من ستكون مثل ... زوجة شريح القاضي ؟
هذه القدوة يزفها إلينا التاريخ إنها زوج شريح القاضي الذي ولاه عمر بن الخطاب قضاء الكوفة فمكث فيه ستين سنة وضرب بعدله المثل .
يمر عليه الشعبي يوما والشعبي هو أعلم التابعين كما قال زيد عن مكحول: أعلم التابعين الشعبي.
يقول: التقى شريح بـ الشعبي فقال الشعبي لـ شريح: كيف حالك يا شريح؟ قال بخير حال قال: كيف حال أهلك؟ أي كيف حال زوجك؟ فقال شريح: والله يا شعبي! منذ عشرين سنة لم أر من زوجي ما يغضبني قط، قال الشعبي: سبحان الله! وكيف ذلك؟!
قال شريح: يا شعبي منذ أول ليلة دخلت فيها على زوجتي رأيت بها جمالا نادرا وحسنا باهرا فقلت: أصلي ركعتين شكرا لله! يعترف لله بالفضل ما قال: أقوم لأبحث عن كأس خمر أو عن شريط قذر نجس أو عن فيلم أقضي الليلة معه ...لا...
بل قال: أقوم أصلي ركعتين شكرا لله عز وجل.
يقول شريح: فلما صليت وسلمت رأيت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي أي: أنها دخلت معه في الصلاة لله جل وعلا فلما انتهينا وانفض الأهل والأحباب مددت يدي نحوها فقالت: على رسلك يا أبا أمية! اسمعوا ماذا تقول هذه المرأة وماذا تقول هذه الزوجة في ليلة بنائها: على رسلك يا أبا أمية ثم قالت: أحمد الله وأستعينه وأستغفره وأصلي وأسلم على رسول الله وبعد: أبا أمية! إني امرأة غريبة عنك، لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه وما تكرهه فأتركه.
أبا أمية! لقد كان لك من نساء قومك من هي كفؤ لك، ولقد كان لي من رجال قومي من هو كفؤ لي، أما وقد قضى الله أمرا كان مفعولا فاصنع ما أمرك الله به: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
الله أكبر! الله اكبر ! الله اكبر
يقول شريح: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك يا شعبي فجلست وقلت: أحمد الله وأستعينه وأستغفره وأصلي وأسلم على رسول الله وبعد: فإنك قلت كلاما إن ثبت عليه يكن حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك.
أما إني أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا.
قالت: فما تحب من زيارة أهلي؟ قال: ما أحب أن يملني أصهاري قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك قال: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها.
يقول شريح: فبت معها بأنعم ليلة ومكثت عشرين سنة والله لم أعتب عليها في حياتي إلا مرة واحدة وأشهد الله أني كنت لها ظالما! قلت: يا لها من عيشة هانية يا لها من عيشة هانية راضية .
يقول شريح فلما كان راس الحول جئت من مجلس القضاء فاذا انا بعجوز في الدار تأمر وتنهي.
قلت من هذه قالوا فلانة ام خليلتك.
قلت:مرحبا واهلا وسهلا فلما جلست اقبلت العجوز فقالت:السلام عليك ابا امية.
فقلت:وعليك السلام ومرحبا بك واهلا.
قالت:كيف رأيت زوجتك؟
قلت:خير زوجة واوفى قرينة لقد ادبت فأحسنت الادب وريضت فأحسنت الرياضة فجزاك الله خيرا
فقالت:ياابا امية:ان المرأة لايرى اسوأ منها الا في حالتين.
قلت:وما هما
قالت:اذا ولدت غلاما
او حظيت عند زوجها
فان رابك منها ريب . لا حظت ما يغضبك منها .فالسوط . أي عليك بضربها .
فإن الرجال ماحازت في بيوتها شرا من الورهاء المدللة .
وكانت كل حول تأتينا مرة واحده ثم تنصرف بعد أن تسألني كيف تحب أن يزوروك أصهارك ؟
وأجيبها : حيث شاؤوا . أي كما يشاءون
فمكثت معي عشرين سنه لم أعب عليها شيئا وما غضبت عليها قط.
فقلت:والله لقد ادبت فأحسنت الأدب .وريضت فأحسنت الرياضة فجزاك الله خيرا
وهكذا تكون المرأة الصالحة التي تراقب الله جل وعلا في زوجها وتتقي الله تبارك وتعالى في بعلها هذا هو الزواج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق