جبريل ينزل بالوحي علي رسول الله وهو في سن الاربعون من عمره :
ولما تكامل له أربعون سنة وهي رأس الكمال وقيل ولها تبعث الرسل بدأت
آثار النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء آفاق الحياة وتلك الآثار هي الرؤيا
فكان لا يرى رؤيا إلاجاءت مثل فلق الصبح حتى مضت على ذلك ستة أشهر ومدة
النبوة ثلاث وعشرون سنة فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزآ من النبوة فلما
كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله
أن يفيض من رحمته على أهل الأرض فأكرمه بالنبوة وأنزل إليه جبريل بايات من
القرآن ........ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها تروي لنا
قصة هذه الوقعة التي كانت شعلة من نور اللاهوت أخذت تفتح دياجير ظلمات
الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة وعدلت خط التاريخ
قالت عائشة
رضي الله عنها:أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا
الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه
الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل
أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه
الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ:فقلت: ما أنا بقارئ قال:
فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ
فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان
من علق. اقرأ وربك الأكرم .. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف
فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه
الروع فقال لخديجة مالي وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة:كلا
والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم
وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن
نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرآ تنصر في الجاهلية وكان
يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب
وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك فقال
له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما
رأى فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى يا ليتني فيها جذعا
ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجي
هم؟ قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك
أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي .
وروى الطبري
وابن هشام ما يفيد أنه خرج من غار حراء بعد ما فوجئ بالوحي ثم رجع وأتم
جواره وبعد ذلك رجع إلى مكة ورواية الطبري تلقي ضوآ على سبب خروجه وهاك
نصها:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذكر مجيء الوحي ولم يكن من خلق
الله أبغض على من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما قال: قلت: إن
الأبعد يعني نفسه شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عني قريش أبدا! لأعمدن إلى
حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن! قال فخرجت أريد ذلك
حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد!! أنت رسول
الله وأنا جبريل قال: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبريل في صورة رجل صاف
قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل. قال: فوقفت
أنظر إليه وشغلني ذلك عما أردت فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في
آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما
أتقدم أمامي ولا أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي حتى بلغوا مكة
ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي ...
حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا إليها ملتصقا بها مائلا إليها فقالت
يا أبا القاسم! أين كنت؟ فو الله لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا
إلي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر يا ابن عم واثبت فو الذي نفس خديجة
بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ..ثم قامت فانطلقت إلى ورقة وأخبرته.
فقال.. قدوس قدوس... والذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي
كان يأتي موسى.. وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له...فليثبت.فرجعت خديجة
وأخبرته بقول ورقة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف إلى
مكة لقيه ورقة وقال بعد أن سمع منه خبره والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه
الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى.... الله .....الله ...
صلي الله عليه وسلم غير الجهل الي علم والظلام الي نور والعمي الي
بصيره والظلم الي نصر ... صلي الله عليه وسلم
فترة الوحي .
(انقطاع الوحي)
أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد أنها كانت أياما وهذا الذي يترجح
وقد بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام الفترة كئيبا محزونا تعتريه الحيرة والدهشة ...
فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه:وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي
صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا عدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق
الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال:
يا
محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت
عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال
له مثل ذلك
جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية
قال ابن حجر: وكان ذلك أن انقطاع الوحي أياما ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع وليحصل له التشوف إلى العود ...
فلما تقلصت ظلال الحيرة وثبتت أعلام الحقيقة وعرف صلى الله عليه وسلم
معرفة اليقين أنه أضحى نبيا لله الكبير المتعال وأن ما جاءه سفير الوحي
ينقل إليه خبر السماء وصار تشوفه وارتقابه لمجيء الوحي سببا في ثباته
واحتماله عند ما يعود وجاءه جبريل للمرة الثانية.
روى البخاري عن جابر
بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي
قال:فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك
الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه حتى هويت إلى
الأرض فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني فزملوني فأنزل الله تعالى يا أيها
المدثر إلى قوله: فاهجر ثم حمي الوحي وتتابع....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق