==================
إخوة الإسلام إن من نعم الله تعالى علينا و على الناس أن شرع لنا في الصيام وجبة السحور و جعلها عونا لنا على صيام النهار فهو سبحانه الرحمن الرحيم الذي رفع عن الإصر و الأغلال و حط عنا المشقة و العناء فقال رب الأرض و السماء {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]
وهو القائل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]
ومع ذلك فرتب عليها الأجور والمهور فهيا لنتعرف على كشف الأجور في بيان فضل أكلة السحور
أولا: أتسحر مخالفة لأهل الكتاب واتباعا لسنة النبي الاواب –صلى الله عليه و سلم:
فالحبيب المصطفى –صلى الله عليه وسلم-كان يحب مخالفة أهل الكتاب في عباداتهم ويكره التشبه بهم عن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أَكَلَةُ السَّحور[السَّحَر
قال ابن دقيق العيد: ومما يعلل به استحباب السحور: المخالفة لأهل الكتاب لأنه ممتنع عندهم، وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية.
وقال التوربشتي: والمعنى أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ لأن الله تعالى أباحه لنا إلى الصبح بعدما كان حراماً علينا أيضاً في بدء الإسلام، وحرَّمه عليهم بعد أن يناموا أو مطلقاً، ومخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة.
وقال الخطابي: معنى هذا الكلام الحث على السحور، وفيه إعلام بأن هذا الدين يسر لا عسر فيه، وكان أهل الكتاب إذا ناموا بعد الإفطار لم يحل لهم معاودة الأكل والشرب إلى وقت الفجر. اهـ
ثانيا طاعة لأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
و لقد امرنا رسولنا الكريم-صلى الله عليه و سلم-بأكلة السحور و لولم يجد الصائم الا جرعة ماء لتسحر بها .
عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ "السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين".( )
فأصبح السحور شعار المسلمين لما فيه من مخالفة أهل الكتاب، فإنهم لا يتسَحَّرون.
ثالثا ـ أَتَسَحَّرُ بنِيَّة أن الله عز وجل يصلِّي عليَّ هو والملائكة:
عن ابن عمر-رضي الله عنهما-أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله تعالى وملائكته يُصلُّون على المُتَسحِّرين"
صلاة الله عليهم رحمته إياهم، وصلاة الملائكة استغفار لهم، فمن لم يتسحر يحرم من رحمة الله عز وجل واستغفار الملائكة في هذا الوقت
رابعا الخيرية والأفضلية:
فقد أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال:« لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر »
قال المناوي: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) أي ما داوموا على هذه السنة لأن تعجيله بعد تيقن الغروب من سنن المرسلين فمن حافظ عليه تخلق بأخلاقهم ولأن فيه مخالفة أهل الكتاب في تأخيرهم إلى اشتباك النجوم ، وفي ملتنا شعار أهل البدع ، فمن خالفهم واتبع السنة لم يزل بخير فإن أخر غير معتقد وجوب التأخير ولا ندبه فلا ضير فيه كما قال الطيبي أن متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي الطريق المستقيم ، ومن تعوج عنها فقد ارتكب المعوج من الضلال ولو في العبادة
خامسا: إدراك النزول الإلهي والفيض الرحماني
أخي المسلم كما عرفنا أن من السنة أن يؤخر المسلم السحور إلى الثلث الأخير من الليل و في ذلك فضل حيث أن ذلك الوقت هو وقت النزول الرباني إلى سماء الدنيا بكيفية لا يعلمها إلا هو جل جلاله – ليس كمثله شيء و هو السميع البصير
فوقت السحور وقت مبارك من جهات متعددة، فهو وقت النزول الإلهي، وهو وقت إجابة الدعوات، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، يَقولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ "
سادسا: إدراك البركة المفقودة
عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( البركة في ثلاثة في الجماعة أو الثريد والسحور
عن العرباض بن سارية قال دعانى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السحور فى رمضان فقال « هلم إلى الغداء المبارك ». " ( )
أنس بن مالك يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« تسحروا فإن فى السحور بركة »
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -:
هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية، فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم.
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: إن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهى اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوِّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على مَن يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نِيَّة الصوم لمَن أغفلها قبل أن ينام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق