Our Blog

رمضان شهر المواساة

رمضان شهر المواساة

=============
اعلم علمني الله وإياك: 
أن من الصفات التي يوصف بها شهر رمضان أنه شهر المواساة و قد ورد ذلك في حديث و إن كان ضعيفا و هو كما في حديث عن سلمان الفارسي قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال: يا أيها الناس إنه قد أظلكم شهر ... وهو شهر المواساة) 
فما معنى المواساة وما هي صور المواساة؟ وما هي فضائل المواساة؟
تعريف المواساة: قال ابن مسكويه: المواساة: معاونة الأصدقاء والمستحقّين ومشاركتهم في الأموال والأقوات. 
وقال ابن حجر-رحمه الله تعالى-:
 المواساة: أن يجعل صاحب المال يده ويد صاحبه في ماله سواء  
وقال غيرهما: المواساة: المشاركة والمساهمة في المعاش والرّزق.  
الإيمان والمواساة
وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة،  فكلّما ضعف الإيمان ضعفت المواساة، وكلّما قوي قويت، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعظم النّاس مواساة لأصحابه بذلك، فلا أتباعه من المواساة بحسب اتّباعهم له، ودخلوا على بشر الحافي في يوم شديد البرد، وقد تجرّد وهو ينتفض، فقالوا: ما هذا يا أبا نصر؟
فقال: ذكرت الفقراء وبردهم، وليس لي ما أواسيهم، فأحببت أن أواسيهم في بردهم» 
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما-أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أربعون خصلة-أعلاهنّ منيحة العنز-ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها، وتصديق موعودها، إلّا أدخله الله بها الجنّة» 
قال حسّان بن عطيّة-أحد الرّواة-فعددنا ما دون منيحة  العنز. من ردّ السّلام وتشميت العاطس  وإماطة الأذى عن الطّريق ونحوه فما استطعنا أن نبلّغ خمس عشرة خصلة  
عن أبي موسى الأشعريّ-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكّوا العاني
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغدو بعسّ ( ) وتروح بعسّ إنّ أجرها لعظيم.

قال إبراهيم بن أدهم-رحمه الله تعالى-: المواساة من أخلاق المؤمنين *.

عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «طعام الاثنين كافي الثّلاثة، وطعام الثّلاثة كافي الأربعة» ( ).
المواساة في حياة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-

لقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة فهو السراج المنير 
ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم – أروع الأمثلة في المواساة ولنذكر طرفا منها هنا:

عن المقداد-رضي الله عنه-أنّه قال: أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد  فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فليس أحد منهم يقبلنا فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز.
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: احتلبوا هذا اللّبن بيننا قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه. قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما. ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلّي. ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي. فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة. فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت في بطني   وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان.
فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟
فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النّوم. وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال: فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّم كما كان يسلّم.
ثمّ أتى المسجد فصلّى. ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك. فقال: «اللهمّ! أطعم من أطعمني. واسق من أسقاني قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ.
وأخذت الشّفرة فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هي حافلة   وإذا هنّ حفّل كلّهنّ، فعمدت إلى إناء لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة  . فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: «أشربتم شرابكم اللّيلة؟» قال: قلت: يا رسول الله! اشرب، فشرب ثمّ ناولني، فقلت: يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني، فلمّا عرفت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد روي، وأصبت دعوته، ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض. قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إحدى سوآتك   يا مقداد» فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما هذه إلّا رحمة من الله أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها» قال: فقلت: والّذي بعثك بالحقّ! ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك. من أصابها من النّاس)  .

عن عثمان بن عفّان-رضي الله عنه-أنّه قال وهو يخطب: إنّا والله قد صحبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السّفر والحضر، يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإنّ ناسا يعلموني به عسى أن لا يكون أحدهم رآه قطّ)

عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-أنّه قال: كنت جالسا في داري. فمرّ بي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فأشار إليّ. فقمت إليه. فأخذ بيدي. فانطلقنا حتّى أتى بعض حجر نسائه. فدخل. ثمّ أذن لي.
فدخلت الحجاب عليها.   فقال: «هل من غداء» فقالوا: نعم. فأتي بثلاثة أقرصه. فوضعن على نبيّ ( ) فأخذ رسول الله قرصا فوضعه بين يديه. وأخذ قرصا آخر فوضعه بين يديّ. ثمّ أخذ الثّالث فكسره باثنين.
فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يديّ. ثمّ قال: «هل من أدم؟» قالوا: لا. إلّا شيء من خلّ. قال: «هاتوه.
فَنِعْمَ الْأُدُمُ هُوَ .  
المواساة في حياة السلف الصالح من الصاحبة التابعين:

لمّا كانت المواساة لا تقتصر على مشاركة المسلم لأخيه في المال والجاه أو الخدمة والنّصيحة. أو غير ذلك فإنّ من المواساة مشاركة المسلم في مشاعره خاصّة في أوقات حزنه، وعند تعرّضه لما يعكّر صفوه، وهنا فإنّ إدخال السّرور عليه وتطييب خاطره بالكلمة الطّيّبة، أو المساعدة الممكنة بالمال أو الجاه، أو المشاركة الوجدانيّة هو من أعظم المواساة وأجلّ أنواعها، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يواسي بالقليل والكثير، وقد علّمنا؟ أنّ من أقال مسلما من عثرته أقال الله عثرته، وأنّ الله عزّ وجلّ لا يزال في حاجة العبد مادام العبد في حاجة أخيه.
عن أنس قال: لمّا قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة أتاه المهاجرون فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا قوما أبذل من كثير، ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنأ  حتّى خفنا أن يذهبوا بالأجر كلّه، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم» 
عن محمّد بن عليّ بن الحسن-رضي الله عنهم-قال: أراد جار لأبي حمزة السّكّريّ أن يبيع داره، فقيل له: بكم؟ قال: بألفين ثمن الدّار، وبألفين جوار أبي حمزة، فبلغ ذلك أبا حمزة، فوجّه إليه بأربعة آلاف، وقال لا تبع دارك» ( ).
رمضان مضمار للمواساة.

ورمضان شهر المواساة وإدخال الفرحة والبهجة على الفقراء والمساكين وكذلك المرضى و المحتاجين

ولقد حثنا النبي – صلى الله عليه وسلم-على إفطار الصائمين ورتب على ذلك الأجر والثواب من الكريم الوهاب عن زيد بن خالد الجهني قال: قال صلى الله عليه وسلم: " مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء 

والأجر الذي للمفطِّر إنما هو لمن أشبع لا لمن ابتدأ بالإطعام، فليس من قدَّم تمرة كمن ذبح شاة وأطعم خبزاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمراد بتفطيره: أن يُشبعه. 

* عن ابن مسعود -رضي الله عنه -قال: يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط، وأظمأ ما كانوا قط، وأنصب ما كانوا قط، فمن كسا لله كساه الله، ومن أطعم لله أطعمه، ومن سقى لله سقاه، ومن عمل لله أغناه الله. 

*وقال أبو السَّوَّار العدويُّ: (كان رجالٌ مِن بني عدي يصلُّون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قطُّ وحده، إن وجد مَن يأكل معه أكل، وإلَّا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع النَّاس، وأكل النَّاس معه). 

قال الذّهبيّ: قيل: كانت لأبي برزة الأسلميّ جفنة من ثريد غدوة، وجفنة عشيّة للأرامل واليتامى والمساكين) * .

عن يعقوب بن شيبة قال: أظلّ عيد من الأعياد رجلا-يومئ إلى أنّه من أهل عصره-وعنده مائة دينار، لا يملك سواها.
فكتب إليه رجل من إخوانه يقول له: قد أظلّنا هذا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، ويستدعي منه ما ينفقه.
فجعل المائة دينار في صرّة، وختمها، وأنفذها إليه.
فلم تلبث الصرّة عند الرجل إلّا يسيرا حتى وردت عليه رقعة أخ من إخوانه، وذكر إضاقته في العيد، ويستدعي منه مثل ما استدعاه، فوجّه بالصرة إليه بختمها.
وبقي الأول لا شيء عنده، فكتب إلى صديق له، وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير، يذكر حاله، ويستدعي منه ما ينفقه في العيد، فأنفذ إليه الصرّة بخاتمها.
فلما عادت إليه صرّته التي أنفذها بحالها، ركب إليه، ومعه الصرّة، وقال له: ما شأن هذه الصرّة التي أنفذتها إليّ.
فقال له: إنّه أظلّنا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، فكتبت إلى فلان أخينا، أستدعي منه، ما ننفقه، فأنفذ إليّ هذه الصرّة، فلما وردت رقعتك عليّ، أنفذتها إليك.
فقال له: قم بنا إليه.
فركبا جميعا إلى الثاني، ومعهما الصرّة، فتفاوضوا الحديث، ثم فتحوها، فاقتسموها أثلاثا.
قال أبو الحسن: قال لي أبي: والثلاثة: يعقوب بن شيبة، وأبو حسان الزيادي القاضي، وأنسيت أنا الثالث. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.