Our Blog

أثر جميل قبل الرحيل



معلوم ان كلنا سنرحل  ولا يبقي احد  ولا يخلد في هذه الدنيا احد والكل  سيفني  الا رب الارباب يوم بنادي  ويقول لمن الملك اليوم فلا مرد ولا مجيب  الا ان يرد ذاته  علي صفاته  فيقول  الملك  اليوم لله  الواحد القهار .. فكلنا ميتون  .فالموت عاقبة كل حي  وختام كل شيء  ونهاية كل موجود   سوى الرب المعبود  فالكل سيموت  إلا ذا العزة والجبروت فالموت طالب لا يعجزه المقيم  ولا ينفلت منه الهارب  فهو قضاء نافذ  وحكم شامل  وأمر حاتم لازم  لا مهرب منه ولا مفر وبعد الموت يجازى كل إنسان منا بما عمل في هذه الحياة الدنيا. فان  كان  خيرا  فخير  وان كان  شرا  فشرا ولو كانت الدنيا تدوم لأحدٍ   لأدامها الله لأنبيائه وأوليائه وأصفيائه  فأين هم الأنبياء والرسل ؟ وأين هم الصديقون والشهداء ؟ وأين هم الصحابة والتابعون ؟ كلهم ذاقوا الموت  إلا عيسى عليه السلام وسيذوقه في آخر المطاف. ومهما بذل الإنسان من أسباب الصحة والنشاط فهو ميت   وأينما كان فإن الموت يدركه  وحيثما فر من الموت فإنه سيجده مقابل وجهه .أينما كنتم يدرككم الموت  فكونوا في طاعة الله وحيث أمركم الله فهو خير لكم  فإن الموت لا بد منه  ولا محيد عنه  ثم إلى الله المرجع  فمن كان مطيعا له جازاه أفضل الجزاء  ووافاه أتم الثواب . لذلك يجب علينا لازاما  يكون لنا اثر جميل  لنراه  بعد  رحيلنا  لنري به الحسنات والجزاء لأن  الجزاء من جنس  العمل  .
عن أبي هريرة رضي الله عنهقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره   وولدا صالحا تركه   ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه  أو بيتا لابن السبيل بناه   أو نهرا أجراه   أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته.وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت  من مات مرابطا في سبيل الله  ومن علم علما أجرى له عمله ما عمل به   ومن تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وجدت   ورجل ترك ولدا صالحا فهو يدعوله.

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات ابن آدم انقطع عملهإلا من ثلاث : صدقة جارية   أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
 فإن من عظيم نعمة الله على عباده المؤمنين أن هيأ لهم أبوابا من البر والخير والإحسان عديدة  يقوم بها العبد الموفق في هذه الحياة  ويجري ثوابها عليه بعد الممات  فأهل القبور في قبورهم مرتهنون  وعن الأعمال منقطعون  وعلى ما قدموا في حياتهم محاسبون ومجزيون  وبينما هذاالموفق في قبره الحسنات عليه متوالية  والأجور والأفضال عليه متتالية ينتقل من دار العمل  ولا ينقطع عنه الثواب   تزداد درجاته  وتتناما حسناته وتتضاعف أجوره وهو في قبره  فما أكرمه من حال  وما أجمله وأطيبه من مآل.
 وتأمل أخي المسلم  مليا هذه الأعمال  واحرص على أن يكون لك منهاحظ ونصيب مادمت في دار الإمهال   وبادر إليها أشد المبادرة قبل أن تنقضي الأعماروتنصرم الآجال.

 أولا :تعليم العلم   والمراد بالعلم هنا العلم النافع الذي يبصر الناس بدينهم  ويعرفهم بربهم ومعبود هم   ويهديه إلى صراطه المستقيم   العلم الذي به يعرف الهدى من الضلال   والحق من الباطل والحلال من الحرام  وهنا يتبين عظم فضل العلماء الناصحين والدعاة المخلصين   الذين هم في الحقيقة سراج العباد   ومنار البلاد   وقوام الأمة   وينابيع الحكمة  حياتهم غنيمة  وموتهم مصيبة  فهم يعلمون الجاهل  ويذكرون الغافل   ويرشدون الضال  لا يتوقع لهم بائقة  ولا يخاف منهم غائلة  وعندما يموت الواحد منهم تبقى علومه بين الناس موروثة  ومؤلفاته وأقواله بينهم متداولة  منهايفيدون  وعنها يأخذون  وهو في قبره تتوالى عليه الأجور  ويتتابع عليه الثواب  وقديما كانوا يقولون يموت العالم ويبقى كتابه   بينما الآن حتى صوت العالم يبقى مسجلا في الأشرطة المشتملة على دروسه العلمية  ومحاضراته النافعة  وخطبه القيمةفينتفع به أجيال لم يعاصروه ولم يكتب لهم لقيه  ومن يساهم في طباعة الكتب النافعة  ونشر المؤلفات المفيدة  وتوزيع الأشرطة العلمية والدعوية فله حظ وافر من ذلك الأجر إن شاء الله . ولا يشترط هنا  العلم الديني فقط  لا  بل كل  علم  نافع  ينتفع  به  من طب  وصيدله  واسنان  وزراعه  وتجاره  وصناعه  وجيولوجيا  وكل ما انتفع  به غيره  بعد وفاته  فيترك له أثر جميل بعد مماته  .حتي  الفلاح لو علم  فلاحا اخر مهنه الفلاحه  حتي لو امرأه  علمت امرأه اخري  صنعه أكل  لتسعد  بها زوجها  فهي اثر جميل  ولها اجر عظيم  بعد  وفاتها .فتذكر  بالخير  ويثني  عليها  بالخير  فيكون جزاؤها الجنه ..فهذا  العلم  النافع  الذي ينتفع  به  الناس  يكون  دائما  حصادا له  وهو في قبره  فيذكر  بالخير المتصل ليل نهار  فيجازي به  بالحسنات  
ان النبي  صلى الله عليه وسلم  كان جالسا فمروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا  فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت  ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم  وجبت  فقال عمر يا رسول الله ما وجبت؟ قال  هذا أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة  وهذا أثنيتم عليه شرا وجبت له النار  أنتم شهداء الله في الأرض. فاجعل لنفسك  شئ  تذكر به  خيرا  حتي  تكون من أهل  الجنه . وتسعد به في حياتك  وفي مماتك  ويكون لك اثر طيب  بعد رحيلك من دار العمل الي دار الجزاء  ..

 
ثانيا : اجراء النهروحفر بئر   .. أثر جميل قبل الرحيل وهو اجراء نهر والمراد شق جداول الماء من العيون والأنهار لكي تصل المياه إلى أماكن الناس ومزارعهم   فيرتوي الناس  وتسقى الزروع  وتشرب الماشية  وكم فيمثل هذا العمل الجليل والتصرف النبيل من الإحسان إلى الناس  والتنفيس عنهم بتيسيرحصول الماء الذي به تكون الحياة  بل هو أهم مقوماتها  ويلتحق بهذا مد الماء عبرالأنابيب إلى أماكن الناس   وكذلك وضع برادات الماء في طرقهم ومواطن حاجاتهم .فقال النبي صلى الله عليه وسلم بينما رجل في طريق فاشتدعليه العطش   فوجد بئرا فنزل فيها فشرب  ثم خرج  فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش  فقال الرجل  لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني  فنزلالبئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب  فشكر الله له فغفر له  قالوا يا رسول الله وإنلنا في البهائم أجرا ؟ فقال  في كل ذات كبد رطبة أجر.
فكيف إذا بمن حفر البئر وتسبب في وجودها حتى ارتوا منها خلق  وانتفع بها كثيرون
فاذا كانت الرحمه بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا  فكيف اذا  كانت الرحمه ممن وحد رب البرايا .

ثالثا: غرس النخل  ومن المعلوم أن النخل سيد الأشجار وأفضلها وأنفعها وأكثرها عائدة على الناس  فمن غرس نخلا وسبل ثمره للمسلمين فإن أجره يستمر كلما طعم من ثمره طاعم  وكلما انتفع بنخله منتفع من إنسان أو حيوان  وهكذا الشأن في غرس كلما ينفع الناس من الأشجار  وإنما خص النخل هنا بالذكر لفضله وتميزه .فهذا  أثر جميل يفعله  الانسان  قبل موته  فيجده  بعد موته .

رابعا: بناء المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله  والتي أذن الله جلا وعلا أن ترفع ويذكر فيها اسمه  وإذا بني المسجد أقيمت فيه الصلاة  وتلي فيه القرآن  وذكر فيه الله ونشر فيه العلم  واجتمع فيه المسلمون إلى غيرذلك من المصالح العظيمة  ولبانيه أجر في ذلك كله  وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة.

 ويحكى أن ملكا من الملوك أراد أن يبني مسجدا في مدينته وأمر أن لا يشارك أحد في بناء هذا المسجد لا بالمال ولا بغيره...حيث يريد أن يكون هذا المسجد هو من ماله فقط دون مساعدة من أحد وحذر وأنذر من أن يساعد أحد في ذلك .
وفعلا تم البدء في بناء المسجد ووضع اسمه عليه وفي ليلة من الليالي رأى الملك في المنام كأن ملكا من الملائكة نزل من السماء فمسح اسم الملك عن المسجد وكتب اسم امرأة فلما استيقظ الملك من النوم استيقظ مفزوعا وأرسل جنوده ينظرون هل اسمه مازال على المسجد فذهبوا ورجعوا وقالوا نعم اسمك مازال موجودا ومكتوبا على المسجد وقال له حاشيته هذه أضغاث أحلام .
وفي الليلة الثانية رأى الملك نفس الرؤيا رأى ملكا من الملائكة ينزل من السماء فيمسح اسم الملك عن المسجد ويكتب اسم امرأة على المسجد وفي الصباح استيقظ الملك وأرسل جنوده يتأكدون هل مازال اسمه موجودا على المسجد فذهبوا ورجعوا وأخبروه أن اسمه مازال هو الموجود على المسجد !
تعجب الملك وغضب فلما كانت الليلة الثالثة تكررت الرؤيا فلما قام الملك من النوم قام وقد حفظ اسم المرأة التي يكتب اسمها على المسجد فأمر بإحضارها فحضرت وكانت امرأة عجوز فقيرة فوقفت بين يديه ترتعد فرائصها فسألها هل ساعدت في بناء المسجد الذي يبنى ؟
قالت يا أيها الملك أنا امرأة عجوز وفقيرة وكبيرة في السن وقد سمعتك تنهى عن أن يساعد أحد في بنائه .
فلا يمكنني أن أعصيك . فقال لها أسألك بالله ماذا صنعت في بناء المسجد ؟ قالت والله ما عملت شيئا قط في بناء هذا المسجد إلا ... فقاطعها الملك قائلا : نعم إلا ماذا ؟
فقالت إلا أنني مررت ذات يوم من جانب المسجد فإذا أحد الدواب التي تحمل الأخشاب وأدوات البناء للمسجد مربوط بحبل إلى وتد في الأرض وبالقرب منه سطل به ماء وهذا الحيوان يريد أن يقترب من الماء ليشرب فلا يستطيع بسبب الحبل . والعطش بلغ منه مبلغا شديدا فقمت وقربت سطل الماء إليه فشرب من الماء .
هذا والله الذي صنعته . فقال الملك نعم عملت هذا لوجه الله فقبل الله منك وأنا عملت عملي ليقال مسجد الملك ! فلم يقبل الله مني فأمر الملك أن يكتب اسم المرأة العجوز على هذا المسجد .

 خامسا :توريث المصحف  وذلك يكون بطباعة المصاحف أو شرائها ووقفها في المساجد   ودور العلم حتى يستفيد منها المسلمون  ولواقفها أجر عظيم كلما تلا في ذلك المصحف تال  وكلماتدبر فيه متدبر   وكلما عمل بما فيه عامل . فبهذا الاثر  يكون له الاجر بعد رحيله . ينير قبره وينير صراطه  وينير حياته البرزخيه  بهذا  الاثر الجميل 

سادسا :  
تربية الأبناء  وحسن تأديبهم   وتعليمهم  والحرص على تنشأتهم على التقوى والصلاح  حتى يكونوا أبناء بررة وأولاد صالحين فيدعون لأبويهم بالخير  ويسألون الله لهماالرحمة والمغفرة  فإن هذا مما ينتفع به الميت في قبره .
فهذه  اثار جميله  بعد رحيلنا .. واعلم  اخي  الكريم  اننا كلنا  راحلون  ولم  يخلد  فيها احد  ولو كان مخلدفيها احد  لكان أولي منك  حبيبك  صلي  الله عليه وسلم  فقال له ربه  انك  ميت  وانهم  ميتون .. وفال  الحبيب صلي  الله عليه وسلم  اتاني جبريل  فقال لي يا محمد عش ما شئت فانك ميت وأحبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك مجزي  به  ..فحاول ان يكون لك اثر جميل بعد رحيلك  لتذكر  به  ولتأخذ اجره  بعد موتك  فهذه  حسنات جاريه الي يوم الدين  .فكلنا راحلون ولم يبقي الا الأثـــــــر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.