Our Blog

رحله علي خطي الحبيب من الميلاد الي الممات (الدرس السادس والخمسون )




نهاية الرحلة

مرض وأنتقال الحبيب صلي الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى


 طلائع التوديع



لما تكاملت الدعوة  وسيطر الإسلام على الموقف  أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء تطلع من مشاعره صلى الله عليه وسلم  وتنضح بعباراته وأفعاله.

إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوما  بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام فحسب  وتدارسه جبريل القرآن مرتين وقال في حجة الوداع: إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ..وقال وهو عند جمرة العقبة: خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا.. وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق  فعرف أنه الوداع  وأنه نعيت إليه نفسه.


وفي أوائل صفر سنة 11 هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد  فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات  ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرطكم  وإني شهيد عليكم  وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن  وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي  ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها .

وخرج ليلة  في منتصفها  إلى البقيع فاستغفر لهم  وقال: السلام عليكم يا أهل المقابر  ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم  يتبع آخرها أولها  الآخرة شر من الأولى. وبشرهم قائلا: إنا بكم للاحقون .




 بداية المرض

وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11 هـ وكان يوم الإثنين  شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في البقيع  فلما رجع  وهو في الطريق  أخذه صداع في رأسه  واتقدت الحرارة  حتى إنهم كانوا يجدون سورتها فوق العصابة التي تعصب بها رأسه.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض 11 يوما  وجميع أيام المرض كانت 13 أو 14 يوما. 



الأسبوع الأخير


وثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض  فجعل يسأل أزواجه: أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟  ففهمن مراده  فأذن له يكون حيث شاء فانتقل إلى عائشة  يمشي بين الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب  عاصبا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتها فقضى عندها آخر أسبوع من حياته.وكانت عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تنفث على نفسه وتمسحه بيده رجاء البركة.


 قبل الوفاة بخمسة أيام


ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة  اتقدت حرارة العلة في بدنه  فاشتد به الوجع وغمي  فقال: هريقوا علي سبع قرب من آبار شتى  حتى أخرج إلى الناس  فأعهد إليهم  فأقعدوه في مخضب  وصبوا عليه الماء  حتى طفق يقول: حسبكم  حسبكم .



وعند ذلك أحس بخفة  فدخل المسجد وهو معصوب الرأس  حتى جلس على المنبر  وخطب الناس  والناس مجتمعون حوله فقال: لعنة الله على اليهود والنصارى  اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.. وفي رواية ..قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد  وقال: لا تتخذوا قبري وثنا يعبد .

وعرض نفسه للقصاص قائلا: من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه  ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه. 
ثم نزل فصلى الظهر  ثم رجع فجلس على المنبر وعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها  فقال رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم فقال: أعطه يا فضل  ثم أوصى بالأنصار قائلا: أوصيكم بالأنصار  فإنهم كرشي وعيبتي  وقد قضوا الذي عليهم  وبقي الذي لهم  فاقبلوا من محسنهم  وتجاوزوا عن مسيئهم. وفي رواية أنه قال: إن الناس يكثرون وتقل الأنصار  حتى يكونوا كالملح في الطعام  فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه. فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم .
ثم قال: إن عبدا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده  فاختار ما عنده قال أبو سعيد الخدري: فبكى أبو بكر. قال: فديناك بابائنا وأمهاتنا فعجبنا له  فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ  يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا  وبين ما عنده  وهو يقول: فديناك بابائنا وأمهاتنا. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا  .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من آمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر  ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا  ولكن أخوة الإسلام ومودته  لا يبقين نفي المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر  .




  قبل الوفاة بأربعة أيام



ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال وقد اشتد به الوجع .هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده. وفي البيت رجال فيه عمر فقال عمر: قد غلب عليه الوجع  وعندكم القرآن  حسبك كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا  فمنهم من يقول: قربوا يكتب لك رسول الله صلى الله عليه وسلم  ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا عني 
وأوصى ذلك اليوم بثلاث: أوصى بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب  وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزه  أما الثالث فنسيه الراوي  ولعله الوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة  أو تنفيذ جيش أسامة  أو هي: الصلاة وما ملكت أيمانكم.
والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام  وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب  فقرأ فيها بالمرسلات عرفا . 


 وعند العشاء زاد ثقل المرض  بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد. قالت عائشة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصلى الناس؟ قلنا: لا يا رسول الله، قلنا: لا يا رسول الله  وهم ينتظرونك. قال: ضعوا لي ماء في المخضب . ففعلنا فاغتسل  فذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟  ووقع ثانيا وثالثا ما وقع في المرة الأولى من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس  فصلى أبو بكر تلك الأيام  17 صلاة في حياته صلى الله عليه وسلم.
وراجعت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث أو أربع مرات  ليصرف الإمامة عن أبي بكر  حتى لا يتشاءم به الناس فأبى وقال:  إنكن صواحب يوسف. مروا أبا بكر فليصل بالناس .




  قبل يوم أو يومين


ويوم السبت أو الأحد وجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة  فخرج بين رجلين لصلاة الظهر  وأبو بكر يصلي بالناس  فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر  فأومأ إليه بأن لا يتأخر  قال: أجلساني إلى جنبه  فأجلساه إلى يسار أبي بكر فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم  ويسمع الناس التكبير  .
قبل يوم من الوفاة

وقبل يوم من الوفاة  يوم الأحد  أعتق النبي صلى الله عليه وسلم غلمانه  وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده  ووهب للمسلمين أسلحته وفي الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها  وكانت درعه صلى الله عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من الشعير.

 آخر يوم من الحياة

روى أنس بن مالك  أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الإثنين  وأبو بكر يصلي بهم  لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم  وهم في صفوف الصلاة  ثم تبسم يضحك  فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة. فقال أنس: وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم  فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم  فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر .  ثم لم يأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلاة أخرى.



ولما ارتفع الضحى  دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة فسارها بشيء فبكت. ثم دعاها  فسارها بشيء فضحكت قالت عائشة فسألنا عن ذلك  أي فيما بعد  فقالت: سارت النبي صلى الله عليه وسلم:أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه  فبكيت  ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت  . وبشر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين 
ورأت فاطمة ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه، فقالت: واكرب أباه. فقال لها: ليس على أبيك كرب 
بعد اليوم  .

ودعا الحسن والحسين قبلهما  وأوصى بهما خيرا ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن.

وطفق الوجع يشتد ويزيد  وقد ظهر أثر السم الذي أكله يخبر حتى كان يقول: يا عائشة  ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم .
وأوصى الناس  فقال: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم..كرر ذلك مرارا  .




  الاحتضار

وبدأ الإحتضار فأسندته عائشة إليها  وكانت تقول  إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري  وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته  دخل عبد الرحمن  بن أبي بكر وبيده السواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم  فرأيته ينظر إليه  وعرفت أنه يحب السواك  فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم  فتناولته فاشتد عليه وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم  فلينته. فأمره  وفي رواية أنه استن بها كأحسن ما كان مستنا  وبين يديه ركوة فيها ماء  فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه  يقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات.....


وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو إصبعه  وشخص بصره نحو السقف  وتحركت شفتاه  فأصغت إليه عائشة وهو يقول:  مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين  اللهم اغفر لي وارحمني  وألحقني بالرفيق الأعلى  اللهم الرفيق الأعلى  . كرر الكلمة الأخيرة ثلاثا  ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقع هذا الحارث حين اشتدت الضحى من يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هـ.

وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام.


تفاقم الأحزان على الصحابة


وتسرب النبأ الفادح  وأظلمت على المدينة أرجاؤها وآفاقها  قال أنس: ما رأيت يوما قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم  .
ولما مات قالت فاطمة  يا أبتاه أجاب ربا دعاه  يا أبتاه  من أنة الفردوس مأواه  يا أبتاه  إلى جبريل ننعاه  .
 موقف عمر بن الخطاب

ووقف عمر بن الخطاب  وقد أخرأه الخبر عن وعيه  يقول: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات  لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران  فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجعت إليهم بعد أن قيل قد مات. وو الله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات  .
 موقف أبي بكر الصديق

وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل  فدخل المسجد  فلم يكلم لناس  حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم  وهو مغشى بثوب حبرة  فكشف عن وجهه  ثم أكب عليه، فقبله وبكى  ثم قال: بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين  أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها.
ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس  فقال: اجلس يا عمر  فأبى عمر أن يجلس  فأقبل الناس إليه  وتركوا عمر  فقال أبو بكر: أما بعد  من كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات  ومن كان منكم يعبد الله  فإن الله حي لا يموت. قال الله: وما محمد إلا رسول  قد خلت من قبله الرسل  أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم  ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين .


 قال ابن عباس: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر  فتلقاها منه الناس كلهم  فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها.

قال ابن المسيب: قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعفرت حتى ما تقلني رجلاي  وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها  علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات .

 

التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الأرض


ووقع الخلاف في أمر الخلافة قبل أن يقوموا بتجهيزه صلى الله عليه وسلم  فجرت مناقشات ومجادلات وحوار وردود بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة  وأخيرا اتفقوا على خلافة أبي بكر رضي الله عنه  ومضى في ذلك بقية يوم الإثنين حتى دخل الليل وشغل الناس عن جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم  حتى كان آخر الليل  ليلة الثلاثاء مع الصبح  وبقي جسده المبارك على فراشه مغشى بثوب حبرة  قد أغلق دونه الباب أهله.
ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يجردوه من ثيابه  وكان القائمون بالغسل العباس وعليا  والفضل وقثم ابني العباس  وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأسامة بن زيد  وأوس بن خولي. فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه وأسامة وشقران يصبان الماء  وعلي يغسله  وأوس أسنده إلى صدره. ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف  ليس فيها قميص ولا عمامة  أدرجوه فيها إدراجا.


 واختلفوا في موضع دفنه فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه  فحفر تحته  وجعل القبر لحدا.

ودخل الناس الحجرة أرسالا عشرة فعشرة  يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يؤمهم أحد وصلى عليه أولا أهل عشيرته ثم المهاجرون  ثم الأنصار  وصلت عليه النساء بعد الرجال  ثم صلى عليه الصبيان.

ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملا  حتى دخلت ليلة الأربعاء  قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل من ليلة الأربعاء.. وهكذا  أنتهت  حياه  النبي صلي  الله عليه وسلم  ... ولكن  قال  تركتم فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي  أبدا  كتاب  الله  وسنتي  .... صلي  الله عليه وسلم





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.