قررها الإسلام في النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من المعاملات  وكانت تلك القاعدة تجلب كثيرا من المفاسد والفواحش التي جاء الإسلام ليمحوها عن المجتمع.


ولهدم تلك القاعدة أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينكح ابنة عمته زينب بنت جحش  وكانت تحت زيد  ولم يكن بينهما توافق  حتى هم زيد بطلاقها  وذلك في ساعة تألب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف دعاية المنافقين والمشركين واليهود وما يثيرونه من الوساوس والخرافات ضده وما يكون له من الأثر السيئ في نفوس ضعفاء المسلمين  فأحب ألايطلق زيد  حتى لا يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الإمتحان.


ولا شك أن هذا التردد والإنحياز كان لا يطابق مطابقة تامة للعزيمة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم  فعاتبه الله على ذلك وقال: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه:أمسك عليك زوجك واتق الله، وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه . .

وأخيرا طلقها زيد  وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام فرض الحصار على بني قريظة بعد أن انقضت عدتها. وكان الله قد أوجب عليه هذا النكاح  ولم يترك له خيارا ولا مجالا حتى تولى الله ذلك النكاح بنفسه يقول: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ... وذلك ليهدم قاعدة التبني فعلا كما هدمها قولا: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله...... ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ...

وكم من التقاليد المتأصلة الجازمة لا يمكن هدمها أو تعديلها لمجرد القول  بل لا بد له من مقارنة فعل صاحب الدعوة  ويتضح ذلك بما صدر من المسلمين في عمرة الحديبية  كان هناك أولئك المسلمون الذين رآهم عروة بن مسعود الثقفي لا يقع من النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا في يد أحدهم  ورآهم يتبادرون إلى وضوئه حتى كادوا يقتتلون عليه  نعم كان أولئك الذين تسابقوا إلى البيعة على الموت أو على عدم الفرار تحت الشجرة  والذين كان فيهم مثل أبو بكر وعمر  لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولئك الصحابة المتفانين في ذاته  بعد عقد الصلح  أن يقوموا فينحروا هداهم لم يقم لامتثال أمره أحد  حتى أخذه القلق والإضطراب  ولكن لما أشارت عليه أم سلمة أن يقوم إلى هديه فينحر  ولا يكلم أحدا ففعل  تبادر الصحابة إلى إتباعه في فعله فتسابقوا إلى نحر جزورهم. وبهذا الحادث يتضح جليا ما هو الفرق بين أثري القول والفعل لهدم قاعدة راسخة.


وقد أثار المنافقون وساوس كثيرة  وقاموا بدعايات كاذبة واسعة حول هذا النكاح  أثر بعضها في ضعفاء المسلمين  لا سيما أن زينب كانت خامسة أزواجه صلى الله عليه وسلم  ولم يكن يعرف المسلمون حل الزواج بأكثر من أربع نسوة  وأن زيدا كان يعتبر ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم  والزواج بزوجة الابن كان من أغلظ الفواحش  وقد أنزل الله في سورة الأحزاب حول الموضوعين ما شفى وكفى وعلم الصحابة أن التبني ليس له أثر عند الإسلام  وأن الله تعالى وسع لرسوله صلى الله عليه وسلم في الزواج ما لم يوسع لغيره لأغراضه النبيلة الممتازة.


هذا  وكانت عشرته صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين في غاية الشرف والنبل والسمو والحسن  كما كن في أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزواج  مع أنه كان في شظف من العيش لا يطيقه أحد. قال أنس: ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله  ولا رأى شاة سميطا بعينه قط  . وقالت عائشة: إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين  وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقال لها عروة: ما كان يعشيكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء  .والأخبار بهذا الصدد كثيرة. ومع هذا الشظف والضيق لم يصدر منهن ما يوجب العتاب إلا مرة واحدة  حسب مقتضى البشرية  وليكون سببا لتشريع الأحكام  فأنزل الله آية التخيير يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ..... وكان من شرفهن ونبلهن أنهن آثرن الله ورسوله  ولم تمل واحدة منهن إلى اختيار الدنيا.


وكذلك لم يقع منهن ما يقع بين الضرائر مع كثرتهن إلا شيء يسير من بعضهن حسب اقتضاء البشرية ثم عاتب الله عليه فلم يعدن له مرة أخرى  وهو الذي ذكره الله في سورة التحريم بقوله: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى تمام الآية الخامسة.

وأخيرا أرى أنه لا حاجة إلى البحث في موضوع مبدأ تعدد الزوجات  فمن نظر في حياة سكان أوروبا الذين يصدر منهم النكير الشديد على هذا المبدأ  ونظر إلى ما يقاسون من الشقاوة والمرارة  وما يأتون من الفضائح والجرائم الشنيعة  وما يواجهون من البلايا والقلاقل لانحرافهم عن هذا المبدأ كفى له ذلك عن البحث والإستدلال  فحياتهم أصدق شاهد على عدالة هذا المبدأ  وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.