العدل وأثره في استقامة المجتمع
****************************************
الحمد لله رب العالمين جعل الإسلام دين السلام، والسلامة والأمن لكل المجتمعات وجميع الأنام،
سبحانه سبحانه جعل للمسلمين في شرعتم وفى كتاب ربهم وسنة نبيهم أسُسٌا راسخة بها تستقيم لهم الحياة، وتنصلح لهم بها الأمور ويكونون بها في الدنيا أخوة متآلفين متكاتفين متعاونين، ويزول من بينهم كل شحناء وبغضاءٍ وفسادٍ وخلافٍ واختلاف، ويكونون في الآخرة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أقام السماوات والأرض على العدل وأمرنا به وكلفنا بالعمل لتحقيقه، فقال عزَّ شأنه:
"ياعبادى إنِّي حرمت الظلم على نفسي، وجعلته فيما بينكم محرما فلا تظَّالموا"(1).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى الهُدى والخير والقسطاس المستقيم، الذي هداه مولاه إلى خير ما ينفع الناس في الدنيا وأفضل ما يرفعهم في الدار الآخرة وقال لنا في شأنه:
"وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (7الحشر).
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي كان قوله فصلٌ، وحكمه عدل وجدُّه ليس فيه هزل، وأمره كله كما قال فيه الله:
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ" (162الأنعام).
صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وصحابته المباركين وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين وعلينا معهم أجمعين آمين آمين يا رب العالمين.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
يتعجَّب العالم كله عندما ينظر إلى الثُلة المباركة التي أحاطت بالنبي صلى الله عليه وسلَّم وكيف عاشوا في الدنيا في سعادة وارفة وحياةً هانئة مطمئنة، لا يظلم بعضهم بعضاً ولا يتطاول بعضهم على بعض، ولا ينال الأذى أحداً منهم من أحدٍ منهم، كانوا كما
قال الله في شأنهم:
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (10الحجرات).
ليس بينهم خلافات تصل إلى القضاء، وليس بينهم شحناء تصل إلى الحقد والحسد والبغضاء، وإنما بينهم مودّةٌ وألفةٌ وشفقةٌ وعطفٌ وحنانٌ على الدوام.
لمَ حدث ذلك؟ وما سرُّ ذلك؟ وما أسباب ذلك؟
لأن الله عزَّ وجلَّ جعل لهم ولنا أسُساً في كتاب الله إذا مشينا عليها كانت حياتنا كلها طيبةٌ بإذن الله عزَّ وجلَّ ـ
ومن هذه الأسُس الكريمة:
أن النبي صلى الله عليه وسلَّم رباهم على العدالة المطلقة، حتى لو وُجد أحدهم في زمانٍ أو مكان وأساء إلى إنسان يقِّر ويعترف بأنه هو الذي أساء ولا ضير في ذلك إحقاقاً للحق وإزهاقاً للباطل، وإقامة للعدالة التي أمرهم بها الله عزَّ وجلَّ.
أمرهم الله عزَّ وجلَّ أن يكونوا عادلين وبين لهم النبي صلى الله عليه وسلَّم الأشياء التي بها تزول العدالة، وإذا زالت العدالة ظهرت في القلوب البغضاء والشحناء وظهرت في النفوس الحسد والحقد والكُره والبُغض، وظهرت الخلافات وظهرت المشكلات وظهرت المنازعات التي نراها الآن منتشرة بين المسلمين رغم أنهم
يحافظون على الصلاة في بيت الله، ويتسابقون إلى الحج إلى بيت الله الحرام، ويتسارعون في صيام الأيام الفاضلة من النوافل ـ ناهيك عن رمضان، لكنهم فقدوا العدالة الإلهية التي ربانا عليها خير البرية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلَّم.
رباهم على العدالة حتى أن أحدهم كان لا يتوسط في الحُكم للحاكم أو للقاضي ليكون الحكم له، وإذا أراد القاضي مجاملته لا يرضى بذلك حرصاً على الدين، انظروا معي إلى الإمام علىٍ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه، شكاه رجلٌ إلى عمر بن الخطاب فدعاهما معاً وأشار للرجل أن يقف وقال للإمام على مشيراً إلى جواره وقال:
تعالى ها هنا يا أبا الحسن ـ يدعوه إلى الجلوس بجواره ـ فظهر الغضب على وجه الإمام على وأصَّر على الوقوف في مكانه، فلما تداول القاضي مع الخصمين وأصدر
حكمه، قال للإمام على:
لمَ أراك قد غضبت عندما ناديتك؟ قال:
[ناديتني بكنيتي قلت: يا أبا الحسن، وناديت خصمي باسمه ولم يتبين الحق بعد، وطلبت منى أن أجلس بجوارك وتركت خصمي واقفاً ولم يتبين الحق بعد].
هؤلاء هم الرجال الذين رباهم رسول الله والذين يقول فيهم الله جلَّ في عُلاه:
"رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهِ عَلَيْهِ" (23الأحزاب).
بل تعالوا معي إلى واقعة أخرى في القتال مع الأعداء:
دخل جيش المسلمين بقيادة القائد العظيم قُتيبة بن مسلم إلى مدينة سمرقند ـ في جنوب روسيا الآن ـ فاتحا ولكنه لم يُعلن أهلها قبل الفتح كما أنبأ وأخبر نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقد أمرهم أن يؤذِنُوا الأمم قبل الفتح للبلاد بالخيار من ثلاثة أشياء:
(إما الإسلام وإما الجزية وإما الحرب) فاشتكوا إلى أمير المؤمنين عمر بن العزيز الخليفة الراشد الخامس أن قائد المسلمين استباح مدينتهم دون إذنهم على شروط نبيكم، فحوَّل الرسالة إلى قاضى الجيش، فحكم قاضى الجيش بعد أن أطلع على الرسالة وقال:
[يحكم قاضى المسلمين أن يخرج جند المسلمين من المدينة ولا يدخلوها حتى يُعلنوا أهلها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلَّم].
فلما رأوا ذلك قالوا: والله ما رأينا عدالة كهذه ودخلوا في دين الله عزَّ وجلَّ أفواجا.
بل إن عليَّاً بن أبى طالب وكان خليفةً للمسلمين سقط منه درعه ذات يومٍ، فذهب إلى السوق فوجد درعه في مكانٍ عند بائعٍ جالسٍ في السوق فسأله عمن اشتراه منه؟ فعلم أنه رجلٌ يهودي، فذهب إلى قاضيه وشكا اليهودي لأنه أخذ درعه وباعه فأحضر القاضي اليهودي وأوقفه بجوار أمير المؤمنين، وقال: يا أمير المؤمنين هل معك من يشهد لك على أن الدرع درعك؟ قال: لا ـ قال: الدرع درعك يا هودي، فخرج اليهودي وهو يقول: ما رأيت كاليوم، قاضى أمير المؤمنين يحكم على أمير المؤمنين لي
إن هذه هي العادلة التي قامت بها السماوات والأرض، أشهدكم أن هذه الدرع هي درعك يا أمير المؤمنين وقد سقطت منك وأنت ذاهبٌ لصلاة الفجر فالتقطها وبعتها في السوق، فقال: أمير المؤمنين رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه بعد أن نطق الرجل بالشهادتين: ما دمت قد أسلمت فالدرع هدية لك.
عدالة يضيق الوقت عن سرد بعضٍ منها أو ذكر بعض أجزائها، كانت عدالة هذه الأمة في شتَّى أنحائها.
وحرص النبي صلى الله عليه وسلَّم في إقامة العدالة على منع أي أمرٍ يبطل العدالة فمنع الواسطة:
سرقت امرأة من بني مخزوم من قريش في عصره وأقَّرت بسرقتها وحُكم عليها بقطع يدها وبني مخزوم كانت قبيلة لها جاه ووجاهة، فقالوا: من يشفع فيها إلى رسول الله؟
قالوا: أسامة بن زيد، فكلموه فذهب إلى النبي وكلمه في شأن المخزومية، فغضب النبي صلى الله عليه وسلَّم وقال له:
(أتشفع في حدٍّ من حدود الله ، ثم دعا أن الصلاة جامعة وصعد المنبر وقال لهم أجمعين ولنا معهم:
(إن بني إسرائيل كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، فأنزل الله بأسه بينهم وأنزل لعنته عليهم أجمعين).(2)
وكان يحاسب الولاة والحكام، ليمنع الرشاوى التي تسيء إلى عدالة الإسلام، فأي هدية تُقدَّم للحاكم أثناء ولايته، كان يعتبرها رشوة لأنها لم تقدم لشخصه وإنما تقدَّم لمنصبه الذي يحتله.
بعث رجلاً اسمه ابن الأتبية إلى قبيلة من قبائل العرب، فلما جاء قال: هذا لكم وهذا أُهدىَ إلىَّ وكان قد كلفه بجمع الزكاة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلَّم وقال:
(ما بال الرجل يقول: هذا لكم وهذا أُهدى إلىَّ، فهلاَّ جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى له أم لا؟)(3) ـ ثم أخذ كل ما معه لأنه أخذه بحكم الوظيفة التي عيّنه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم).
فألغى الرشوة وألغى الوساطة بل وألغى المحسوبية حتى لأقرب الأقربين،
جاءته السيدة فاطمة النبوية وأرته يديها وقد نحلت من كثرة مسكها للرحى وإدارتها، وقالت: يا أبت انظر إلى يديّ وما فعلت فيهما الرحى، قال: وماذا تريدين؟ قالت: إن جاءك سبىٌ تعطني رجلاً يقوم بهذا العمل عنِّى ـ
انظر إلى الرسول ماذا قال لابنته؟ ـ قال:
(يا فاطمة أأعطيك وأترك فقراء المسلمين؟) ـ فرفض أن يعطى فاطمة مع أنها في أمَّس الحاجة لذلك حتى لا يسيء إلى جميع الفقراء من المسلمين، ثم جبر خاطرها وقال لها:
(ألا أدلك على شيءٍ إذا فعلتيه يكفيك ذلك؟ قالت: وما ذاك؟ قال: إذا أخذتي مضجعك فقولي: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، يكفيك كل ذلك)سنن أبي داود
أي يخلصك من التعب والعناء ويجعلكى في صحة وعافية ويسر ورخاء وهناء.
قال صلى الله عليه وسلَّم:
(يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة ، وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين صباحا). (رواه الطبراني بإسناد حسن )
أو كما قال:
(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة).
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحكم العدل اللطيف الخبير،
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، علمنا الله به بعد جهالة، وأعزَّنا به بعد ذله، وأغنانا به بعد فاقة، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا اتباع هديه والمشي على سنته، واجعلنا في الآخرة أجمعين تحت لواء شفاعته، وفى الجنة من أهل جوار حضرته آمين يا رب العالمين.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
لم يكن في سلفنا الصالح حتى القريبين منا من آبائنا وأجدادنا مشاكل في البيت الواحد بين الأخ وأخيه، وبين الأخ وأخته، وبين الابن وأبيه ـ وهذه المشاكل كثُرت في زماننا الآن، لماذا؟
لأننا لم نطبق فيهم هدى النبي العدنان صلى الله عليه وسلَّم، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلَّم أن نعدل بين الأبناء، حتى في المزاح ـ حتى في اللهو ـ حتى في اللعب ـ حتى في الكلمة الطيبة ـ حتى في البسمة، وقال صلى الله عليه وسلَّم:
"سَوُّوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ" (رواه البيهقي عن ابن عباس)
(ولو في البسمة) ـ يعنى تبسّمت لهذا فتبسّم لهذا حتى لا تكون في قلبه ضغينة على أخيه، وأمرنا أن نربيهم جميعاً كما كلفنا الله ولا نحمِّل أنفسنا فوق طاقاتنا، ونعلمهم بحسب إمكانيتهم التي أوجدها الله عزَّ وجلَّ في عقولهم وأجسادهم.
ونسوِّى بينهم في الخير الذي وهبه لنا الله، فلا نوصى لهذا بشيءٍ ونترك غيره، ولا نفعل كما يفعل الجهلاء من هذه الأمة الآن فيحرمون البنات من الميراث بحجة أن إعطاء البنات لهذا لمال وهذا العقار لرجلٍ أجنبي
إن هذا الحق ليس في استطاعتي أو في استطاعتك تغييره لأن الذي أنزله هو ملك الملوك عزَّ وجلَّ.
ولم يأذن الله عزَّ وجلَّ لواحدٍ منا أن يغير في شرع الله فيتصرف في ماله بهواه أو يتصرف في ميراثه بحسب حظه ومن يتقرب إليه ويأتلف به من بنيه وإنما يترك الأمر ويوصيهم أن يقوّموا أحوالهم على شرع الله، وأن يذهبوا بعد وفاته إلى عالمٍ تقي ورعٍ يقسم بينهم التركة بما يرضى الله جلَّ في عُلاه،
ولذلك ورد أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم وهو أبو الصحابي الجليل النعمان بن بشير، . وكانوا يتزوجون أكثر من زوجة، وكان النعمان من إحداهن وله أخوةٌ من زوجاتٍ أخريات، فقالت أمه لزوجها: خصَّ ابنى بشيء، أكتب له الحديقة الفلانية في رواية ـ وفى رواية هب له العبد فلان، فوافق إراضاءً لها وكان يحبها، فقالت: أريد أن يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على ذلك.
فذهب الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلَّم، لم يذهب إليه شاكياً أو طالباً للتقسيم، وإنما ذهب إليه ليُشهّده، فقال: يا رسول الله إني أعطيت ابنى فلاناً كذا، فقال صلى الله عليه وسلَّم:
(هل لك ولدٌ غيره؟ قال: نعم، قال: هل أعطيتهم كلهم مثله؟ قال: لا ـ قال: إذن لا أشهد على جور).(4)
ورفض أن يشهد على هذا الحكم الجائر لأنه أمرنا أن نسوّى بين أولادنا، بل إن كان الواحد منا يميل إلى احدٍ من أولاده دون غيره فلا يجب عليه أن يظهر ذلك أمامه، بل يجعل ذلك فيما بينه وبين الله، ويعاملهم في الظاهر سواءً لأن الله أمر بالعدل.
وكذلك من تزوج بأكثر من امرأة كلفه الله بالعدالة بينهن وإن لم يعدل بينهن جاء وحاله يفضحه أمام الخلائق أجمعين،
يقول فيه صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط)(رواه الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه) ـ
ولذلك كان صلى الله عليه وسلَّم مع أنه تزوج من تسعةٍ في وقتٍ واحد يحرص على العدل بينهن فيبيت عند كل واحدة ليلة وفى كل ليلة يجمع الجميع عند صاحبة الليلة بعد العشاء ويتسامر معهن ويتحدث معهن ثم تذهب كل واحدة إلى حجرتها، وإذا ذهب إلى واحدة في غير نوبتها يمر على الجميع حتى لا يشعرن بغضاضة في ذلك، ويعدل بينهن في المعيشة التي يقسمها بينهن لأنه إمام العادلين في الدنيا ويوم الدين.
فالمؤمن يا أيها الأخوة المؤمنون إذا عدل بين بنيه ولم يفرِّق بينهم ظلوا أخوةً متحابين متكاتفين، يحرص كلُ منهم على أخيه، ويحُض كل واحدٍ منهم أبناءه على احترام أعمامه وعلى صلة عماته عكس ما نراه الآن للدنيا والتفرقة التي وضعها الناس وخالفوا فيها شرع رب الناس عزَّ وجلَّ.
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا عادلين في أحكامنا، عادلين في أقوالنا، عادلين في أفعالنا، وأن نسوى في الحقوق بين جميع أبنائنا، ونسوى في الواجبات بين جميع جيراننا..........ثم الدعاء
*********************************************
(1) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )
(2) متفق عليه عن عائشةَ رضي اللّه عنها أنّ قُرَيْشاً أَهَمِّهم شأنُ المرأةِ المَخْزُوميّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: "مَن يُكَلِّم فيها رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم ؟". فقالوا: "مَن يَجْتَرِئُ عليه إلا أُسامةُ ابْنُ زَيْدٍ حِبُّ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ؟ فَكلَّمَه أسامةُ، فقال رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : "أتَشْفَعُ في حَدٍّ من حُدُود اللّه تعالى؟ " ثم قام، فاخْتَطَبَ، ثم قال : "إِنَّما أَهْلَكَ الذين مِنْ قَبْلِكم أَنَّهم كانوا إِذا سَرَقَ فيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوه، وإِذا سَرَقَ فيهم الضَّعِيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطمةَ بِنْتَ محمدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها".
(3) رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له ابن الأتبية على صدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي لي فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر قال سفيان أيضا فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول هذا لك وهذا لي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ألا هل بلغت ثلاثا
(4) صحيح مسلم عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ قال : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فارجعه ) وفي رواية : قال : ( فاردده ) وفي رواية : ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا . قال : اتقوا الله ، واعدلوا في أولادكم ، قال : فرجع أبي فرد تلك [ ص: 238 ] الصدقة ) وفي رواية قال : ( فلا تشهدني إذا ، فإني لا أشهد على جور ) وفي رواية ( لا تشهدني على جور ) وفي رواية قال : ( فأشهد على هذا غيري ) وفي رواية قال : ( فإني لا أشهد ) وفي رواية قال : ( فليس يصلح هذا ، وإني لا أشهد إلا على حق )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق