الزاحفون الى الجنان
==========
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَدْ فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ جَلَسَ، قَدِ انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، فَيَقُولُ: يَا نَفْسُ! بِهَذَا أُمِرْتِ، وَلِهَذَا خُلِقْتِ، يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ الْعَنَاءُ. ثُمَّ يَقْرَأُ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَإِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ؛ قَامَ فَصَلَّى إِلَى الْعَتْمَةِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَتْمَةَ؛ أَفْطَرَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَفْسُ! قُومِي، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ؛ فَلا يَزَالُ رَاكِعًا وَسَاجِدًا حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: اللهُمَّ! إِنَّ خَوْفَ النَّارِ مَنَعَ النَّوْمَ مِنِّي؛ فَاغْفِرْ لِي.
كان يقول لنفسه قومي يا مأوى كل سوء فوعزة ربي لأزحفنّ بك زحف البعير وإن استطعت أن لا يمس الأرض من رهمك لا فعلن ثم يتلوى كما يتلوى الحب على المقلي ثم يقوم: فينادي اللهم إن النار منعتني من النوم.
وعن سفيان قال: قال عامر بن عبد الله لاجتهدنّ فإن نجوت فبرحمة الله وإلا لم ألُم نفسي
وعن صخر بن صخر قال: قال عامر بن عبد الله: أنا من أهل الجنة أو أنا من أهل الجنة أو مثلي يدخل الجنة
دروس وعبر
قال تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26] مطلب يستحق المنافسة، أفق تستحق السباق، وغاية تستحق الغلاب، الذين يتنافسون في شيء من أشياء الأرض، مهما كبر وجل وارتفع وعظم، إنما يتنافسون في شيء حقير فان قريب، والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة هزيلة زهيدة، فهون من شأنها وارفع نفسك عنها..... لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر، ليس السباق إلى إحراز اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر بسباق يليق بمن شبوا على الطوق، وتركوا عالم اللهو واللعب للأطفال والصغار، فما السباق إلى ذلك الأفق، وإلى ذلك الهدف، وإنما إلى ذلك الملك العريض، إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض.
إنها الجنة: فسلوا عنها عبد الله بن غالب رحمه الله: رآه مالك بن دينار في إحدى المعارك وسمعه يقول وقد تلاحمت الصفوف إني أرى ما ليس عليه صبر.... روحوا بنا إلى الجنة ..ثم كسر جفن سيفه وتقدم فقاتل حتى قتل.
إنها الجنة: فيها جوار الرحمن وأنبيائه:
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [يونس: 26]
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 22، 23]. انظر إلى من كملت من النساء، آسية تقول {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التحريم: 11] قبل الدار طلبت الجار.
قالت أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز: البخيل كل البخيل من تبخل عن نفسه بالجنة.
وقال رجل لابن سماك عظني فقال: احذر أن تقدم على الجنة عرضها السماوات والأرض وليس لك فيها موضع قدم، ولنا إن شاء الله مع الحور العين وقفة، وكذلك مع أعظم ثواب أهل الجنة وهو يوم المزيد والتمتع برؤية العزيز الحميد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق