Our Blog

العدل والفضل


شرائع العدل وشرائع الفضل

بسم الله الرحمن الرحيم يروى عن بعض الحكماء أنه قال طريق الآخرة واحد والناس فيه صنفان فصنف اهل العدل وصنف أهل الفصل

والعدل عدلان عدل ظاهر فيما بينك وبين الناس وعدل باطن فيما بينك وبين الله

وطريق العدل طريق الاستقامة وطريق الفضل طريق طلب الزيادة

والذي على الناس لزوم العمل به طريق الاستقامة وليس عليهم لزوم طريق الفضل

والصبر والورع مع العدل وهما واجبان والزهد والرضى مع الفضل وليسا بواجبين والانصاف مع العدل والاحسان مع الفضل

ومن شغله العدل عن الفضل فمعذور ومن شغله الفضل عن العدل فهو

مخدوع متبع لهوى نفسه وعلى الانسان معرفة العدل وليس عليه معرفة الفضل إلا تبرعا
وهكذا كل عمل لا يجب على العبد فعله لا يجب عليه علمه

صفات اهل العدل


ولا يكون العبد من أهل العدل إلا بثلاث خصال بالعلم حتى يعلم ما له مما عليه وبالفعل وبالصبر

فمفتاح العدل واولاه بالعبد و اوجبه عليه ان يعرف قدر نفسه فلا يكون لها عنده قدر فوق منزلتها و ان الشبه سريرته علانيته

وأحزم الناس فيه واقربهم منه مأخذا المراجع لنفسه في كل خطرة تهواها نفسه أو تكرهها فينظر في ذلك ان لو اطلع الناس على حالته هذه فاستحيا أو كرهها تحول من تلك الحالة الى حالة لا يستحيا منها فإن الذي لا يستحيا منه ضد الذي يستحيا منه

فإذا تحول واستمر فلينظر فإن اشتهت نفسه أن يطلع الناس عليه تحول منه الى ما لا تشتهيه نفسه فإن الذي تشتهيه ضده فيكون أبدا في

ضد ما تشتهيه نفسه

أبعد الناس من العدل


وأبعد الناس من العدل اشدهم غفلة عن هذا واقلهم محاسبة لنفسه وأبعد الناس من العدل وأطولهم غفلة عن هذا اشدهم تهاونا به

ولو عقلت من الذي تراقب ثم تقطعت أعضاؤك قطعا وانشق قلبك او سحت في الارض لكنت بذلك محموقا

فلما لم تعقل لم تجد مس الحياء والخوف في مراقبة الله تعالى ومطالعته على ضميرك وعلمه بما تجلبه حواسك على قلبك وقدرته المحيطة بك ثم أعرضت بعد ذلك كالمتهاون به الى مراقبة من لا يطلع على سرك ولا علم له بما في ضميرك فقلت لو اطلع الناس على ما في قلبي لقلوني ومقتوني فمسك الحياء والخوف منهم حذرا من نقصان جاهك وسقوط منزلتك عندهم فكنت لهم مراقبا ومنهم خائفا ومن مقتهم مشفقا إذ لم تجد مقت الله لك وسقوط منزلتك وجاهك عنده ومقت الله اكبر

ثم إذا عملت شيئا من الطاعات التي تقرب الى الله زلفى فإن هم اطلعوا

عليها عقدت بقلبك حب حمدهم على ذلك وأحببت اتخاذ المنزلة عندهم بذلك
وإن كان شيئا يتقرب به الى الله من طاعة بعقد ضمير او اكتساب جوارح فإن كان ذلك سرا أحببت أن يطلعوا عليه ليحمدوك ويقوم به جاهك
فلم تقنع باطلاع الله عز وجل ولا بثوابه في عمل السر ولا في عمل العلانية وانت قانع بذلك راض به غافل متماد معتز مخدوع وكانت هذه الحالة عندك احسن احوالك واحزم امورك
ولو استغنيت بالله وحده وباطلاعه عليك وبجزيل ثوابه لاهل طاعته ومحبته لهم وتوفيقه لهم وتسديده إياهم و راقبته لاغناك ذلك عمن لا يملك لك ولا لنفسه ضرا ولا نفعا
وقد رضي منك بذلك وليتك تضبطه
فاولى الفضائل بك وانفعها لك ان تكون نفسك عندك دون قدرها وأن تكون سريرتك افضل من علانيتك وأن تبذل للناس حقوقهم ولا

تأخذ منهم حقك وتتجاوز عما يكون منهم وتنصفهم من نفسك ولا تطلب الإنصاف منهم
وإنما هو التطهير ثم العمل والتطهير أولى بنا من العمل

التطهير والعمل

أهمية التطهر من الافات قبل العمل

والتطهير هو الانتقال عن الشر الى الاساس الذي يبنى عليه الخير وقد يمكن ان يسقط البناء ويبقى الأساس ولا يمكن ان يسقط الاساس ويبقى البناء

ومن لم يتطهر قبل العمل فإن الشر يمنع العبد من منفعة الخير فترك الشر أولى بالعبد ثم يطلب الخير بعد

والنفس تجزع من التطهير وتفر الى اعمال الطاعات لثقل التطهير عليها وخفة العمل بالطاعات بلا طهارة

فإذا كانت الطهارات متقدمة امام العمل بالطاعات بعد خفته عليها

لمكان الطهارة فالحاجة الى معرفة الاسباب التي يطلب منها الخير وتوصل الى الله شديدة
فمن كانت له عناية بنفسه وخاف عليها التلف طلب لطائف الاسباب بدقائق الفطن وغائص الفهم حتى يصل اليها فإذا وصل اليها تمسك بها وعمل عليها لان المعرفة لآفات العمل تكون قبل العمل ومعرفة الطريق قبل سلوكه وحاجة العبد الى معرفة نفسه وهواها وعدوه ومعرفة الشر أشد إن كان كيسا وهو الى ذلك افقر إن كان فطنا معنيا بنفسه
لانه ليس العمل بكل الخير يلزم العبد والشر كله لازم للعبد تركه ومن ترك الشر وقع في الخير وليس كل من عمل بالخير كان من أهله
ومعرفة العبد للشر فيها علم الخير والشر وليس في معرفة الخير العلمان جميعا لان كل من ميز الخير من الشر فعزله واعتزله فكل ما بقي بعد ذلك فهو خير كله وقد يمكن أن يعلم الخير ولا يحسن ان يميز ما فيه من الشر من الافات التي تفسده وتبطله لان الخير مشوب ممازج بالشر والشر شر كله

الشيطان يضل الناس بالخير وبالشر


وقد اضل العدو الخبيث عن الله كثيرا من الناس بالخير واضل كثيرا منهم بالشر وإنما اضل من أضل منهم بالخير لقلة معرفتهم بما يمازج الخير من الشر فجهلوا معرفة ذلك و أوهمتهم انفسهم أنهم على خير وهدى وطريق محبة وسبيل واستقامة وهم ضالون عن الله عادلون عن طريق محبته وسبيل الاستقامة اليه


وإنما ذلك من كثرة الافات التي تلحق الاعمال وقلة علم العمال بها فإنا لله وإنا اليه راجعون

الطلب على قدر المعرفة


ما أغفل الناس عن أنفسهم وعن اهوائهم وعن عدوهم فنعوذ بالله من الغفلة والسهو والنسيان الذي يردي ويفسد الأعمال

والحري أن تارك الشر يكون تركه له على قدر ما يعرف من ضرره وهو قائم بفرض تقرب إقامته من الله زلفى وطالب الخير يكون طلبه على قدر ما يرجو ويعرف من منفعته ومن أن العلم شئ والعمل شئ والمنفعة شئ وربما كان علم ولم يكن صاحبه به عاملا وربما كان علم وعمل ولم تكن منفعة وربما كان علم وعمل ومنفعة ثم يكون بعد ذلك إبطال وإحباط وربما علم العبد وعمل وانتفع وسلم وتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.