Our Blog

رحمة للعالمين صلي الله عليه وسلم



قال رسول الله : "من لا يَرْحَم لا يُرْحَم"[7].
هكذا على إطلاقها تأتي العبارة، مَن لا يَرحم العباد -دون تحديد ولا تقييد- لا يرحمه الله ..
ويقول أيضًا: "ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"[8].
وكلمة "مَنْ" تشمل كل مَن في الأرض..
ويقول كذلك: "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّاحَمَون
إن الرحمة التي ظهرت في كل أقوال وأعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن رحمة مُتكلَّفة، تحدث في بعض المواقف من قبيل التجمل أو الاصطناع، إنما كانت رحمة طبيعية تلقائية مُشاهَدة في كل الأحوال، برغم اختلاف الظروف، وتعدُّد     

عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً ) رواه البخاري .  


وفي رواية لهما ( وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ). عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري . عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قيل : يا رسول الله ! ادع على المشركين . قال " إني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة "رواه مسلمعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه ، على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا عصت وأبت ، فادع الله عليها ، فقيل : هلكت دوس ، قال : ( اللهم اهد دوسا وأت بهم ) رواه البخاري 

النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  رحمته عالميّة تعمّ الإنسانيّة إلى يوم القيامة 

*أخرج الضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عته في قوله تعالى:{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} ،قال: من آمن تمّت له الرّحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن عُوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدّنيا من العذاب من المسخ والخسف والقذف وذلك رحمة في الدنيا.  : النبيّ صلّى الله عليه وسلم هديّة من الله تعالى للبشريّة لأنّه جاءهم بعلم وشرع فيه الخير كلّه في الدنيا والآخرة:
*أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:« يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ ».
*أخرج البزار في مسنده عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : تَرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ ، إِلا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ ، إِلا وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ.  النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق المرأة والتلطّف بها والنّهي عن تعنيفها:
أخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وعائشة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: خيارُكم خيرُكم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي "

وفي رواية:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " .
*أخرج أبو داود في سننه عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ - أي من الضّرب - لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ».
أي الذي يضرب النّساء ليس هو من الخيار يعني هو من الأشرار.
: النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق الأطفال والصّغار:
أخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :ليس منّا من لم يرحم صغيرنا.
 :النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق الشيخوخة وطبار السنّ:
أخرج أبو داود عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم.ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان ـ، أن بين لنا أن الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة ..

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى(التراب) من العطش، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له .. قالوا : يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟، فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر )( البخاري ).
وأعجب من ذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( بينما كلب يطيف بركية (بئر)، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها(خُفَّها)، فاستقت له به، فسقته إياه، فغفر لها به )( البخاري ) .وفي المقابل أوضح لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإساءة إلى البهائم ربما أودت بالعبد إلى النار، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( دخلت امرأة النار في هِرَّة(قطة)، ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا )( مسلم ) .

 وأمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمعاملة الحيوان بالرفق، فقد استصعب جمل على أصحابه، فأعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاله الأولى بالرفق واللين ..
 فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال : ( كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون(يسقون عليه)، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنه كان لنا جمل نسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل فقال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا، فقاموا ، فدخل الحائط (البستان)، والجمل في ناحيته، فمشى النبي - صلى الله عليه وسلم ـ نحوه ، فقالت الأنصار : يا رسول الله، قد صار مثل الكلب، نخاف عليك صولته، قال : ليس عليَّ منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه : يا رسول الله هذا بهيمة لا يعقل يسجد لك، ونحن نعقل ، فنحن أحق أن نسجد لك؟ قال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها )( أحمد ) .
ودخل النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمسح عليه حتى سكن، فقال : ( لمن هذا الجمل؟، فجاء فتى من الأنصار فقال : لي يا رسول الله ، فقال له: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا لي أنك تجيعه )( أبو داوود ) .وتُدْئبُهُ(تتعبه)

ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أمر بالإحسان إلى البهيمة حال ذبحها ، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تحد آلة الذبح أمامها ..
فعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته )( مسلم ) .
وعن معاوية بن قرة عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلا قال : ( يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال : والشاة إن رحمتها رحمك الله )( أحمد ).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أتريد أن تميتها موتات، هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها )(الحاكم) .. وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة )( الطبراني )..
ومن عجيب صور الرحمة بالحيوان في هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو تحريم لعنه إياه، فعن أبي برزة ـ رضي الله عنه ـ قال : كانت ‏ ‏راحلة ‏ ‏أو ناقة أو بعير ‏ ‏عليها بعض متاع القوم وعليها ‏ ‏جارية، ‏فأخذوا بين جبلين فتضايق بهم الطريق، فأبصرت رسول الله ـ ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ـ‏، ‏فقالت : ‏حَلْ،‏ ‏حَلْ، ‏‏اللهم العنها .. فقال النبي ـ ‏‏صلى الله عليه وسلم ـ : ( ‏ ‏من صاحب هذه ‏ ‏الجارية؟،‏ ‏لا تصحبنا ‏‏راحلة ‏أو ناقة أو بعير عليها من لعنة الله تبارك وتعالى )( أحمد ).

وهكذا كانت حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلها رحمة، شملت الصغير والكبير، والمؤمن والكافر، بل حتى البهائم التي لا تعقل، وهو القائل ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك و تعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )( أبو داود 

هناك تعليق واحد:

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.