Our Blog

رحله الي الدار الاخره ( وصف النـــار)



  الجنة والنار مخلوقتان لا تبيدان ولا تفنيان أبداً، وأن الله قد خلق الجنة والنار قبل أن يخلق الخلق، فالجنة رحمة الله يرحم بها من يشاء من عباده، والنار عذاب الله يعذب بها من يشاء من عباده، ولقد خلق الله لكل منهما أهلاً، فمن دخل الحنة فبفضله وبرحمته، ومن دخل النار فبعدله وحكمته وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ .


أولاً: وصف النار


 هل وقف أحدكم يوماً أمام حريق هائل مروع قد شب في بئر من آبار البترول  أو شب في حقل من الحقول  أو شب في مصنع من مصانع الغاز أو حتى في بيت من بيوتنا، وانطلق رجل من ساكني هذا البيت في عودته فرأى هذا الحريق الهائل، فتذكر امرأته وتذكر أباه وتذكر أمه، وتذكر ثمار فؤاده وفلذات أكباده كبده، وأراد أن ينطلق في هذا الحريق المدمر؛ لينقذ ولده، وسرعان ما انطلق، ولكنه عاد القهقرى وابتعد عن لفح النار ودخانها ولهبها!!هل تعلمون يا مسلمون! أن هذه النار التي لا يجرؤ إنسان على أن يقترب منها، إنما هي جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم؟!

 ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يا رسول الله! والله إن كانت لكافية! فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ولكنها فضلت -أي: زادت- على نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها)!

 هل تتصور أن النار قد اشتكت إلى الله من شدة نارها ومن شدة لهبها؟!

 ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب! أكل بعضي بعضاً، فأذن لي أتنفس، فأذن الله لها في نفسين: نفس في الصيف ونفس في الشتاء، فما وجدتم من زمهرير وبرد -أي: في الشتاء- فمن نفس جهنم، وما وجدتم في الصيف من حر وحرور فمن نفس جهنم، فإن شدة الحر من فيح جهنم) وفي رواية الترمذي : (فأما نفسها في الشتاء فزمهرير، وأما نفسها في الصيف فسموم).  

وصف النار في القرآن 

قال تعالى: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ .....إنها سقر: وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر:27-30].

إنها الحطمة: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [الهمزة:5-9] مؤصدة، أي: مغلقة لا ينتهي وقودها، ولم لا؟! ووقودها الناس والحجارة، فلا ينتهي وقودها ولا ينطفئ لهبها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ 


  وصف النار في السنة 
تدبر وصف النبي المختار صلى الله عليه وسلم لهذه النار وهي تأتي يوم القيامة، والحديث رواه مسلم من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها). أرجو أن تتصور هذا المشهد الذي يخلع القلب -والحديث في أعلى درجات الصحة- (يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)، وإذا رأت جهنم الخلائق زفرت وزمجرت غضباً؛ لغضب القهار الجبار جل وعلا، قال تعالى: إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا [الفرقان:12]، جهنم ترى يوم القيامة، جهنم تسمع يوم القيامة، جهنم تتكلم يوم القيامة قال تعالى: إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا [الفرقان:12]، بل وتظل جهنم تنادي وتقول: هل من مزيد؟سلم يا رب! هل من مزيد من الكفرة؟ هل من مزيد من المنافقين؟ هل من مزيد من المشركين المجرمين؟ وتظل تنادي وتقول: هل من مزيد؟ هل من مزيد؟ حتى يأذن ربها جل وعلا أن تمتلئ، ففي الحديث الذي رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قد امتلأت بعزتك وكرمك!)، قال الله تعالى: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:24-30].فتظل جهنم تصرخ على أهل الكفر: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه -بلا تعطيل ولا تكييف: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]- فتقول: قط قط، قد امتلأت بعزتك وكرمك!تكاد القلوب أن تنخلع
شدة عذاب أهل النار 


شدة عذاب أهل النار.لقد بين لنا ربنا سبحانه ونبينا صلى الله عليه وسلم أن الناس يتفاوتون في العذاب في نار جهنم، فجهنم لها أبواب، يدخل من كل باب صنف معين من الناس بحسب ذنوبه، وجهنم دركات، قال تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ [الحجر:43-44]، وقال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء:145]. وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حقويه -أي: إلى جنبيه- ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته) أي: إلى عنقه، تصور هذا المشهد! 


  أهون أهل النار عذاباً 

بل ستعجب إذا علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وصف حال أهون أهل النار عذاباً وصفاً يخلع القلب! ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير ، أن البشير النذير صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهون أهل النار عذاباً لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان من نار، فيغلي منهما دماغه)!اللهم سلم سلم، اللهم إن أبداننا ضعيفة لا تقوى على نارك ولا على عذابك، فنجنا يا أرحم الراحمين! 

  غمسة في جهنم تنسي كل نعيم 
إن لحظات قليلة في نار جهنم تنسي العبد كل رخاء ونعيم في هذه الحياة، ففي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار) أي: رجل عاش في الدنيا منعماً، ولكنه في الآخرة من أهل النار، يؤتى بهذا الرجل يوم القيامة ويغمسه الله غمسة واحدة في نار جهنم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة واحدة، ويقال له: يا بن آدم! هل رأيت نعيماً قط؟ هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله ما رأيت خيراً قط، وما مر بي نعيم!) أنساه شقاء العذاب كل نعيم، وأنساه بؤس الجحيم كل نعيم ورخاء. ولذلك فسيتمنى الكافر المجرم أن ينجو من عذاب النار ولو قدم لله ملء الأرض ذهباً، تدبر قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91]،

  بل في الصحيحين من حديث أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لأهون أهل النار عذاباً: أرأيت لو كان لك ما في الأرض أكنت تفتدي به؟! فيقول: نعم، فيقول الله جل وعلا: أردت منك أهون من ذلك وأنت في صلب آدم، أردت منك ألا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا الشرك). فوحدوا الله جل جلاله، وحققوا التوحيد، وأخلصوا التوحيد لله، وتجنبوا الشرك كله، فإن الشرك من أعظم أسباب الخلود في النيران، وإن التوحيد من أعظم أسباب النجاة من النيران، بل إن التوحيد هو أعظم أسباب النجاة من النيران، أسأل الله أن يختم لي ولكم بالتوحيد، وأن يحفظني وإياكم من الشرك كله دقه وجله، إنه ولي ذلك والقادر عليه. (لقد أردت منك أهون من ذلك وأنت في صلب آدم: أردت منك ألا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا الشرك) فيتمنى الكافر المجرم -وهو يرى العذاب، ويذوق طعم العذاب أشكالاً وألواناً- أن لو افتدى من عذاب الله بولده، بل ويتمنى أن لو افتدى من العذاب بامرأته، بل ويتمنى أن لو افتدى من العذاب بأسرته وقبيلته وعشيرته، بل ويتمنى أن لو قدم أهل الأرض جميعاً ليفتدي نفسه من عذاب الله جل وعلا، تدبر قول الله: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى [المعارج:11-18].يود المجرم الخبيث الكافر أن لو افتدى يوم القيامة من عذاب النار بأولاده.. بأصحابه.. بإخوانه.. بزوجته.. بل يتمنى أن لو قدم أهل الأرض جميعاً من أجل أن ينجو بنفسه من عذاب الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولم لا وطعامهم في جهنم من النار، وشرابهم في جهنم من النار، وثيابهم في جهنم من النار!فطعام أهل النار: الزقوم والضريع والغسلين، هل تعلمون شيئاً عن الزقوم؟! هل تعرفون الضريع؟! هل تعرفون الغسلين؟! تمنيت أن لو سمع أهل الكفر مثل هذا الكلام، تمنيت أن لو سمع أهل الظلم والبطش مثل هذا الكلام، لن يقوى على النار أحد، لو جلس أحدنا على مدفأة أو على تنور صغير، ونسي نفسه، ومست النار يده، سرعان ما يخطف يده! وكأنه لا يقوى على أن يتحمل النار برهة، فمن يتحمل ناراً مثل نار الدنيا سبعين مرة؟! نسأل الله السلامة والعافية. 


  طعام أهل النار وشرابهم 
الزقوم: شجرة خبيثة ثمارها كرءوس الشياطين! تصور هذا الوصف العجيب! هذه الشجرة تخرج في أصل الجحيم، يقول في حقها سيد النبيين صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لو قطرت قطرة من الزقوم في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون الزقوم طعامه؟!! قال الله جل وعلا: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ [الدخان:43-45]، هل تعلمون ما المهل؟! المهل: هو الزيت الذي اسود لونه من شدة الغليان. اللهم سلم يا رب!إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ [الدخان:43-46].وتدبر قول رب العالمين: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الواقعة:51-53].وقال سبحانه: أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الصافات:62-66].فإذا اشتعلت النار في بطونهم استغاثوا يريدون الماء؛ ليطفئوا هذه النيران المتأججة، فيغاثون بماء يمزق الأمعاء ويقطع الأحشاء: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15]، وقال الله سبحانه: إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29]، وقال تعالى: يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:17].هذا عن الزقوم، فماذا عن الضريع؟! الضريع: شوك ينبت في أرض الجزيرة، قال الله تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ [الغاشية:1-7].هذا عن الضريع، فهل تعرفون شيئاً عن الغسلين؟! الغسلين: عصارة أهل النار من قيح وصديد، وهو طعام أهل النار! وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ [الحاقة:25-37] ما هو الغسلين؟ عصارة أهل النار من القيح والصديد، والعياذ بالله!ابك على نفسك، ابك على ذنوبك، يا من قسا قلبه وجمدت عينه! متى ستبكي إن لم تبك اليوم؟! لقد قست القلوب، وجمدت العيون! إن لم تجد قلبك الآن في هذه اللحظات، فكن على يقين جازم أنه لا قلب لك؛ لأنك لا تحمل قلباً! أبت نفسي تتوب فما احتياليإذا برز العباد لذي الجلال وقاموا من قبورهم سكارىبأوزار كأمثال الجبالوقد نصب الصراط لكي يجوزوافمنهم من يكب على الشمالومنهم يسير لدار عدنتلقاه العرائس بالغواني يقول له المهيمن يا ولييلقد غفرتْ ذنوبك لا تبال
  ثياب أهل النار 
أيها اللاهي! أيها الساهي! أيها العاصي! أيها المذنب! أيها المضيع للصلاة! أيها المضيع للزكاة! أيها المضيع للحج مع القدرة والاستطاعة! أيها العاق لوالديك! أيها المؤذي لجيرانك! أيها المسيء! أيها الصاد عن دعوة الله وعن سبيل الله! تذكر هذه اللحظات، وتذكر هذه الآيات، وتذكر هذه الكلمات من الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، فالطعام في النار نار، والشراب في النار نار، حتى الثياب من النار! قال ابن عباس : (تبارك من جعل لأهل النار من النار ثياباً)، قال تعالى: وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ [إبراهيم:49-50] القطران: هو النحاس الذي أذيب من شدة الغليان، فالثياب من قطران، وقال الله جل وعلا: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].الطعام نار والشراب نار والثياب نار، وهنا يستغيث أهل النار بخزنة جهنم؛ ليتضرع خزنة جهنم إلى الله أن يخفف عن أهل النار يوماً واحداً من العذاب، قال جل وعلا: وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [غافر:49-50].فيرجعون بخيبة أمل فينادون على مالك رئيس الخزنة: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ [الزخرف:77] ماذا تريدون؟ نريد الموت.. نريد الهلاك.. نريد الخلاص من هذا العذاب: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77]، فيتذكر أهل النار إخوانهم وأهلهم وأحبابهم ممن كانوا يسخرون منهم في الدنيا من أهل التوحيد.اللهم اختم لنا بالتوحيد واجعلنا من أهل التوحيد.يتذكر أهل النار أهل التوحيد ممن كانوا يهزءون بهم في الدنيا ويسخرون منهم في الدنيا فينادون عليهم: نريد شربة ماء، نريد شيئاً مما رزقكم به رب الأرض والسماء: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف:50-51]. فيرجعون بخيبة أمل جديدة! ثم ينادون الله، فيأتي الجواب من الله وهو الرحمن، لكن كفرهم كان عنيداً، لكن كبرهم كان كبيراً! ينادون الله، فيرد ربنا جل وعلا عليهم بقوله: أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:105-108]. وبهذا يظل أهل الكفر في هذا العذاب الخالد المقيم! وينجو من النار أهل التوحيد برحمة رب العالمين، وشفاعة سيد النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وشفاعة المؤمنين الصادقين، 

أهل الخلود وأهل الخروج 
نعم أيها المسلمون! يخلد في النار أهل الكفر.. أهل الشرك.. أهل الكبر على الله، الذين قتلوا وذبحوا الموحدين، وصدوا عن سبيل رب العالمين، وتكبروا على عبادة الله. أرسل الله إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وأبقى لهم العلماء فذكروهم بالله، ونقلوا لهم كلام الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتكبروا وكفروا وعاندوا، وأصروا على الشرك وعلى الكبر، وعلى الصد عن سبيل الله جل وعلا، هؤلاء هم أهل الخلود: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ [هود:106-108].اللهم اجعلنا من أهل السعادة، واجعلنا من أهل الجنان.وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:108] أي: غير مقطوع ولا منته.أهل الخلود هم: أهل الكفر والشرك، وأهل الخروج هم: أهل التوحيد، فمن مات على كبيرة من الكبائر كالزنا أو شرب الخمر، أو عمل قوم لوط أو غير ذلك من الكبائر، وغلبت سيئاته الحسنات، ومات مصراً على معصية رب الأرض والسماوات -حتى ولو كان من أهل التوحيد- فإنه متوعد بأن يطهره الله في النار، ومن منا يصبر على النار ساعة؟!فإذا طهره الله في النار فإنه يخرج منها بعد ذلك برحمة الله أرحم الراحمين، أو بشفاعة سيد المرسلين، أو بشفاعة المؤمنين الصادقين من أمة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : (لكل نبي دعوة مستجابة، فدعا كل نبي بدعوته إلا أنا، فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً).اللهم إنا نشهدك أننا نوحدك، ونؤمن بنبيك صلى الله عليه وسلم، فاختم لنا بالتوحيد كما وفقتنا إلى التوحيد يا رب العالمين!اسمع لنبيك لتعرف فضل التوحيد أيها الموحد! فإنه يعز عليَّ أن أتكلم عن النار دون أن أرغب الأخيار، فرحمة العزيز الغفار لأهل التوحيد من أمة النبي المختار واسعة، ففي الحديث الصحيح الطويل الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد ، وفيه ذكر شفاعة المؤمنين لإخوانهم الذين دخلوا النار، فيقول أهل الإيمان: (يا رب! إن إخواننا كانوا يصلون ويصومون ويحجون معنا -أي: شفعنا فيهم- فيقول الله جل وعلا: اذهبوا فأخرجوا من النار من عرفتم، فيعرفون في النار بأثر السجود، فإن الله حرم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيرجعون إلى الله ويقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول الرحمن: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ويقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول الرحمن: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ويقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول الرحمن: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ويقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول أرحم الراحمين: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض الله جل وعلا قبضة فيخرج من النار خلقاً كثيراً قد امتحشوا -أي: قد أكلتهم النار- فيصب عليهم من ماء نهر في الجنة يقال له: نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فيخرجون إلى الجنة كاللؤلؤ وفي رقابهم الخواتيم، يعرفهم أهل الجنة إذا ما نظروا إليهم ويقولون: هؤلاء عتقاء الرحمن من النار، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه).


سبيل النجاة من النار 
  كيف النجاة من النيران؟! النجاة من النار في كلمتين اثنتين لا ثالث لهما: توحيد العزيز الغفار، واتباع النبي المختار، هذا هو طريق النجاة: أن توحد الله، وأن تسير على طريق حبيبك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
   >>> التوحيد <<< 
والتوحيد ليس كلمة تقال باللسان فحسب، بل إن التوحيد: قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان، وإلا فما قيمة أن تردد بلسانك كلمة التوحيد مع تكذيب القلب والانصراف عن العمل، ما قيمة هذا؟! فالتوحيد قول وتصديق وعمل، يقول الله جل وعلا لنبيه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66].وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار)، قال ابن مسعود : (ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة).وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) وفي لفظ: (أدخله الله الجنة من أي أبوابها الثمانية شاء) وفي رواية عِتبان بن مالك : (فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله جل وعلا).
  >>>الاتباع<<< 
الاتباع ليس كلمة تقال، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]. من يدعي حب النبي ولم يفد من هديه فسفاهة وهراءُفالحب أول شرطه، وفروضُهُ إن كان صدقاً: طاعةً ووفاءُ اتباع النبي: امتثال لأمره، واجتناب لنهيه، ووقوف عند حده، اعرض -اليوم- نفسك على أوامر الله ورسوله، وعلى نواهي الله ورسوله، وعلى حدود الله ورسوله، فإن كنت ممن امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم، واجتنب نهي النبي صلى الله عليه وسلم، ووقف عند حدود النبي صلى الله عليه وسلم، واتبع النبي صلى الله عليه وسلم في أعماله: في صلاته، وفي زكاته، وفي ذكره.. إلخ، فإذا كنت كذلك فضع رأسك على التراب شكراً لله، وسل الله أن يزيدك اتباعاً، وأن يتوفاك على اتباع حبيبك المصطفى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) من أحدث: أي: من عبد الله عز وجل ببدعة فجاء بأمر جديد على دين رسول الله، فهذا الأمر مردود، وهذه العبادة مردودة على رأسه لا يقبلها الله منه.


  أعمال تنجي من النار 
وهناك من الأعمال الصالحة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها، ما تفتح باباً للعبد إلى الجنة، وتنجي العبد من النيران، ومنها: الصوم: ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً).ومنها الجهاد: اللهم ارزقنا الجهاد في سبيلك، اللهم ارفع علم الجهاد، وارزقنا الشهادة في سبيلك يا أرحم الراحمين! ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمس النار عبداً اغبرت قدماه في سبيل الله).ومن هذه الأعمال التي تنجي العبد من النار: مجالس العلم: ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة الطويل وفيه: (أن الملائكة تصعد بعد مجلس العلم إلى الله تعالى، فيقول الله للملائكة: يتعوذون؟ فتقول الملائكة: إنهم يتعوذون من النار، فيقول الله: وهل رأوا النار؟ فتقول الملائكة: لا لم يروا النار، فيقول الله: فكيف لو رأوها؟ فتقول الملائكة: كانوا أشد لها مخافة وأشد منها فراراً، فيقول الله جل وعلا: أشهدكم يا ملائكتي! أني قد غفرت لهم)، وهذا من فضل مجالس العلم.ومنها أيضاً: محبة الله جل وعلا: فإذا أحبك الله لم ترد على النار، كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم من حديث أنس ، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (والله لا يلقي الله حبيبه في النار أبداً).ومنها البكاء: إن البكاء من خشية الله يحرم العبد على النار، يا له من فضل!ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني ، أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يلج النار -أي: لا يدخل النار- رجل بكى من خشية الله).

 فطريق النجاة: توحيد للعزيز الغفار واتباع للنبي المختار صلى الله عليه وسلم،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.