Our Blog

الادمان والمخدرات . ومخاطره

مخاطر الإدمان والمخدرات
الحمد لله أحلَّ الحلالَ وحرَّم الحرام، ابتلَى العباد فأسعد وأشقَى, قومٌ تجازوا الحدودَ وانتهكوا الْحُرمات، وآخرون سلكوا الصِّراط فاتَّقوا المُحرَّماتِ و الشُّبهاتِ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربُّ الأرض والسَّموات , غافرُ الذَّنب وقابلُ التَّوبِ ومقيلُ العثرات، ونشهد أنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، أعفُّ الناسِ عن الحرام؛ حذر أمَّتهُ من مما يضر الأديان والعقول والأبدان، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله الأخيارِ وأصحابِه الأبرار، والتابعين لهم ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم القرار.
أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله عز وجل تصلح الأمور وتتلاشى الشرور ويصلُحُ للناس أمرُ الدنيا والآخرة.
أيُّها المؤمنون: نِعَمُ اللهِ لا تعدُّ ولا تحصى، وأعظمها تكريمُ بني آدم، حيث قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً وأعظمُ تكريمٍ لنا هذا العقلُ الرشيدُ الذي به نُميِّزُ بين الخير والشَّر، والضار والنافع، قال الإمامُ القرطبيُّ رحمه الله: "التفضيلُ إنما كان بالعقلِ الذي هو عُمدةُ التكليفِ". العقل يا عقلاء: جوهرةٌ ثمينةٌ، يحوطُها العقلاءُ بالرعاية والحماية؛ اعترافا بفضله، وخوفا من ضياعه وفقده. ومع ذلك فقد أبى بعضُ التائهينَ إلاَّ الانحطاطَ إلى درَكِ الذلَّة , والانحدارَ إلى المهانة والقِلَّةِ، فوضعوا العقلَ تحت أقدامِهم ، واتَّبعوا شهواتِهم، وأعموا أبصارَهم, فأزالوا عقولَهم ، في كأسة خمر، أو جُرعة مخدِّر، أو استنشاق مُسكر ومفتِّرٍ، فانسلخوا من عالم الإنسانية، ولبسوا ثوبَ الإجرام والبهيمية .!
أيُّها المسلمون:آفةُ مجتمعات اليوم هي الْمُسكِراتُ والمخدِّرات،أمُّ الخبائث,وأصلُ الشُّرور والمصائب،شتَّتِ الأسَر، وهتكتِ الأعراض،وسبَّبت السَّرقات، وجرَّأت على القتل وأدَّت إلى الانتحار، نسيَ السكرانُ والْمُخدَّرُ ربَّه، فَظَلَمَ نفْسْه، ومزَّق حياءه ، وأيتم أطفاله ، وأرمل زوجته وفضحَ أهله ، عربد ولهى , وطغى ولغا.
يا مؤمنون :لقد أجمعَ على ذمِّها العقلاءُ ، وترفَّع عنها النُّبلاءُ ،قال جل وعلا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ . أبانَ الله تعالى مفاسدَ الخمر، وأنَّها رجسٌ ونجَس، وتوقع العداوةَ والبغضاء، وتصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة ، وأنَّها سببٌ لعدم الفلاح.
والخمر المحرَّمةُ هي كلُّ ما خامرَ العقلَ مهما كان نوعُه وأيًّا كان اسمُه وجسمه وجنسه ، فقد قال رسولُ الله : ((كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ)) وقال : ((كلُّ شرابٍ أسكر فهو حرامٌ))، وقال : ((كلُّ مسكرٍ حرامٌ، إنَّ على الله عزَّ وجلَّ عهدًا لِمَنْ يشرب الْمُسكر أن يسقيَه من طينةِ الخبال))، قالوا: يا رسول الله، وما طينةُ الخبال؟ قال: ((عرقُ أهلِ النار)) أو: ((عصارةُ أهل النار)) وقال : ((مُدمن الخمر إنْ مات لقِيَ الله كعابدِ وثنٍ)). إنّها نصوصُ زجرٍ ووعيدٍ , وتخويفٍ وتهديد , يقفُ عند حدِّها من يعلَم أنَّه محاسَبٌ غدًا أمامَ الله العظيمِ المجيد. (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ )
عباد الله ، إنَّ رذيلة المخدِّرات والمسكرات آفةٌ خبيثةٌ، لم تفشُ في عصر من العصور كما فشت في عصرنا الحاضر، فهاهي وسائل الإعلام تطالعنا صباح مساء مُظهرةً جهودَ رجالِ الأمن ورجالِ الهيئات عارضةً كميَّاتٍ مخيفةٍ وعصاباتٍ نتنةٍ من جنسياتٍ متنوعةٍ ! الأمرُ الذي يجعلُنا في قلقٍ وخوفٍ من تلك السُّموم القاتلة.لأنَّ ضحاياها مع الأسف الشديد شبابٌ في سنِّ الزهور , فطلاب المرحلة الثانوية والجامعية هم أكثر الضحايا ! كما أعلن ذلك المسئولون !
عبادَ الله، والمخدِّراتُ بأنواعها شرٌّ ، فهي تفسدُ العقلَ، وتدمِّرُ الجسدَ، وتُذهبُ المالَ، وتقتُل الغيرةَ، فهي تشاركُ الخمر في الإسكار وتزيدُ عليه بكثرةِ الأضرار,
نتحدَّث عن المسكراتِ والمخدِّرات في وقتٍ ضجَّت بالشَّكوى فيه بيوتٌ واصطلى بنارها من عاشَهَا، فوالدٌ يشكي , وأمٌّ تبكي, وزوجةٌ حيرى ,وأولادٌ تائهون في ضيعةٍ كُبرى، ومن عوفي فليحمدِ المولى.
حدَّث أحدُ الضحايا المجروحين فقال :كنت مع إخواني نعيشُ مع أبي وأمي، في سعادة وهناء، أبي كان موظفًا، وذو خلق وأدب، أمي عاقلةٌ وحنونةٌ ، كان جوُّ البيت سعيدًا، لكن جاء كابوسٌ مخيفٌ حلَّ ببيتِنا وقلبها رأسًا على عقب، شيءٌ لا يصدقه العقل، أبي صاحبُ الابتسامة انقلب إلى وحشٍ كاسر، لا يعرف إلا الضَّربَ والصُّراخَ، وأمي كانت أوَّلَ ضحاياه يسبُّها ويضربُها، وهي صابرةٌ ترجو أن يرجعَ إلى صوابه، نظرنا في حال أبي: لماذا تغير هكذا ؟! فإذا هي المخدرات،قاتل الله المخدرات،
وهكذا ضاع أبي وفُصل من وظيفته، وتراكمت الديونُ علينا، باعت أمي المسكينةُ كلَّ مجوهراتِها، ولكن بعد أنْ تمكَّن السُّمُ القاتل من أبي، دخل علينا مرةً وهو في حالةِ سُكْرً وهَيَاجٍ يصرخُ : أعطوني مالاً، أعطوني مالاً, قالت أمي: لا يوجد عندنا مال والبيت كما ترى، فاتق الله في نفسك ستُهلِكُ بدنَكَ بالحرام ، اتق الله في أولادك، فقال: أنا لا أعرف بيتًا ولا أولادًا أُريد مالاً، واشتدَّ النِّقاشُ والصُّراخُ، فاستلَّ أبي سكينًا وطعنَ بِها أمي الحنون، فتخبَّطت في دمائِها ميتةً ، أيُّ ذنبٍ جنتُه أمي ؟! والدي أُحيلَ إلى السِّجن، وأختاي الصغيرتان إلى دار أيتام ، وأنا وأخي في دار أيتام أخرى،
رحماك ربي, ، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عافنا مما ابتليتَ به بعضُ التائهين ،
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ،
قصة
* سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه و أرضاه *

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل سرية مكونة من عشرة من الصحابة للاستطلاع . فعلم المشركون بأمرهم فأرسلوا بدورهم مائة من الرماة المهرة فبحثوا عنهم حتى وجدوهم وحاصروهم وعرضوا عليهم الاستسلام فتشاور الصحابة هل يستسلموا أم يقاتلوا فقال سيدنا عاصم أما أنا فقد عاهدت ربى بعد إسلامي ألا أمس مشرك ولا يمسني مشرك فسوف أقاتل فاجمع الصحابة على عدم الاستسلام فقاتلوا وقتلوا حتى استشهد سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه و أرضاه . ففرح المشركون بمقتله وقالوا نأخذ جثته . أتدرون لماذا .
كان سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه قد قتل في غزوة بدر الكافر عقبة بن أبى معيط وكان عقبة اكثر مشرك قد تجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أم عدو الله عقبة لان قتل عاصم لآاشربن في رأسه الخمر فقال الكفار نقطع راس عاصم ونبيعها إلى سولافة أم عقبة ولكن هل تدرون بماذا دعا سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه قبل استشهاده قال اللهم إني قد قتلت في سبيل أن أحمي دينك فا حمى لي جسدي . فهل يترك الحق سبحانه وتعالى جسده ليمثل به الكفرة لا فلا يعلم جنود ربك إلا هو فأرسل الله جند من جنوده أتدرون ماذا أرسل الله
سرب نحل يا سبحانك يا الله النحل الضعيف نعم سرب نحل أحاط بالجسد الطاهر فلم يستطع الكفار أن يقتربوا منه فقالوا ننتظر حتى المساء فا رسل الله جندا آخر من جنده المطر سيول وسيول من المطر فاخذ المطر الجسد الطاهر وجرفه معه فلا يعلم أحد حتى الآن مكان الجسد الطاهر فسبحان الله
(( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ))

صدق الله فصدقه الله رضى الله عنه و أرضاه

الخطبة الثانية:

حرَّم الإسلام كلَّ ما يضرُّ بالفرد أو الأسرة أو المجتمع، وأحلَّ كل ما هو طيِّب ومفيد للبشر جميعًا، فما حرَّم الله شيئًا إلاَّ عوَّض الناسَ خيرًا منه، فقال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]، ولأن النفس البشريَّة تميل دائمًا إلى تحقيق رغباتها - دون نظر إلى ما يَتَرَتَّب على ما تقترفه من مضارَّ جسيمةٍ - فقد أرشد الإسلام أتباعه إلى كبح جماح أنفسهم، وسَنَّ لهم الأحكام والتشريعات والقوانين الوقائيَّة والعلاجيَّة لحلِّ كل مشكلة تعترضهم، ثم كانت سيرة رسول الله r خير تطبيق لهذه الأحكام والتشريعات.
الحل الرباني لمشكلة إدمان الخمور والمسكرات
التدرج في حل المشكلة

من هذه المشكلات الخطيرة مشكلة إدمان الخمور والمسكرات، وكانت قد تغلغلت في نفوس العرب جميعًا؛ حتى إنهم كانوا يمدحونها في شعرهم؛ حيث تبدأ القصائد عادة بذكر الأطلال ثم وصف الخمر.. كما كانوا يشربونها في بيوتهم وأنديتهم ومنتدياتهم؛ ولذا فقد جاء الحلُّ الرباني للمشكلة حلاًّ حاسمًا، ودالاًّ بشكل واضح على أنه وحي من ربِّ العالمين.

لقد نزلت الآيات القرآنيَّة لتحلَّ المشكلة في تدرُّج مدهش، فكان أوَّل ما نزل في تنفير الناس مِنْ شُرْبِ الخمر قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 67]، فوصف الله تعالى الرزق بالحَسَن، ولم يصف السكر بذلك؛ تمهيدًا لتحريم الخمر، ثم لفت الأنظار إلى آثارها الضارَّة التي تَفُوقُ ما فيها من منافع محدودة، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]، وفي مرحلة لاحقة حرَّم تعاطيها قبل أوقات الصلاة؛ بحيث لا يأتي وقتُ الصلاة إلاَّ والواحد منهم في أتمِّ صحوة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]، وبعد أن تهيَّأت النفوس لتحريمها - وأصبحوا يتطلَّعون إلى اليوم الذي تُحَرَّم فيه تمامًا، كما قال عمر بن الخطاب t: "اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا"[1]- جاء التحريم القاطع في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].

ولأن عائشة -رضي الله عنها- تعرف جيِّدًا عمق مشكلة الخمر في نفوس المجتمع الجاهلي؛ لذلك قالت عن التدرُّج الذي نزلت به الآيات: "... ولو نزل أوَّل شيء: لا تشربوا الخمر. لقالوا: لا نَدَعُ الخمرَ أبدًا..."[2]. ولكن المجتمع - الذي ربَّاه النبي r على مراقبة الله تعالى - امتثل لأوامره I فور نزولها على نبيِّه r، فعن أنس بن مالك t أنه قال: كنتُ ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفَضِيخ[3]، فأمر رسول الله r مناديًا ينادي: "ألا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ". قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأَهْرِقْهَا[4]. فخرجتُ فهرقتها، فَجَرَتْ في سِكَكِ المدينة[5].
الحل النبوي لمشكلة إدمان الخمور

ومع نزول هذا التحريم القاطع من الله U جاء الحل النبوي لمشكلة إدمان الخمور، فقد استمرَّ تنفير رسول الله r لأصحابه منها، فقال رسول الله r لأبي الدرداء t: "لا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ"[6]. بل ولعن رسول الله r كل مَنْ يقوم بصناعتها وبيعها وشُرْبها، فقال r: "لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ"[7].

ولكن رسول الله r لم يُغلق باب التوبة أمام هؤلاء المدمنين؛ بل جعله مفتوحًا، حتى لو تكرَّر الخطأ أكثر من مرَّة؛ حيث ربط رسول الله r بين التخويف من سخط الله وعقابه في الآخرة وعدم توبتهم إليه I، وهذه هي عظمة رسول الله r في معالجته لمثل هذه المشكلات المتجذِّرة في مجتمع ما، فقال رسول الله r: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قالوا: يا رسول الله، وما رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ"[8].

كما جعلها رسول الله r وصيَّة من الوصايا التي خصَّ بها بعض أصحابه؛ وفي ذلك دلالة على تنفير الأُمَّة منها، ووقايتهم من الوقوع في شِرَاك كلِّ مسكر أو مخدِّر، فيروي أبو الدرداء أن رجلاً جاء إلى النبي r فقال: أوصني يا رسول الله. قال: "لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ... وَلا تَشْرَبِ الْخَمْرَ..."[9].

ويؤكِّد رسول الله r على مضارِّها على صحَّة الإنسان؛ فيقول للصحابي الذي سأله عن استخدام الخمر كدواء: "إِنَّهَا دَاءٌ، وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ"[10]. وقد أثبتت الدراسات الطبِّيَّة الحديثة إصابة الذي يتناول الخمر بالعديد من الأمراض؛ مثل: مرض تليُّف الكبد؛ فالخمور تسبِّب تحطيمًا لخلايا الكبد، وتقوم بترسيب الدهون فيها، وكذلك تُصيب الجهاز الهضمي باضطرابات مختلفة؛ فيفقد الإنسان شهيَّته للطعام، ويُصاب بسوء التغذية ونقص الفيتامينات، كما تؤثِّر على الأعصاب، وعضلة القلب، والعناصر المكوِّنة للدم[11].

ثم يُواصل رسول الله r تعليم أُمَّته مضارَّ الخمر - بطريقة أخرى - بِذِكْرِ قصص السابقين؛ حتَّى يَتَّعظ منها مَنْ كان له عقل يفكِّر، فعن عثمان بن عفان t، عن النبي r أنه قال: "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ؛ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ[12]امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ. فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا، فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلاَمٌ وَبَاطِيَةُ[13]خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلاَمَ. قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا. فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ: زِيدُونِي. فَلَمْ يَرِمْ[14]حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ؛ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلاَّ لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ"[15].

ورسول الله r حين يعالج مشكلة ما فإنه لا تشغله كثيرًا الأسماء بقدر ما تشغله المسمَّيَات؛ فهو حين حرَّم الخمر حرَّم كذلك كل ما تنطبق عليه صفتها من إذهاب العقل، أيًّا كان مصدر هذا الشراب؛ العنب أو التمر أو غيرهما، فعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي r أنه قال: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ"[16]. وقالت أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في حديث آخر يُبَيِّنُ أن كل أنواع المسكرات والمخدِّرات مُحَرَّمة شرعًا؛ لأنها تُهلك الفرد، وتُضْعِف المجتمع: "نَهَى رَسُولُ اللهِ r عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ[17]"[18]. كما نجد رسول الله r يُحَرِّم كل شيء يضرُّ بصحَّة الإنسان، فيقول رسول الله r: "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ"[19]. فما ينطبق على الخمر من تحريم وعقوبات ينطبق على المخدرِّات وغيرها من السموم التي تضرُّ الإنسان.

وبعدما استقرَّ التحريم، كانت التشريعات واضحةً في معاقبة مَنْ يُقْدِم على تناول المسكرات، وكان تطبيق رسول الله r لهذه التشريعات تطبيقًا رائعًا، فعن أنس بن مالك t، أن النبي r ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ[20]. وعن قَبِيصَة بن ذُؤَيْب، أنه قال: قال رسول الله r: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ.."[21].

ولكنَّ الهدف من العقاب في نظر رسول الله r هو ردع كل مَنْ تُسَوِّل له نفسه أن يُدمن المسكرات أو المخدِّرات، وليس التشفِّي أو الانتقام من صاحبها؛ فهو شخص مريض في حاجة إلى العلاج؛ لذلك عَمِل رسول الله r على تأصيل هذه المعاني في نفوس الصحابة، فعن أبي هريرة t أنه قال: أُتِيَ النبيُّ r برجل قد شرب، فقال: "اضْرِبُوهُ". فقال أبو هريرة: فمِنَّا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلمَّا انصرف قال بعض القوم: أخزاكَ الله. قال: "لا تَقُولُوا هَكَذَا، لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ"[22].

هكذا عالج النبي صلي الله عليه وسلم
مشكلة المسكرات والمخدِّرات معالجة عمليَّة متدرِّجة مبنيَّة على تقوى الله أوَّلاً، والخوف من عصيانه؛ فهو الآمر بتحريم كل مسكر، ثم بِسَنِّ القوانين الرادعة التي تعالج - أيضًا - كل نفس تخرج عن السلوك السَّوِيِّ، وفي ذلك صلاح للفرد والمجتمع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.