مرحبا بالضيف في فصل الصيف
=============
صمت ليوم هو أحرُّ منه
خرج الحجاج ذات يوم فأصحر وحضر غداؤه فقال: اطلبوا من يتغدَّى معي، فطلبوا، فإذا أعرابي في شملة، فأُتي به، فقال: السلام عليكم. قال: هلُمَّ أيها الأعرابي.
قال: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته.
قال: ومن هو؟
قال: دعاني الله ربي إلى الصوم فأنا صائم.
قال: وصومٌ في مثل هذا اليوم الحار!!
قال: صمت ليوم هو أحرُّ منه.
قال: فأفطر اليوم وصُمْ غدًا.
قال: ويضمن لي الأمير أني أعيش إلى غد؟!
قال: ليس ذاك إليه.
قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل ليس إليه سبيل؟!
قال: إنه طعام طيب.
قال: والله ما طيَّبه خبَّازك ولا طبَّاخك.
قال: فمن طيَّبه؟!
قال: العافية.
قال الحجاج: تالله ما رأيت كاليوم. أخرجوه عني. ( ).
دروس وعبر
====================
أخي المسلم: اجعل من نواياك وأهدافك الرمضانية الاستعداد ليوم حره شديد وبأسه عظيم يوم أن تدنو الشمس من الرؤوس قدر ميل
اجعل من أهدافه الرمضانية أن تشرب يوم الظمأ الأكبر
فعن الشعبي قال: غُشي على مسروق في يوم صائف وهو صائم، فقالت له ابنته: أفطر. قال: ما أردت بي؟!
قالت: الرفق. قال: «يا بنية إنما أطلب الرفق لنفسي في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة» ( ).
ومثل هذا الأعرابي في وفائه ومثل مسروق في صبره كان حسين بن رستم الأيلي في رجولته وقد دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر، فقال: «إني وعدت الله وعدًا، وأنا أكره أن أُخلِف الله ما وعدته!!»( )
بل كانوا يتمنون الحر الشديد ليحصدوا الثواب الجزيل المضاعف، ومن ذلك ما حدث مع عامر بن عبد قيس لما سار من البصرة إلى الشام كان معاوية يسأله أن يرفع إليه حوائجه فيأبى، فلما أكثر عليه قال: حاجتي أن تَرُدَّ عليَّ من حَرِّ البصرة لعل الصوم أن يشتد عليَّ شيئًا، فإنه يخِفُّ عليَّ في بلادكم!!» ( ).
خرج رجل من السلف إلى الجمعة قبل أن يخرج الخطيب والناس قد اجتمعوا، وسبقوه، فقعد في الشمس فناداه من الظل تعال، تعال، نوسع لك مكاناً، فكره أن يتخطى الناس لذلك المكان، وتلا قول الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِسورة لقمان: 17.
وكان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حر الظهيرة كحر هذه الجمعة التي جاءت في عز الظهيرة والصيف، إذا رجع من الجمعة يتفكر في حرها وهو راجع قول الله عز وجل: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًاسورة الفرقان: 24هذه الآية عجيبة؛ لأنها تذكر أن يوم القيامة لا ينتصف إلا وأهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، لماذا؟ يوم القيامة يوم طويل، طوله خمسون ألف سنة، سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا * يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًاسورة المعارج: 1-10،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق