Our Blog

رحله علي خطي الحبيب من الميلاد الي الممات (الدرس الثالث )



حياه المصطفي قبل النبوه ....

إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات، وكان طرازا رفيعا من الفكر الصائب والنظر السديد ونال حظا وافرا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناء الحق وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشؤون الناس وأحوال الجماعات فعاف ما سواها من خرافة ونأى عنها ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم فما وجد حسنا شارك فيه، وإلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل مما ذبح على النصب، ولا يحضر للأوثان عيدا، ولا احتفالا، بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى  .

ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ، فعندما تتحرك نوازع النفس لإستطاع بعض متع الدنيا، وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه وبينها، روى ابن الأثير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب! فقال: أفعل فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا فقلت: ما هذا؟ فقالوا عرس فلان بفلانة فجلست أسمع. فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس فعدت إلى صاحبي فسألني فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة ... ثم ما هممت بسوء ....صلي الله عليه وسلم....


وروى البخاري عن جابر بن عبد الله قال لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال: إزاري، إزاري، فشد عليه إزاره ... وفي رواية فما رؤيت له عورة بعد ذلك .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأعزهم جوارا وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وألينهم عريكة وأعفهم نفسا وأكرمهم خيرا وأبرهم عملا وأوفاهم عهدا وآمنهم أمانة، حتى سماه قومه: الأمين لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية، وكان كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها يحمل الكل ويكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق.



رسول الله في في غار حراء... قبل نزول الوحي ...

ولما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه حبب إليه الخلاء فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ومعه أهله قريبا منه فيقيم فيه شهر رمضان يطعم من جاءه من المساكين ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية ولكن ليس بين يديه طريق واضح ولا منهج محدد ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه

وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفا من تدبير الله له وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى ...

لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة وهموم الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة.


وهكذا دبر الله لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض وتعديل خط التاريخ دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات ينطلق في هذه العزلة شهرا من الزمان مع روح الوجود الطليقة ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عند ما يأذن الله ...


يتابع من هنا  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.