Our Blog

بين اللسان والقلب


خطر اللسان

وخف يا أخي من لسانك اشد من خوفك من السبع الضاري القريب المتمكن من أخذك فإن قتيل السبع من اهل الايمان ثوابه الجنة وقتيل اللسان عقوبته النار إلا أن يعفو الله

فإياك يا اخي والغفلة عن اللسان فإنه سبع ضار و أول فريسته صاحبه

فأغلق باب الكلام من نفسك بغلق وثيق ثم لا تفتحه إلا فيما لا بد لك منه فإذا فتحته فاحذر وخذ من الكلام حاجتك التي لا بد لك منها وأغلق الباب

وإياك والغفلة عن ذلك والتمادي في الحديث وأن يستمد بك الكلام فتهلك نفسك فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم

وسأله رجل فقال ما أتقي فقال هذا يعني لسانه


وقال له رجل ما أخوف ما تخاف علي فقال هذا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه
وقال له آخر ما النجاة فقال امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك
وقال صلى الله عليه وسلم من صمت نجا
وقال من سره ان يسلم فليلزم الصمت
و ورد عمر بن الخطاب على ابي بكر رضي الله عنهما وهو آخذ بطرف لسانه يبصبصه فقال ما تصنع فقال هذا أوردني الموارد
وقال عبدالله بن مسعود ليس شئ أحق بطول سجن من لسان
الى أخبار كثيرة في اللسان
فإياك يا أخي والغفلة عنه فإنه اعظم جوارحك عليك جناية وأكثر ما تجد في صحيفة أعمالك يوم القيامة من الشر ما املاه عليك لسانك وأكثر ما

تجده في صحيفتك من الخير ما اكتسبه قلبك

فضل عمل القلب على عمل اللسان

وذلك ان اكتساب قلوب الحكماء واهل البصائر للخير اعمال خفية تخفى على إبليس وعلى الحفظة فهي اعمال نقية من الفساد زاكية قد حصلت مع خفة مؤنة على أهلها جزيلة الثواب مخلصات من عوارض العدو ومن هوى النفس

وذلك لأنها أعمال مستورة عن أعين العباد خاملة لان العبد يصل إليها قائما وقاعدا ومضطجعا فأولئك هم أولو الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وأكثر ذكرهم التفكر قال تعالى { ويتفكرون في خلق السماوات والأرض }

فهم اهل الإخمال من المؤمنين الذين عبدوا الله عبادة لم تظهر منهم

سياسة القلب

تصفية القلب عن الحرص على الدنيا

وتعاهد يا أخي قلبك بأسباب الآخرة وعرضه لذلك وصنه من أسباب الدنيا ومن ذكر يجر الى الحرص والرغبة

ولا تأذن لقلبك في استصحاب ما يعسر طلبه وينطفئ نور القلب من اجله وكن في تأليف ما بينه وبين محمود العواقب حريصا وخوف نفسك عقوبة ما في يديه من الدنيا وقلة ادائك لما يجب عليك فيه من الشكر

واستكثر ما في يديك لما تعلم من ضعف شكرك فتشتغل النفس بما في يديها عن الفكر في أمر الدنيا والمحبة للزيادة منها

فإذا اجممتها من ذكر الزيادة من الدنيا وحملتها على درجة الخوف

مما في يديها قنعت ورضيت وعفت عن طلب الدنيا بالحرص والرغبة ورجعت الى الآخرة بالحرص عليها والرغبة فيها فإن النفس مبنية على أساس الطمع

أخطار الطمع على القلب

ومخرج الحرص والرغبة من الطمع وبناء الانفس قائم على قواعد الطمع أما الطمع في الدنيا فيستعمل أداة الطمع في طلب الزيادة من الدنيا أما الطمع في الاخرة فيستعمل أداة الطمع في طلب الزيادة من أعمال الاخرة بالحرص عليها والرغبة فيها

قيل لحكيم فما آله الطمع وجماع آفاته

قال الشرة والحرص وهيجان الرغبة فعلى ايها اوقعت النفس طمعها احضرت أداتها وجمعت آلتها وجدت في طلبها

فإذا قهرت صاحبها على موافقة هواها استعبدته فأذهلته وأذلته وأدهشته وأتعبته وطيشت عقله ودنست عرضه وأخلقت مروءته وفتنته عن دينه وإن كان عالما لبيبا عاقلا كيسا فطينا فصيحا حكيما فقيها لوثته واسقطته وفضحته فاحتمل لها ذلك كله وهو الاريب العالم الاديب فصيرته بعد العلم جاهلا سفيها أحمق خفيفا


وذلك أنها سقته من موافقة هواها كأسا سما صرفا فاستمالته فمال بعلمه وعقله وفهمه ونفاذ حكمته وبصره فاجراه مجرى هوى نفسه فعجلت له الفضيحة في عاجل الدنيا عند حكمائها وعقلائها وأسقطته من عين الله واعين عباده أمن أهل البصائر وأخرت له آجل الندامة الطويلة عند مفارقة الدنيا وفي عرصات القيامة

قهر النفس على طلب الآخرة

فإذا قطع عليها العبد الطمع من أسباب الدنيا وغلب بعقله هواها رجعت بطمعها إلى أسباب الآخرة لا محالة لأنها بنيت على الطمع

فإذا تجردت من أسباب الدنيا وأقلبت على نفسها بالإياس من المخلوقين رجعت برغبتها وطمعها الى اسباب الآخرة فجدت في طلبها واجتهدت وعزفت عن الدنيا وباينت الهوى وخالفت العدو وتبعت العلم وكانت مطية للعقل صابرة على مر ما يدل عليه الحق فنجت وأنجت

الخوف والحزن

وسيلة تحصيل الخوف والحزن

وتعاهد يا أخي قلبك عند هممه وألزمه الفكرة في أمر المعاد فلا تفارق قلبك وتوهم بقلبك هول المطلع عند مفارقة الدنيا وترك ما قد بذل اهلها فيه مهج نفوسهم وتدنيس أعراضهم وإخلاق مروءاتهم وانتقاص أديانهم ثم تركوا ذلك كله وقدموا على الله فرادى آحاد مع ما قد وردوا عليه من وحشة القبر وسؤال منكر ونكير وأهوال القيامة والوقوف بين يدي الله والمساءلة عن جميع ما كان منهم من قول أو فعل من مثل مثاقيل الذر وموازين الخردل

وسؤاله عن الشباب فيم أبلى شبابه وعن العمر فيم أفنى عمره وعن المال من أين اكتسب وعمن منع وفيم انفق وعن العلم ماذا عمل فيه وعن جميع الأعمال التي صدقوا فيها والتي كذبوا فيها

فإنك يا أخي إن شغلت قلبك بذلك وأسكنته إياه وكان فيك شئ

من صحة تركيب العقل فإنه سيكل منك لسانك ولا يعدمك الخوف اللازم مع الحزن الدائم والشغل المحيط بقلبك

إبليس يهوى القلوب الخربة

وإن إبليس إنما يسور عليك في الآثام من وسوسة نفسك وخراب قلبك

وخرابه إنما يكون اذا كان فارغا من الخوف اللازم والحزن الدائم فحينئذ ينفث فيه بالوسوسة لآمال الدنيا والجمع لها مخافة فقرها مع لزوم طول الأمل لقلبك وإعراضه عن الله تعالى وانقطاع مواد عظمة الله منه وفراغه من الهيبة والحياء منه

فإذا وجد القلب عامرا خنس ونفر منه ولم يجد فيه مساغا ولا من جوانبه مدخلا لأن القلب عامر بالخوف والأحزان والفكر فهو منير مضيء

يرى العبد بنور قلبه مداخل إبليس فيرميه بالإنكار لما يدعو إليه ويعتصم بما أيده الله به من نور قلبه فيدحره عنه فولى الخبيث الى قلب قد فقد الخوف فخرب وأظلم فلا نور فيه

فلا شيء أثقل على الخبيث من النور فإذا وجده خنس ونفر منه

فلا يقدر عليه إلا من قبل الغفلة من العبد
ونور القلب إنما هو من يتعظه وحياته فإذا غفل مات وأظلم وطفىء نوره فيلتبس على العبد ما يدخله عليه العدو او يكدر عليه فاختلس إبليس من العبد واستدام القلب بالغفلة فتسور عليه بالآثام فإذا اصر على الاقامة عليها ورضي بها علاه الرين فاظلمه واستقر إبليس فيه ثم سلك به سبيل الآثام إلى ان يوصله ويوقعه في الكبائر
ولا شيء اعجب إلى إبليس من ظلمة القلب وسواده وانطفاء نوره وتراكب الرين عليه ولا شيء أثقل على الخبيث من النور والبياض والنقاء والصفاء وإنما مأواه الظلمة وإلا فلا مأوى له ولا قرار في النور والبياض
ولقد بلغني ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره ان يدخل البيت المظلم حتى يضاء له فيه بمصباح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.