Our Blog

الخصال التي يطلب منها الخير



وطالب الخير لا يستغني عن خمس خصال سوى ما يحتاج فيه الى علم حدود الاعمال واحكامها وادائها الى الله تعالى خالصة مخلصة مشوبة بالصدق كما امر وفرض وسن في الاوقات التي امر وفرض

صاحب الخير العامل به لا يستغني عن الصدق والصواب والشكر والرجاء والخوف



الصواب

اما الصواب فالسنة والسنة ليس بكثرة الصلاة تدرك ولا بكثرة الصيام والصدقة ولا بالعقل والفهم ولا بغرائب الحكمة ولا بالبلاغ والموعظة ولكن بالاتباع والاستسلام لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والائمة الراشدين من بعده

وليس شيء اشد تهمة ولا اكثر ضررا على السنة من العقل فمتى

اراد العبد ان يسلك سبيل السنة بالعقل والفهم خالفها واخذ في غير طريقها



الصدق

واما الصدق ففي اربعة اشياء

تعمل العمل ثم لا تريد على ذلك جزاء ولا شكورا الا من الله تعالى ولا تبطله بالمن والاذى ومنه صدق اللسان في الحديث وقد يصدق في حاله بلسانه وهو عاص لله تعالى في صدقه وهو المغتاب والنمام


الشكر

واما الشكر فمعرفة البلوى فإذا عرف ان كل نعمة فهي من الله

لا غيره وانما هي بلوى يختبر بها عبده شكر ام كفر وكل سوء صرف عن العبد فالله تعالى صرفه ليشكره عبده او يكفره فهذا من الشكر
فإذا عرف العبد هذا انه من الله وعده من نعمه عليه ولم يدخل فيه احدا نفسه لا غيرها فقد شكره فالشكر متفاوت والناس فيه متباينون متصاعدون وهذا ادناه واما اعلاه فلا يبلغه احد وليس له حد
ومنه ايضا وهو يشبه ما وصفنا الا انه اصل الشكر ان يعرف العبد ان ما به من نعمة فمن الله بقلبه علم يقين لا تخالطه الشكوك فإذا عرف بقلبه ذلك ذكره بلسانه فحمده عليه ثم لم يستعن بشيء من نعم المنعم على شيء مما يكره المنعم
واعلا من ذلك من الشكر ان تعد كل بلاء نزل بك نعمة لان لله من البلاء ما انزله بغيرك اشد واعظم من الذي انزله بك
والناس يحتاجون عند ذلك الى الصبر وهو قائم بالشكر


الرجاء

واما الرجاء فهو ان ترجو قبول الاعمال وجزيل الثواب عليها

وتخاف مع ذلك ان يرد عليك عملك او يكون قد دخلته آفة أفسدته عليك
والراجون ثلاثة
رجل عمل حسنة وهو صادق في عملها مخلص فيها يريد الله بها ويطلب ثوابه فهو يرجو قبولها وثوابها ومعه الاشفاق فيها
ورجل عمل سيئة ثم تاب منها الى الله فهو يرجو قبول توبته وثوابها ويرجو العفو عنها والمغفرة لها ومعه الاشفاق الا يعاقبه عليها
واما الثالث فهو الرجل يتمادى في الذنوب وفيما لا يحبه لنفسه ولا يحب ان يلقى الله به ويرجو المغفرة من غير توبة وهو مع ذلك غير تائب منها ولا مقلع عنها وهو مع ذلك يرجو
فهذا يقال له مفتر متعلق بالرجاء الكاذب والاماني الكاذبة والطمع الكاذب
والقيام على هذا يقطع مواد عظمة الله من قلب العبد فيدوم اعراضه عنه ويأنس بجانب مكر الله ويأمن تعجيل العقوبة وهذا هو المفتر المخدوع المستدرج
واما امثالنا من الناس فينبغي ان يكون الخوف عندهم اكثر من الرجاء لان الرجاء الصادق انما يكون على قدر العمل بالطاعات


الخوف

والخوف على قدر الذنوب فلو كان الرجاء يستقيم بلا عمل لكان المحسن والمسيء في الرجاء سواء وقد قال الله تعالى { الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله } وقال { إن رحمة الله قريب من المحسنين }

ومعنى الحديث الذي جاء لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا ينبغي ان يكون خاصا بين اهله وهو قبل الحديث الاخر المؤمن كذي قلبين قلب يرجو به وقلب يخاف به فإنما هو اذا احسن رجا واذا اساء خاف مع التوبة والندم والاقلاع

فأما من عرف نفسه بكثرة الاساءة فينبغي ان يكون خوفه على قدر ذلك ورجاؤه على قدر ما يعرف من نفسه من الاحسان لان الرجاء على قدر الطلب والخوف على قدر الهرب

البلوي والاختبار

القرآن يقرر الابتلاء بالدنيا كلها

واعلم أيقن أن الدنيا كلها كثيرها وقليلها حلوها ومرها وأولها وآخرها وكل شيء من أمرها بلوى من الله تعالى للعبد واختبار

وبلواها وان كثرت وتشعبت واختلفت فهو مجموع كله في خلتين في الشكر والصبر فإما ان يشكر على نعمة او يصبر على مصيبة

قال الله تعالى { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا }

وقال { ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض }

وقال { ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم }


وقال { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون }
وقال { خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا }
وقال { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم }
واكثر من ذلك في كتاب الله تعالى
وانما كانت بلوى آدم عليه السلام أقل من آية في كتاب الله تعالى { ولا تقربا هذه الشجرة } وهو كله لك بلوى

اكثر الفتنة في الناس

وان اكثر ما بلي به العبد من اهل الدنيا الناس وافتن الناس لك واكثرهم لشغلك انما هو بمعارفك منهم واشغل معارفك لك واكثرهم عليك فتنة من انت بين ظهرانيهم ينظرون اليك وتنظر اليهم ويكلمونك وتكلمهم

فإنك من لم يعرفك من أهل زمانك ولم تعرفه ولم تسمع به كأنك

لم تبتل بهم وكأنهم لم يبتلوا بك وكأنهم لم يكونوا من هذه الدنيا التي انت فيها
فأرجع في صبرك إلى الله واستعن به وانقطع اليه واستانس بذكره وأقلل من الخلطاء ما استطت بل اترك القليل أيضا تسلم لقول الله تعالى { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا } فاهرب من الفتنة
فرجع صبرك الى معارفك ومن انت بين ظهرانيهم فنظرك اليهم فتنة ونظرهم اليك فتنة وكلامك معهم فتنة وكلامهم معك فتننة وجفاؤك لهم فتنة وجفاؤهم لك فتنة وكرامتهم لك فتنة وكرامتك لهم فتنة لك
واعتبر من ذلك بموضع تمر فيه فيه معارفك وموضع تمر فيه ليس فيه احد يعرفك
وهكذا شهوات المطعم والملبس وشهوات العين ما يحل النظر اليه وما لا يحل النظر اليه مما كان من ذلك في غير البلدة التي انت فيها فأنت منها سليم وفتنتها مصروفة عنك ان شاء الله تعالى لان مؤنتها ساقطة وهكذا انت في جميع امورك

الابتلاء في العمل

وعملك الذي تعمل انما هو فتنة انت فيه تريد ان توقي اعين الناس واكثرهم من يعرفك بالخير فأعمالك لك فتنة

ان حججت فكنت خاليا ليس معك من يعرفك بالخير وتعرفه كان اسلم لك والا فهو فتنة فانظر كيف تسلم منها

وان خرجت من بلدة انت فيها معروف بالخير فخرجت منها وهم لا يعلمون اين تريد فهو اسلم لك وان علموا فهو فتنة فانظر كيف تسلم منها

وكذلك الغزو وبلوى اهل الغزو وما ينوبهم في مغازيهم من الفتنة والبلية اعظم من بلية غيرهم من الذين يعملون اعمال البر وهم قبل ان يدخلوا في هذه الاشياء في عافية فإذا دخلوها جاءت الفتنة من التحاسد بعضهم لبعض وطمعهم فيما يرجون من السهام وطمعهم في الحملان وما يجعل للناس في سبيل الغزو

ولقد سمعت رجلا من المذكورين من اهل الغزو وممن له غناء عند لقاء العدو واسم عظيم في المطوعة يقول الخيل قد خرجت ولم

يقض لي الخروج فيها أما السلامة فأحب ان يسلموا ولكني أكره أن يغنموا وليس أنا فيهم
ولقد رأيت من يغار على ما يقوى به بعض الغزاة حيث لم يعط هو وأعطي غيره كما يغار الرجل على بعض حرمه ولقد رأيت من غزا ولم يغنم ود ان لم يكن غزا
ولا يؤمن يا أخي على كل من دخل في عمل من أعمال الدنيا والاخرة جميعا إذا لحقتهم في عملهم الآفات التي تفسد الاعمال ان يدخل عليهم الشيطان فيها من العيوب والفتن مثل هذا وأكثر من هذا
فليحذر الرجل على كل عمل يعمله من أعمال الدنيا والاخرة وليراقب الله فيه ويعامله بضمير خالص ويحذر اطلاع الله على فساد ضميره ويحذر اطلاع المخلوقين على عمله فإن كناس الحشوس أكرم من هذا الصائم وهذا المصلي وهذا القائم وهذا الغازي الذي يكره ان ينال المسلمون من غنائم الروم والجالس في بيته ببغداد يحب ان يغنموا منهم
فاحذر رحمك الله من قرب منك وقربت منه فإن الذين بعدوا منك وبعدت منهم سلموا منك وسلمت منهم
يود أقوام غدا انهم لم يكونوا سمعوا بآذانهم كثيرا من أعمالهم التي هي في رأي العين يرجى لصاحبها عليها الثواب الجزيل والدرجات الرفيعة ويغيطون من لم يكن عمل مثل ما عملوا كثيرا من حسناتهم وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.