Our Blog

رمضان شهر الصبر


رمضان شهر الصبر
========
أخي المسلم .... أختي المسلمة: من صفات شهر رمضان أنه شهر الصبر لأن المسلم يصبر ويصابر على أمور كثيرة سنذكرها لك بالتفصيل
والله سماه شهر الصبر ففي قوله تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (سورة البقرة :45)
قال مجاهد: الصبر الصوم، ومنه سمي شهر رمضان شهر الصبر، وذلك لأن الصوم يزهده في الدنيا، والصلاة ترغبه في الآخرة، ( )
فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( والنفس فيها قوتان : قوة الإقدام ، وقوة الإحجام ؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه ، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره ، ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباتُه عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهي عنه ، ومنهم من تكون قوة صبره عن المخالفات أقوى من صبره على مشقة الطاعات ، ومنهم من لا صبر له على هذا ولا ذاك ، وأفضل الناس أصبرهم على النوعين ، فكثير من الناس يصبر على مكابدة قيام الليل في الحر والبرد وعلى مشقة الصيام ولا يصبر عن نظرة محرمة ، وكثير من الناس يصبر عن النظر وعن الالتفات إلى الصور ولا صبر له على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجهاد الكفار والمنافقين بل هو أضعف شيء عن هذا وأعجزه ، وأكثرهم لا صبر له على واحد من الأمرين ، وأقلهم أصبرهم في الموضعين )) اهـ. ( )
وقال أيضاً: ((فالإنسان منا إذا غلب صبرُه باعثَ الهوى والشهوة الْتحق بالملائكة، وإن غلب باعثُ الهوى والشهوة صبرَه الْتحق بالشياطين، وإن غلب باعثُ طبعه من الأكل والشرب والجماع صبرَه التحق بالبهائم)). ( )
قال أهل العلم : الصبر في الآية : الصوم ، وهو خير معين للعبد في هذه الحياة ليتجاوز كل الحواجز النفسية والحسية التي تعوقه عن الله والدار الآخرة التي تعوقه عن معالي الأمور ليصبح عبداً لله لا عبداً لشهوته وهواه ، إن الإخلاد إلى الأرض والانغماس في الملذات هو من أعظم المعوقات عن الوصول إلى أعلى الدرجات وأعلى المقامات في العبادة والبذل والإنفاق والجهاد في سبيل الله وأداء ما أوجب الله وتطهير القلوب وتهذيب السلوك كل هذا طريقه والسر إلى الوصول إليه لن يكون إلا من بوابة الصبر ولا شيء غير الصبر ، ومن أعطي الصبر فقد أعطي الخير كله، فهو سر عجيب وأساس رفعة الإنسان وتميزه عن سائر الحيوان ، فلا عجب أن يكون أجره كما قال جل وعلا {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } .
وقد أمر الله بالصبر وأثنى على الصابرين، وأخبر أن لهم المنازل العالية والكرامات الغالية في آيات كثيرة من القرآن وأخبر أنهم يوفون أجرهم بغير حساب قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200] ، وقال تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة:45] ، وقال سبحانه: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [156] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155ـ 157]، وقال تعالى: { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [البقرة:177] ، وقال عز وجل:{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153] ، وقال تعالى في جزاء الصابرين وأجرهم : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10] ،
فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم، وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر، فإن من باشر قلبه الإيمان بقيام الله عليه، ورؤيته له، وتحريمه لما حرم عليه، وبغضه له، ومقته لفاعله، وباشر قلبه الإيمان بالثواب والعقاب والجنة والنار، امتنع من أن لا يعمل بموجب هذا العلم ( ).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه -أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-قال: «لا يزني الزَاني حين يزني وهو مؤمن. ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن -قال: يعني أبا بكر الراوي عن أبي هريرة وكان أبو هريرة يلحق معهن -ولا ينتهِب نُهْبة ذات شَرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن». »( )
فالصوم يرسخ تلك القاعدة الإيمانية التي هي بمثابة الجنة التي تحمى المجاهد من الأعداء وهذا ما أوضحه لنا النبي – صلى الله عليه وسلم-عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه -، أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال له: "ألا أدُّلك على أبواب الخير؟" قلت: بلى يا رسول الله! قال: "الصومُ جنةٌ، والصدقةُ تطفئُ الخطيئة كما يطفئُ الماءُ النارَ"( )
عن أبي هريرة -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "الصيام جُنةٌ وحصنٌ حصين من النار". ( )
قال النووي: هو بضم الجيم ومعناه سترة ومانع من الرفث والآثام ومانع أيضاً من النار، ومنه المجن وهو الترس، ومنه الجن لاستتارهم. ( )
وقال ابن الأثير: "معنى كونه جنة: أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات". ( )
وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى: وإنما كان الصوم لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات كما في الحديث الصحيح "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات". ( )
ميادين الصبر في مضان
===========
صبر على أداء الطاعات
============
أخي المسلم: الصوم هو من أشق العبادات و الطاعات على نفس الصائم لأنه ابتعاد عن كل مألوف و مباح فالصائم يدع طعامه و شرابه حسبة لله- تعالى-  في حر النهار و يقف بين يدي مولاه في صلاة القيام  لذا خص الله تعالى الصوم دون غيره من سائر الطاعات لنفسه عن أبي   هريرة - رضي الله عنه - : أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ : الحسنةُ عشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضِعْف ، قال الله عزَّ وجلَّ : إلا الصوم ، فإنه لي ، وأنا أجزي به ، يَدَع شهوتَهُ وطعامَه من أجْلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فِطْره ، وفرحة عند لقاءِ ربِّه ، ولَخُلُوفُ فيه أطيب عند الله من ريح المسكِ».( )
قال ابن رجب -رحمه الله -في الحديث: " فعلى هذه الرواية يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلّا. الصيام فإنّه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً بغير حصر عدد، فإن الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] " ا هـ.( )
يقول أبو الحسن الماوردي: الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به، والانتهاء عما نهى الله عنه تخلص به الطاعة، وبخلوص الطاعة يصح الدين، وتؤدى الفروض، ويستحق الثواب ...، وليس لمن قل صبره على طاعة حـظ من بر، ولا نصيب من صلاح.
ومن لم ير لنفسه صبرا يكسبها ثوابا ويدفع عنها عقابا كان مع سوء الاختيار بعيدا من الرشاد، حقيقا بالضلال ... وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع، وشدة الخوف، فإن من خاف الله عز وجل صبر على طاعته، ومن جزع من عقابه وقف عند أوامره ( )
ويحتاج العبد إلى الصبر على الطاعة في ثلاث حالات:
الأولى: قبل الشـروع في الطاعة، وذلـك بتصـحيح النـية والإخلاص، والصبر عن شوائب الرياء ودواعي الآفات، وعقد العزم على الوفاء بهذه الطاعة.
الثانية: الصبر حال القيام بالطاعة، وذلك بملازمة الصبر عن التقصيـر فيها، وملازمة استصحاب النية، وحضور القلب بين يدي المعبود.
الثالثة: الصبر بعد الفراغ من الطاعة، وذلك بالصبر عن الإتيان بما يبطلها، والصـبر عن النظر إليها بعين العجب والتعظيم، والصبر عن نقلها من ديوان السر إلى ديوان العلانية.
صبر عن البعد عن المعاصي والمخالفات
======================
المراد بالصبر عن المعصية: الصبر عما نهى الله عنه من المحرمات والمعاصي، وقمع الشهوات، ومجاهدة النفس عن قربانها، وقهرها عن هواها، وكبح جماحها عن الوقوع في حمأة الرذائل، يقول تعالى في بيان عاقبة الصبر عن المعصية: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41].
يقول ابن تيمية: يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله، وينهى النفس عن الهوى ...، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها كان نهيه عبادة لله وعملا صالحا.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله» ( )، فيؤمر بجهادها كما يؤمر بجهاد من يأمر بالمعاصي ويدعو إليها، وهو إلى جهاد نفسه أحوج، فإن هذا فرض عين وذاك فرض كفاية، والصبر في هذا من أفضل الأعمال، فإن هذا الجهاد حقيقة ذاك الجهاد، فمن صبر عليه صبر على ذلك الجهاد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «والمهاجر من هجر السيئات» ( ). ( ) .
والصوم يعلم العبد الصبر عن المعاصي ويجبره على ترك المخالفات وهذا ما نشاهده في مدرسة الصوم، فكم من مرتشي لما دخل عليه رمضان امسك عن الرشوة وعفت نفسه عنها رغم أنها تعرض عليه
وكم من مغتاب هجر الغيبة وأمسك لسانه عنها وشغله بالذكر الرحمن وقراءة القران
وكم من متبرجة لبست حجابها وسترت مفاتنها لما دخل عليها رمضان
وكم من مدخن ترك التدخين وتاب إلى الله تعالى لم صبر عليه أيام رمضان
إنه الصبر عن ترك المعاصي والمخالفات 
فأشد أنواع الصبر: الصبر عن المعاصي التي صارت مألوفة بالعادة ...، فإذا انضافت العادة إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله تعالى فلا يقوى باعث الدين على قمعها (إلا بالصبر)، ثم إن كان ذلك الفعل مما تيسر فعله كان الصبر عنه أثقل على النفس ( مستلة من كتابي اللالئ الحسان من أوصاف شهر رمضان  ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.