جنة الرضا
====
قدم رجل من عبسٍ، ضريرٌ محطوم الوجه، على الوليد؛ فسأله عن سبب ضرّه، فقال: بتّ ليلةً في بطن وادٍ ولا أعلم على الأرض عبسيّاً يزيد ماله على مالي، فطرقنا سيلٌ فأذهب ما كان لي من أهلٍ ومالٍ وولد إلا صبيّاً رضيعاً وبعيراً صعباً، فندّ البعير والصبيّ معي فوضعته واتّبعت البعير لأحبسه، فما جاوزت إلا ورأس الذئب في بطنه قد أكله، فتركته وأتبعت البعير، فرمحني رمحةً حطم بها وجهي وأذهب عيني، فأصبحت لا ذا مالٍ ولا ذا ولد. فقال الوليد: اذهبوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم بلاءً منه. وكان عروة بن الزّبير أصيب بابنٍ له وأصابه الداء الخبيث في إحدى رجليه فقطعها، فكان يقول: كانوا أربعة - يعني بنيه - فأبقيت ثلاثة وأخذت واحداً، وكنّ أربعاً - يعني يديه ورجليه - فأخذت واحدة وأبقيت ثلاثاً. أحمدك، لئن كنت أخذت لقد أبقيت، ولئن كنت أبقيت لقد عافيت. وشخص إلى المدينة فأتاه الناس يبكون ويتوجّعون؛ فقال: إن كنتم تعدّونني للسّباق والصّراع فقد أودى، وإن كنتم تعدّونني للّسان والجاه فقد أبقى اللّه خيراً كثيراً( )
دروس وعبر
تكفير الذنوب والسيئات عن الإنسان: فالمرض وسائر المصائب تغسل الإنسان من ذنوبه وتكفرها عنه،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر» ( )
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد به الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة» ( )
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه» ( )
رفع درجات الإنسان: فإن المصائب والأمراض كما تكفر سيئات الإنسان، فإنها ترفع درجته فتكون في ميزانه كالعمل الصالح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمله فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلّغه إياها»( )
المصائب لا تدل على معصية العبد: فالأمراض وسائر المصائب مع كونها كفارة للعبد عما اقترفه، فإنها لا تدل على أن المصاب بها عاصٍ مستحق للمرض بمعصيته، بل لما في الإصابة بالمصائب والأمراض من الحكم فإن العبد يبتلى على قدر إيمانه، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط» ( )
عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وسأل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أشد بلاء: قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، فما يزال البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة»
Our Blog
الليله الخامسه عشر من ترايح رمضان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق