Our Blog

رحله علي خطي الحبيب من الميلاد الي الممات (الدرس الحادي عشر)



 ايذاء المشركين للرسول صلي الله عليه وسلم ..


أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئا فشيئا لكف الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها إلى طريق الإضطهاد والتعذيب ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لا تجدي لهم نفعا في كف الدعوة الإسلامية اجتمعوا مرة أخرى وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة وعشرون رجلا من سادات قريش رئيسها أبو لهب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد التشاور والتفكر اتخذت هذه اللجنة قرارا حاسما ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضد أصحابه.فقررت ألاتألوا جهدا في محاربة الإسلام وإيذاء رسوله وتعذيب الداخلين فيه والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام

اتخذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه. أما بالنسبة إلى المسلمين ولا سيما المستضعفين منهم فكان ذلك سهلا جدا. وأما بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان رجلا شهما وقورا ذا شخصية فذة تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث لا يقابل مثلها إلا بالإجلال والتشريف ولا يجترئ على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أرذال الناس وسفهاؤهم ومع ذلك كان في منعة أبي طالب وأبو طالب من رجال مكة المعدودين كان معظما في أصله معظما بين الناس فما يجسر أحد على إخفار ذمته واستباحة بيضته إن هذا الوضع أقلق قريشا وأقامهم وأقعدهم ولكن إلام هذا الصبر الطويل أمام دعوة تتشوف إلى القضاء على زعامتهم الدينية وصدارتهم الدنيوية....

وبدأوا الإعتداآت ضد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أبو لهب فقد اتخذ موقفه هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول قبل أن تهم قريش بذلك. وقد أسلفنا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس بني هاشم وما فعل على الصفا وقد ورد في بعض الروايات أنه حينما كان على الصفاأخذ حجرا ليضرب به النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما .
ولما مات عبد الله الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر أبو لهب وهرول إلى رفقائه يبشرهم بأن محمدا صار أبتر 
وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج والأسواق لتكذيبه وقد روى طارق بن عبد الله المحاربي ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمي عقباه.


 وازداد عقبة بن أبي معيط في شقاوته وخبثه فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد.فانبعث أشقى القوم (وهو عقبة بن أبي معيط) فضاء به فنظر حتى إذا سجد النبي لله وضع على ظهره بين كتفيه وأنا أنظر لا أغني شيئا لو كانت لي منعة قال فجعلوايضحكون ويحيل بعضهم على بعض أي يتمايل بعضهم على بعض مرحا وبطرا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره فرفع رأسه ثم قال اللهم عليك بقريش ثلاث مرات فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم وقال وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعد السابع فلم يحفظه فو الذي نفسي بيده لقد رأيت الذي عد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القليب قليب بدر 


وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه وفيه نزل ويل لكل همزة لمزة قال ابن هشام: الهمزة الذي يشتم الرجل علانية ويكسر عينيه ويغمز به.واللمزة: الذي يعيب الناس سرا ويؤذيهم 


أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس عقبة مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه فلما بلغ ذلك أبي أنبهه وعاتبه وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل وأبي بن خلف نفسه فت عظاما رميما ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم . 


وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه وهي في قوله تعالى ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد أثيم. عتل بعد ذلك زنيم.


 وكان أبو جهل يجيء أحيانا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع ولا يتأدب ولا يخشى ويؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول ويصد عن سبيل الله ثم يذهب مختالا بما يفعل، فخورا بما ارتكب من الشر كأنما فعل شيئا يذكر وفيه نزل فلا صدق ولا صلى إلخ . وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلي في الحرم ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال يا محمد ألم أنهك عن هذاوتوعده فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره. فقال يا محمد بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا. فأنزل فليدع ناديه . وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه وهو يقول له أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فقال عدو الله أتوعدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئا وإني لأعز من مشى بين جبليها .
ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الأنتهار بل ازداد شقاوة فيما بعد.

أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل
نعم! فقال: واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبية ويتقي بيديه فقالوا ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا.


قال ابن إسحاق: كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب والحكم ابن أبي العاص بن أمية وعقبة بن أبي معيط وعدي بن حمراء الثقفي وابن الأصداء الهذلي وكانوا جيرانه لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص
فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلي وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا ليستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى يخرج به على العود فيقف به على بابه ثم يقول: يا بني عبد مناف! أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق .


 كانت هذه الإعتداآت بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع ما لشخصيته الفذة من وقار وجلال في نفوس العامة والخاصة ومع ما له من منعة أبي طالب أعظم رجل محترم في مكة أما بالنسبة إلى المسلمين ولا سيما الضعفاء منهم فإن الإجراآت كانت أقسى من ذلك وأمر ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعا من التعذيب ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش والسادات ألوانا من الإضطهاد يفزع من ذكرها قلب الحليم.


كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال والجاه وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به .


وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته .
ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته وكان من أنعم الناس عيشا فتخشف جلده تخشف الحية .


وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي فكان أمية يضع في عنقه حبلا ثم يسلمه إلى الصبيان يطوفون به في جبال مكة حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه وكان أمية
يشده شدا ثم يضربه بالعصا وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس كما كان يكرهه على الجوع وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فيقول: وهو في ذلك أحد أحد حتى مر به أبو بكر يوما وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه .


وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم أسلم هو وأبوه وأمه فكان المشركون وعلى رأسهم أبو جهل يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال: صبرا آل ياسر! فإن موعدكم الجنة فمات ياسر في العذاب وطعن أبو جهل سمية أم عمار في قبلها بحربة فماتت وهي أول شهيدة في الإسلام وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى وبالتغريق أخرى وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمدا أو تقول: في اللات والعزى خيرا فوافقهم على ذلك مكرها وجاء باكيا معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... فأنزل الله من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ....


وكان أبو فكيهة واسمه أفلح مولى لبني عبد الدار فكانوا يشدون برجله الحبل ثم يجرونه على الأرض .

وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية فكان المشركون يذيقونه أنواعا من التنكيل يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذبا ويلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات عديدة على فحام ملتهبة ثم وضعوا عليه حجرا حتى لا يستطيع أن يقوم 

وكانت زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن وكان المشركون يسومونهن من
العذاب أمثال ما ذكرنا وأسلمت جارية لبني مؤمل وهم حي من بني عدي فكان عمر بن الخطاب وهو يومئذ مشرك يضربها حتى إذا مل قال إني لم أترك إلا ملالة .وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن كما أعتق بلالا وعامر بن فهيرة 

وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر ثم يلقونه في حر الرمضاء ويلبسون بعضا آخر درعا من الحديد ثم يلقونه على صخرة ملتهبة .
وقائمة المعذبين في الله طويلة ومؤلمة جدا فما من أحد علموا بإسلامه إلا تصدوا له وآذوه



وكانت امرأة أبي لهب أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلا وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها وتطيل عليه الإفتراء والدس وتؤجج نار الفتنة وتثير حربا شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب.
ولما سمعت ما نزل فيه وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر (أي بمقدار ملء الكف) من حجارة فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر فقالت: يا أبا بكر! أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه أما والله إني لشاعرة. ثم قالت:مذمما عصينا ...وأمره أبينا......ودينه قلينا
ثم انصرفت فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تراها رأتك؟ فقال: ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها عني.
وروى أبو بكر البزار هذه القصة. وفيها أنها لما وقفت على أبي بكر قالت: أبا بكر هجانا صاحبك فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به فقالت:
إنك لمصدق.كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاره كان بيته ملصقا ببيته كما كان غيره من جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذونه وهو في بيته.

دار الأرقم............

كان من الحكمة تلقاء هذه الإضطهادات أن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن إعلان إسلامهم قولا أو فعلا وألايجتمع بهم إلا سرا لأنه إذا اجتمع بهم علنا فلا شك أن المشركين يحولون بينه وبين ما يريد من تزكية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة وربما يفضي ذلك إلى مصادمة الفريقين بل وقع ذلك فعلا في السنة الرابعة من النبوة وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب فيصلون فيها سرا فرآهم نفر من كفار قريش فسبوهم وقاتلوهم فضرب سعد بن أبي وقاص رجلا فسال دمه وكان أول دم أهريق في الإسلام .
ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم فكان من الحكمة الإختفاء فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتماعهم أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين لا يصرفه عن ذلك شيء ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرا نظرا لصالحهم وصالح الإسلام وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي على الصفا. وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم فكان أن اتخذها مركزا لدعوته ولاجتماعه بالمسلمين من السنة الخامسة من النبوة 

من هنا 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.