تحويل القبله

الحمد لله المتوحد بالعظمه والجلال ... المنفرد بالبقاء والكمال ..احمده سبحانه علي جزيل الانعام واشكره علي عظيم الافضال .واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال........
واشهد ان سيدنا ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم ..المنقذ بإذن ربه من الضلال والداعي الي كريم السجايا والخلال وشريف الاخلاق والخصال وصلي الله وسلم وبارك عليه . دل علي حسن الاقوال وطيب الافعال وحث علي افضل الاعمال..وحذر من التسويف والاهمال ..والصغار والاذلال .. وعلي اله خير اهل واّل وعلي اصحابه اهل الاكبار والاجلال وتابعم باحسان بلغوا بتقواهم اعالي الجبال .... ومن سار علي نهجهم الي يوم الماّل ......
وبعـــــــــــــــد:......
فنحن في صدد هذا الشهر العظيم شهر المصطفي صلي الله عليه وسلم ... فكان يصومه الا قليلا ... وفي روايه كان يصومه كله .. ففي هذا الشهر ايضا فيه ترفع الاعمال الي رب البريه ....
ولا يقتصر علي ذلك فحسب ففي هذه الليله المباركه في ليله النصف من شعبان ... يغفر الله لجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن فقال صلي الله عليه وسلم ... [يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن] وفي رواية [ فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن وقاتل نفس ] وفي رواية أخرى: [يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه]. وبالرغم من ذلك كله فلقد تجلي له ربه بنفحات طيبه ... وليعلم من الثابت علي دينه ومن المتزعزع... فجعل في هذا الشهر العظيم حادث جليل ...الا هو تحويل القبله ...
لذلك اعيروني القلوب والابصار واسأل الله ان يجعلني واياكم ممن يسمعون.القول فيتبعون احسنه أولائك الذين هداهم الله وأولائك هم أولوا الألباب....

فيقول المولي سبحانه .... بسم الله الرحمن الرحيم ...
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) ...........................................

 حقيقه اختلف العلماء في يوم تحويل القبله بل في شهر تحويل القبله فمنهم من قال انه في رجب في السنه الثانيه للهجره ومن قال انما صرفت القبلة في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. ومنهم من قال إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة.أنها حولت يوم الثلاثاء النصف من شعبان وفي هذا التحديد نظر والله أعلم.

 فعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في أهل الكتاب إنهم لم يحسدونا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله إليها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا وعلى قولنا خلف الإمام آمين .....

 ففي مكه المكرمه زادها الله تشريفا وتكريما وتعظيما وزاد كل من زارها تكريما وتعظيما وتشريفا فكان بمكة يصلي بين الركنين فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبل صخرة بيت المقدس فكان النبي صلي الله عليه وسلم يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس فيصلي وكان هذا في مكه المكرمه قبل الهجره فلما هاجر المصطفي لم يستطع الجمع بينهما فأمر بتبليغ من ربه عن طريق أمين وحي السماء ان يتجه الي بيت المقدس ... قال تعالي.... ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير.... ولكن النبي صلي الله عليه وسلم يتمني ان تكون قبلته هي البيت الحرام ...

 وظل النبي صلي الله عليه وسلم ان يصلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت الحرام التي هي قبلة إبراهيم عليه السلام

 فلما صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا وكان يحب أن يصرف إلى الكعبة لما بلغه أن اليهود قالوا يخالفنا ويتبع قبلتنا فقال يا جبريل وددت أن الله صرف وجهي عن قبلة يهود فقال جبريل إنما أنا عبد فادع ربك وسله وجعل إذا صلى إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء ينتظر أمر الله لأن السماء قبلة الدعاء

 يا الله السماء قبله الدعاء .. واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوه الداع لإذا دعان فليتجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ... واذا برسول الله صلي الله عليه وسلم يتوجه الي الله بالدعاء متجها بصره الي السماء ويدعوا ربه ان يجعل قبلته بيت الله الحرام ... فنزل قول الله تعالي .... قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبله ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ...... استجابه لدعاء المصطفي صلي الله عليه وسلم

 أمره الله تعالى باستقبال الكعبة البيت الحرام وذلك في قوله تعالى فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره .. وأمر بالتوجه إلى البيت العتيق فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأعلمهم بذلك وكان أول صلاة صلاها إليها صلاة الظهرفي مسجد بني سلمه ... المسجد ذو القبلتين

 ويقال: بل زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاما وحانت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يتوجه إلى الكعبة فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي المسجد مسجد القبلتين وذلك يوم الإثنين للنصف من رجب على رأس ثمانية عشر شهرا قال الجمهور الأعظم إنما حرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة...بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها فاستداروا إلى الكعبة ...

 ولكن انظر الي مواقف اليهود والمشركين والمنافقين ....وقد تباينت ردود أفعال الناس تجاه هذا الحادث غير المألوف أما المؤمنين فلم يترددوا لحظة عن التحوّل طاعه لله ورسوله فامتدحهم الله وبين لهم أن هذه الحادثة إنما كانت اختبارا للناس وامتحانا لهم كما قال تعالى .... وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ...

 وأظهر بعض المسلمين القلق على من لم يكتب الله له شرف الصلاة إلى الكعبة ممن مات قبلهم وخافوا من حبوط أعمالهم وقالوا يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ؟ فأنزل الله ... وما كان الله ليضيع إيمانكم ..

 وأما اليهود فقد عابوا على المسلمين رجوعهم عن بيت المقدس إلى الكعبة وقابلوا ذلك بالسخرية والاستهجان واستغلّوا ذلك الحدث بدهاء ليمرروا من خلاله الشكوك والتساؤلات طعنا في الشريعة وتعمية لحقائقها وقد حذر الله سبحانه وتعالى المسلمين وأخبرهم بموقف اليهود قبل وقوعه فقال .... سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ...

 وهكذا تحق ق للمسلمين فضل التوجّه إلى القبلتين جميعا واستطاعوا أن يجتازوا هذا الامتحان الإلهي وبذلك نالوا شهادة الله .... وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ... وكان ذلك التحوّل إيذانا بنهاية الشرك وسقوط رايته وأصبحت الكعبة قبلة للمسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها....

 ولكن في كل عام في مثل هذا الوقت يصعد الخطباء علي المنابر ويقولون تحولت القبله من المسجد الاقصي الي البيت الحرام ... ولكن ما العبره وما الفائده التي ترجع اليك وما ا لاستفاده من تحويل القبله وما الذي يعود عليك ايها المسلم ....

 اولا إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخبر الله تبارك وتعالى بما سيقوله اليهود عند تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة قبل وقوع الأمر بالتحويل نعم صدق ربي لما زكاه وقال وما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي فهذا دليل واضح لرسول الله وعلمه بما سيحدث وبما يقولون كلا من اليهود والمشركون وحتي المسلمون المنافقون الذي هو ايمانهم متزعزع ولهذا دلالته فهو يدل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو أمر غيبي لا يعلمه احد الا الله سبحانه وتعالي فأخبر به رسوله صلي الله عليه وسلم فأخبر عنه بآيات قرآنية قبل وقوعه ثم وقع قال تعالي سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ... يامحمد قل لهم قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء الي صراط مستقيم .....

 الدرس الثاني من تحويل القبله هو الابتلاء والاختبار ... والامتحان من سنن الله في خلقه كان تحويل القبله امرا شاقا علي النفوس الا من هداهم الله للايمان وامنوا بالله وبرسوله حق الايمان وذلك بتسلم الامر لله عزوجل فان الله تعالي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بحكمه سبحانه وله الحكمه التامه والحجه البالغه فبين الله من رحمته انه لا تضيع اعمالهم فكيف يظن الناس ان صلاتهم الي المسجد الاقصي باطله

 الدرس الثالث وسطيه الاسلام فامه النبي صلي الله عليه وسلم امه وسطيه ..فهي وسطيه شامله جمعه فهي جمعت بين قبلتين عظيمتين المسجد الاقصي والبيت الحرام قبله ابراهيم واتباعه وقبله موسي وغيره من انبياء بني اسرائيل فأ مه الاسلام أمه وسط ...فهي وسطيه في الاعتقاد والتصور والتشريع والعبادات ووسطيه في الاخلاق والسلوك والافكار والمشاعر مجانبه الغلو التقصير فوسطيه الامه وسطيه شامله فحري بالمؤمنين ان يعودوا الي وسطيتهم التي شرفهم الله بها وحري بمن كفروا المسلمين وفسقوا المصلحين ان ينهلوا من وسطيه الاسلام ويتعلموا ان الاسلام دين الوسطيه لا للتشديد والغلو ولا التنطع

 

 الدرس الرابع وحده الامه ... ووحد الله هذه الامه في ربها وفي دينها وفي نبيها وفي قبلتها ان هذه امتكم امه واحده وانا ربكم فاعبدوه ....فيجب علينا ان نكونوا متحدين لان ديننا واحد وكتابنا واحد وربنا واحد وقبلتنا واحده وان نكون علي قلب رجل واحد قال صلي الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي .. فيجب ان تكون وحدتنا في الله تحت رايه واحده وهدف واحد ومنطلق واحد ونظام واحد فمهما تباعدت اقطارهم ودولهم واجناسهم والوانهم يتجهون الي قبله واحده فيجب ان تتوحد مشاعرهم وعواطفهم ويشعرون بالروح ولانتماء الديني فكلنا نتجه الي بيت واحد الي اقدس بقعه واشرف مكان علي وجه الارض اختاره رب العزه بيتا له والطواف حوله والاتجاه اليه في كل صلاه .. فما احوج الامه الي ان تتحد سويا في ظل الظروف القاسيه التي يمر بها العالم اجمع حيث لامكان فيه لاصحاب النفوس الضعيفه ولا المتفرقين

 

 الدرس الخامس الرباط الوثيق بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي ...واظهار العلاقه القويه بينهم حيث جعلهما الله شقيقين فالمسجد الحرام هو اول مسجد وضع علي وجه الارض ثم المسجد الاقصي وهو ثاني المساجد فعن ابي ذر رضي الله عنه انه قال يا رسول الله اي مسجد وضع في الارض أول فقال المسجد الحرام قلت ثم اي فقال المسجد الاقصي قلت كم بينهما فقال اربعون سنه وايما ادركت الصلاه فصلي فهو مسجد ... فان من اهم ما ينبغي علي المسلم معرفته هي مكانه المسجد الاقصي في كيان هذه الامه اذا انه اسري برسول الله صلي الله عليه وسلم من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي ثم عرج بالمصطفي من المسجد الاقصي الي السماوات العلي ... فقال رسول الله لا تشد الحال الا لثلاثه مساجد المسجد الحرام والمسجد الاقصي ومسجدي هذا وهو المسجد النبوي الشريف ولن تستطيع الامه ان تحافظ علي مقدساتها الا بالاعتماد علي الله سبحانه وتعالي ثم بوحده الصف ثم بالعمل والانتاج حتي تمتلك قوتها وغذائها وكسائها ودوائها وسلاحها فتمتلك كلمتها وحرياتها وارادتها

 اسأل الله ان يوحد كلمتنا ويوحد صفوفنا كما وحد قبلتنا وان يؤلف بيننا وبين قلوبنا وان يهدينا سواء السبيل والحمدلله رب العالمين