نعمة الماء وضرورة المحافظة عليها وترشيد استخدامها
******************************
الحمد لله، خلق الخلق بقدرته، وغمرهم بما لا يُعدُّ ولا يُحدُّ من موائد كرمه ونعمه وبرِّه عز وجل، وطلب منهم سبحانه وتعالى نظير ذلك أن يشكروه ويحمدوه، فعجزوا عن حمده، فحمد نفسه بنفسه، وارتضى ذلك الحمد من خلقه، وقال لنا معلماً: (الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ) (2الفاتحة).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، طلب من عباده المؤمنين أن يكونوا له دوماً من عباده الشاكرين، ووعد الشاكرين بزيادة النعم، والحفظ من الأسقام والضُرِّ والنقم، وأن يجعلهم في الدنيا دائماً في طاعته، وأن يجعلهم في الآخرة من أهل الدرجات العُلى في جنته.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، إمام الذاكرين، وسيد الشاكرين، الذي حكت عنه زوجه السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت:
{ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم عليَّ ذات ليلة ونام بجواري، حتى مسَّ جسمه جسمي، وتدثَّر بلحافي، ثم قال: (يا عائشة، تأذنين لي أن أعبد ربي عز وجل هذه الليلة؟) قالت: فقلت يا رسول الله إني لأحبك ولا أحب فراقك، ولكني أوثر هواك على هوى نفسي، قالت: فانطلق صلى الله عليه وسلَّم حتى دخل البقيع، فلما جاء بلال ليؤذنه بصلاة الفجر، خرجت معه فإذا به صلى الله عليه وسلَّم ساجداً والدموع تملأ عينيه، ونزلت من عينيه على لحيته، ونزلت من لحيته على الأرض، وهو يقول لمولاه مناجياً: (أعوذ برضاك من سخطك، وبك منك، لا أُحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، جلَّ وجهك، وعزَّ جارك، وتناهى سلطانك). قالت: فلما انتهى من الصلاة قال له بلال: أأنت تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (أفلا أكون عبداً شكورا)(متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها)
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على هذا النبي المبارك سيدنا محمد، وآله الذين ساروا على هداه، وأصحابه الذين تابعوه على ما يحب الله عز وجل ويرضاه، وعلى كل التابعين من بعدهم وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين يا رب العالمين. أيها الأحبة جماعة المؤمنين
يقول الله عز وجل :
"الله الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (الجاثية 12)
إن المعارك التي يفتعلها الإنسان من أجل الماء ، وهى عبارة عن معارك ذات مغزىً عند غير المؤمنين ، لكن الحق عزّ وجلّ قد خلق الماء الذي يحتاج إليه الإنسان في أي زمان ومكان ، وجعل خزّانٌ كبير وضخم لهذا الماء ، وهو المحيطات والبحار العظمى ، وجعل هذا الخزان صالح لتخزين المياه ، بأن جعلها مالحة، فلا تتعفن ، وهى حكمة الله البالغة ، إذا أردنا أن نشرب أو نروى النباتات والحيوان يسلطّ الله الشمس بحرارتها على البحار فتخرج بمقدار قدّره الواحد القهّار على حسب حاجة الإنسان في كل الأقطار بخار الماء الخالي من الملح ، ويصعد هذا البخر ويتجمع في أفق السماء ، ومن قدرة القادر عزّ وجلّ أنه يُجمّعه ويجعل فيه شحنات موجبةُ لكي ينزل منه بقدر ، فتمشى السحب إلى المكان الذي حدّده لها العلىّ الوهّاب ، وعند الميعاد المحدد في المكان المقدر ، يختلط السالب بالموجب ، فتحدث شرارة كهربية شديدة وهو البرق الذي نراه فتحوّل هذه الشرارة البخار إلى ماء وينزل قطرات ، لأنها لو نزلت كالماء الذي ينزل من خراطيم المطافئ ، لآذت الإنسان والحيوان والزرع ، ولكي ينزل الماء قطرات ، يسلطّ الله الهواء والريح ليهُبّ على هذه المياه فيفرّقها ويشتتها فتنزل قطرات صغيرة إذا نزلت على إنسان لا تؤذيه ، وإذا نزلت على زرع أو حيوان لا تضرّه منها ما ينزل على جبال عالية فيخُطّ له الحق مجارى وأنهارا ، ومنها ينزل طازجاً في الحال فيأخذ الإنسان حاجته ويخزن الله الباقي في مخارج الأرض ليستخدمه الإنسان وقتما يشاء عن طريق الآبار أو العيون ، ويعود الباقى إلى المخازن العظمى من البحار والحيطات التى جعلها الله عزّ وجلّ مخازن لهذا الماء الذى يقول فيه : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ (الأنبياء :30)
سلك عقبة بن نافع رضي الله عنه خرج من مصر إلى ليبيا ليغزو شمال أفريقيا وأيضا ليبيا كانت بلاد قاحلة نفد الماء فذهبوا إليه فصلى ركعتين لله وبينما فرسه يضرب الأرض بقدمه نبعت عين ماء سقت الجيش بأكمله عندما يسمع المؤمن مثل هذه الآيات هل يتشتت ذهنه فيما هو آت هل يتحير فيما يذيعه أهل الشتات المؤمن يثق في قول مولاه " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا" (2 الطلاق) من الماء والغذاء والكساء وكل شيء "وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (3الطلاق) وهل هذا الأمر حاش لله عليه عسير أبدا " أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(106 البقرة) لو شاء لأنبع الماء من الصخرة الصماء حتى يجعل الأرض كلها خضراء وليس ذلك بعجيب على الصانع الأعظم عز وجل " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (يس82)
وأنتم تعلمون جميعا قصة النيل عندما دخل عمرو بن العاص مصر فكانوا إذا كانت فترة جفاف النيل يختاروا عروسة بنت جميلة يزينوها بالذهب ويلبسونها أجمل الفساتين ويقيمون حفلة عظيمة ويرمونها في النيل ويسمونها عروس النيل حتى يجري الماء لما دخل عمرو بن العاص مصر فاتحا وجاء زمن وفاء النيل وأرادوا إقامة هذا الحفل فسألوه فقال إن هذا من أمور الجاهلية ولا ينبغي أن يفعل في الإسلام الحّوا عليه قال: أستأذن أمير المؤمنين عمر وأرسل إليه وقص عليه ما دار قال أحسنت وأرسل عمر كتابا كتبه إلى النيل وأمر عمرا بن العاص ان يجري الاحتفال وبدلا من إلقاء العروس يقرأ الكتاب عليهم ويلقيه في النيل والنيل ليس به قطرة واحدة جمع الناس وأٌقام الاحتفال وقرأ الكتاب "من عبد الله عمر بن الخطاب إلى نيل مصر وكان رضي الله عنه محدث يحدث الحقائق كلها بألسنتها بأمر من يقول للشيء كن فيكون قال فيه صلى الله عليه وسلم "قد كان فيمن قبلكم محدثون وان في أمتي عمر منهم " من عبد الله عمر بن الخطاب إلى نيل مصر سلام عليك إن كنت تجري من عندك فلا حاجة لنا بك وان كنت تجري من عند الله فسر على بركة الله عز وجل قرأ عمرو الرسالة وألقاها في النيل والنهر ليس فيه ماء وكان هناك مقاييس للنيل وهي موجودة حتى الآن لمعرفة ارتفاع الماء في الصباح وجدوا ماء النيل ارتفع سبعة عشر ذراعا بمقياس النيل من أين جاء هل هذه المياه من الحبشة ؟ وهل سيأتي من الحبشة في ليلة حتى نعرف ونعلم علم اليقين أن نهر النيل كما قال فيه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم: وجدت في الجنة نهرين ظاهرين ونهرين باطنَيْن أما الظاهران فالنيل والفرات ويجري في الجنة معناها انه يجري من عند الله لا انقطاع له ولا انتهاء له ولا توقف له ولا يتحكم فيه إلا مجريه عز وجل إن حاول الشانئون أو استعد المغرضون فأنهم يبوءون بالخزي والذل والهوان لان هذا أمر تولاه بقدرته وإرادته الحنان المنان عز وجل
أو كما قال ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية:-
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أكرمنا بهُداه وجعلنا من عباده المسلمين، ونسأله عزَّ وجلَّ أن يُتمَّ علينا نعمته، وأن يُنزِّل علينا سكينته، وأن يُثبِّت الإيمان في قلوبنا حتى يتوفانا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ تعالى في سمائه، وتنزَّه في عليائه عن الشبيه والنظير، والوزير والمثيل والضد والند؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (11الشورى).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، هداه الله عز وجل به إليه، وعرفَّه ما يحبه منه ليُقبل به عليه فيفوز بما لديه.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمدٍ وارزقنا هُداه ووفقنا أجمعين للعمل بشريعته واتباع سنته في الدنيا يا ألله، واجعلنا أجمعين تحت لواء شفاعته واحشرنا جميعاً في جواره في جنته يوم الدين آمين آمين يا رب العالمين.
أما بعد فيا أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
ما الذي ينبغي أن يفعله المسلم إذا شح الماء، ولم تجُدِ السماء بالمطر، وبخلت الأرض بإخراج ما فيها من ماء؟
يصلي ....
كيف يأتي له الماء؟ بالصلاة
إذًا ينبغي أن يعلم كل مسلم وكل مؤمن أن الخير كله وهو الماء بيد الله عز وجل ،
إن كان بالأسباب كالأنهار والسحاب وإن شاء بغير أسباب كما أجرى ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم والأصحاب في أوقات الشدائد وهي لا تحد ولا تعد عندما كان صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وكان معه ما يزيد على الألف والأربعمائة رجل ونفد الماء ولم يكن في الحديبية غير بئر قليل الماء، نزحوا ما به من الماء ولم يبق ماء، واحتار الجند ولكنهم كانوا يلجأون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليحل لهم المعضلات لأنه باب الله عز وجل، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم ألم يبق معكم شيء من ماء؟ قالوا لم يبق إلا قدر قلة ، قال ايتوني بها، ووضعه في طست، وتأدبًا مع الحضرة الإلهية لأن الذي يخلق من لاشيء هو الله، لكن أدب العبودية أن نخلق مما صنعته حضرة الألوهية، ووضع يده في الماء، وجاء الجند وفي رواية يديه الاثنتين فانفجر من كل إصبع عين ماء ووقفوا يرتوون ويستسقون ويشربون حتى ارتوى الجيش كله بالماء ، سئل هذا السؤال سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كم كنتم قال لو كنا مائة ألف لكفانا وهذا لم يحدث مرة واحدة في حياته وإنما مرارا وتكرارا وفي كتب السيرة المباركة تجدون مالا يعد ولا يحصى من هذه الروايات الطيبة الماء يتفجر من أصابع حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وورّث ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه المباركين،
عقد اللواء للعلاء الحضرمي رضي الله عنه ليفتح البحرين ومعه جند، وكان من ضمن الجند الصحفي البارز أبوهريرة رضي الله عنه كتب تقريرا عن هذه الرحلة فقال شهدت من العلاء ثلاثة لا تظهر إلا في نبي؛ الأولى نفد الماء ونحن في الطريق فذهبنا إليه فقال ولِمَ لَمْ تخبروني؟ فصلى ركعتين لله؛ وإذا بالماء يسيل من أعلى الجبل حتى ملأ الوادي، فشربنا وملأنا أسقيتنا وسقينا أنعامنا، والصحفي الخبير قال فملأت دلوا بالماء وتركته في المكان وبعدما سرنا مرحلتين قلت لهم نسيت دلوي فرجعت فوجدت الدلو ولم أجد في الوادي قطرة ماء واحدة فعلمت أنها كرامة أكرم الله بها عز وجل العلاء،
وكل أصحاب الحبيب كانوا على هذا القدر العظيم من الكرم الإلهي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق