Our Blog

الله الله في الصلاة،


إنَّ الحمد لله، نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

أما بعد:

فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.


أيها المسلمون:




يقول - صلى الله عليه وسلم -: كما في الصحيحين: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله))
أمره الله أن يقاتل هذا الإنسان، حتى يسجد لله، فيوم يتهاون الإنسان بالصلاة، أو يترك الصلاة، أو يتنكر للصلاة، أو لا يتعرف على بيت الله، يصبح هذا الإنسان لا قداسة له، ولا حرمة له، ولا مكانة ولا وزن.

هذا الإنسان حين يترك الصلاة، يكون دمه رخيصاً لا وزن له، يسفك دمه، تهان كرامته، يقطع رأسه بالسيف، قيل حدّاً، وقيل كفراً وهو الصحيح.

يقول الله - تعالى - عن جيل من الأجيال تهاونوا بالصلاة: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}

قال أحد السلف: أما إنهم ما تركوها بالكلية، ولكن أخروها عن أوقاتها.

أي إسلام لإنسان يترك الصلاة، أي دين له، ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله لرجل تؤخره تجارته، أو وظيفته، أو عمله، أو منصبه، أو اجتماعه عن الصلاة، ثم يتبجح بعد ذلك مدعياً أنه مسلم! {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} .

إنهم يصلون. لكن صلاة العصر مع غروب الشمس، وصلاة الظهر في الساعة الثانية، وصلاة المغرب مع العشاء، وصلاة الفجر مع طلوع الشمس! فأين الإسلام، وأين لا إله إلا الله، وأين التحمس للدين؟!
حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معركة الأحزاب، قبل أن تنزل صلاة الخوف، فقام يقاتل المشركين، دمه يسيل على الأرض في مخاصمة لأعداء الله، فنسي صلاة العصر حتى غربت الشمس، ما نسيها لأنه كان في لهو أو لعب حاشا وكلا، بل نسيها من احتدام القتال، اليهود، المشركون. المنافقون. عملاء الصهيونية العالمية. أنسوه صلاة العصر، فلما غربت الشمس قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى)). ثم قام فصلاها، فأنزل الله - تعالى - صلاة الخوف، يصليها المسلم أثناء القتال، يصليها الذي يقود الدبابة، يصليها الذي يحمل الرشاش، يصليها المريض على سريره، لا يعذر في تركها أحد.

إن تأخير الصلاة عن وقتها، معناه النفاق الصريح الذي وقع فيه كثير من الناس، إلا من رحم ربك، يقول - صلى الله عليه وسلم - وهو في سكرات الموت: ((الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم)) فاي دين بلا صلاة، وما معنى الانتساب للإسلام بغير صلاة، يقولون: مسلمون، ولكن لا نصلي، أو نتهاون بالصلاة، أو ننقر الصلاة، فأين الإسلام؟ وأين الصدق مع الله؟ وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((الذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال، معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)).
وعند أحمد: ((لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لأقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني، يحرقون ما في البيوت بالنار)) لماذا؟ لأنهم أصبحوا في عداد المنافقين، يتذرعون بالإسلام، ولكن لا يصلون الجماعة مع الناس ويدَّعون لا إله إلا الله ثم يخرجون الصلاة عن أوقاتها. يسأل - عليه الصلاة والسلام - عن أفضل الأعمال فيجيب: ((الصلاة لوقتها)). ويقول أيضاً: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) دمه مسفوك بسيف الشريعة، خارج من الملة، لا طهر له، لا قداسة، لا حرمة، لأنه حارب الله ولم يعظم شعائره، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)

إنه لا عذر لأحد في ترك الصلاة مع الجماعة، ما دام صحيحاً سليماً يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)
مرض أحد الصالحين من التابعين، اسمه ثابت بن عامر بن عبد الله بن الزبير، فسمع أذان المغرب، فقال لأبنائه: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت مريض، وقد عذرك الله. قال: لا إله إلا الله! أسمع حي على الصلاة. حي على الفلاح ثم لا أجيب! والله لتحملني إلى المسجد، فحملوه إلى المسجد، ولما كان في السجدة الأخيرة من صلاة المغرب، قبض الله روحه.
قال بعض أهل العلم: كان هذا الرجل إذا صلى الفجر، قال: اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قيل له: وما الميتة الحسنة، قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد.
نعم هذه هي الميتة الحسنة، أن يتوفاك ربك وأنت في صلاة، أو في جهاد في سبيل الله، أو على طهارة وأنت تقرأ القرآن، أو في طلب العلم، أو في مجالس الذكر.

والميتة القبيحة: أن يتوفاك الله وأنت تستمع إلى الأغنية، أو في سهرة خليعة، أو على كأس الخمر، أو في سفر إلى الفاحشة، أو في مجالس الغيبة، هذه هي الميتة القبيحة التي تعوذ منها الصالحون.
سعيد بن المسيب إمام التابعين، كان يأتي في ظلام الليل، إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له إخوانه: خذ سراجاً لينير لك الطريق في ظلام الليل فقال يكفيني نور الله {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} 

وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وهل في القيامة ظلم؟ وهل في القيامة ليل؟ إي والله. ليل أدهى من الليل، وظلمة أدهى من الظلمة، يجعلها الله لأعداء المساجد، وللذين انحرفوا عن بيوت الله، تظلم عليهم طرقاتهم وسبلهم يقولون للمؤمنين يوم القيامة: {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} 
كان لسعيد بن المسيب عين واحدة، ذهبت الأخرى، قالوا من كثرة بكائه في السحر، خشية لله، وكان يذهب بهذه العين الواحدة في ظلام الليل إلى المسجد، وقال في سكرات الموت وهو يتبسم: والله ما أذن المؤذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، قبل الأذان تجد سعيد بن المسيب في المسجد.
لكن أتى أناس، أكلوا نعم الله، وتمرغوا في فضل الله، ولكنهم نسوا حقه وأهملوا شعائره، فأصبحت الصلاة في حياتهم آخر شيء يفكرون فيه، وإلى الله المشتكى.

ودَّع عمر - رضي الله عنه وأرضاه - سعداً إلى القادسية، ثم قال له: يا سعد، أوص الجيش بالصلاة، الله الله في الصلاة، فإنكم إنما تهزمون بالمعاصي، فأوصهم بالصلاة.
كان الصحابة إذا تلاقت الصفوف،والتحمت الأبدان، وأشرعت الرماح، وتكسرت السيوف، وتنزلت الرؤوس من على الأكتاف، تركوا الصفوف لطائفة، وقامت طائفة أخرى تصلي.

نَحنُ  الذين   إِذَا   دُعُوا   لِصَلاتِهِم        وَالحَرْبُ تسْقِي الأَرْضَ جَاماً أَحْمَرَا

جَعَلُوا الوجُوهَ إِلى الحِجَازِ  فَكَبَّرُوا        فِي  مَسْمَعِ  الرُّوحِ  الأَمِينِ   فَكَبَّرَا
حضر أجدادنا حصار كابل – عاصمة أفغانستان – فطوقوها من كل جهة، ولبسوا أكفانهم، لأنهم يريدون؛ إما الحياة في عز، وإما الموت في شرف.
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ
هذه هي غاية المسلم وهذا هو مراده.

فَإِمَّا  حَيَاةٌ   نّظَّمَ   الْوَحْيُ   سَيْرَهَا        وَإِلاَّ   فَمَوتٌ   لا   يَسُرُّ   الأَعَادِي

إِذَا   نَحْنُ   أَدْلَجْنَا   وَأَنْتَ   إِمَامُنَا        كَفَى بِالْمَطَايَا طِيب ذِكْرَاكَ حَادِي
وقف أجدادنا يحاصرون كابل، ولما صلوا الظهر، قال القائد العظيم قتيبة بن مسلم، وقد كان قبل المعركة يبكي ويقول: اللهم انصرنا، فإن النصر من عندك، فلما وقف بعد صلاة الظهر، وكان جيشه يقدر بمائة ألف مقاتل، قال ابحثوا لي عن الرجل الصالح محمد بن واسع، أين هو محمد بن واسع؟!
لقد حانت ساعة الصفر، ساعة بيع الأرواح، ساعة تفتح فيها أبواب الجنان، ساعة حضور الملائكة، ولا زال القائد يقول: ابحثوا لي عن محمد بن واسع، فالتمسوه، فوجدوه يبكي، وقد اتكأ على رمحه، ورفع أصبعه إلى السماء يقول: يا حي يا قيوم. فأخبروا قتيبة بذلك، فدمعت عيناه، ثم قال: الذي نفسي بيده، لأصبع محمد بن واسع خير عندي من مائة ألف سيف شهير، ومن مائة ألف مقاتل طرير، وابتدأت المعركة، وحمي الوطيس، وانتصر المسلمون، ولم يصلوا العصر إلا داخل كابل.
إنها الصلاة، إنها حياة القلوب، إنها الميثاق، إنها العهد بين الإنسان وبين ربه.
ويوم يتركها المرء، أو يتهاون بها، يدركه الخذلان، وتناله اللعنة، وينقطع عنه مدد السماء.

 عباد الله:
إن من أسباب السعادة، وحفظ الله لنا، ودوام رغد العيش الذي نعيشه، أن نحافظ على عهد الله في الصلاة، وأن نتواصى بها، وأن نأمر بها أبناءنا.
يقول لقمان - عليه السلام - لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}
فهل من مجيب؟ وهل من مسارع إلى الصلاة حيث ينادي بهن؟ وهل من حريص على تلكم الشعيرة العظيمة؟ إنها الحياة. ولا حياة بغير صلاة.
لما طعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في صلاة الفجر، فاتته ركعة واحدة، غلبه الدم، فحمل على أكتاف الرجال، ووصل إلى بيته فلما أفاق قال: هل صليت؟ قالوا: بقيت عليك ركعة، فقام يصلي. فأغمي عليه، ثم عقد الصلاة، فأغمي عليه، ثم قام يصلي. فأغمي عليه، ثم أتم الركعة وقال: الحمد لله الذي أعانني على الصلاة.

فالله الله في الصلاة. من حافظ عليها، حفظه الله، ومن ضيعها، ضيعه الله، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} 
فالصلاة الصلاة عباد الله، في أول وقتها؛ بخشوعها، بخضوعها، بأركانها، وواجباتها، وسننها، لعل الله أن يحفظنا ويرعانا كما حافظنا عليها وعظمناها.
اشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِماً        فَإِنَّهُ الرُّكْنُ إِنْ خَانَتْكَ  أَرْكَانُ
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية


الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

أيها الناس:
يوم الجمعة أفضل الأيام عندنا أهل الإسلام، يوم الجمعة عيد لنا، يوم الجمعة تاريخ، وله قصة من أعظم القصص، هذا اليوم خلق الله فيه آدم، وفي هذا اليوم، أدخله الله الجنة، وفي هذا اليوم أخرجه الله منها، وفيه تقوم الساعه.
وفي هذا اليوم كانت ساعة النزال بين موسى - عليه السلام - وبين فرعون عليه اللعنة، يوم الصراع العالمي بين الحق والباطل، بين الإيمان والكفر، بين الهدى والضلال.

يوم جاء موسى بالتوحيد، وليس معه إلا عصاه، وجاء فرعون بالصولة والصولجان، ومعه دجاجلة الدنيا وسحرة الدنيا. {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}  هذا هو يوم الجمعة في التاريخ.

ولكن ما هو واجب هذا اليوم العظيم علينا؟
إن من المؤسف أن كثيراً من الناس، جعلوا هذا اليوم موسماً للنزهة والخروج، بحيث يضيعون في طريقهم صلاة الجمعة، فلا يحضرون الخطبة، ولا يؤدون الصلاة، ولا يتهيئون لهذا اليوم العظيم.

إن الملائكة تقف من الصباح على أبواب المساجد؛ تسجل الأول فالأول، فإن صعد الخطيب على المنبر، طوت الصحف، وأنصتت لسماع الخطبة.
أما الإنسان فيجعله يوماً للهو واللعب، فيخرج ويترك صلاة الجمعة، ويبارز ربه - عزَّ وجلَّ - بالمحاربة.
نص شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - على أن المسافر إذا حضر صلاة الجمعة في المدينة، فعليه أن يؤديها في المسجد.
المسافر وهو في حال السفر ومظنة المشقة إذا نزل في مدينة تقام فيها الجمعة، عليه وجوباً أن يحضر صلاة الجمعة، ليستمع إلى الخطبة، ويعيش مع المسلمين مشاعرهم وأحاسيسهم.

 أيها المسلمون:
يوم الجمعة له علينا واجبات وحقوق منها:
الاغتسال والتطيب: وقد أوجب غسل الجمعة بعض أهل العلم والجمهور على أنه سنة مؤكدة، وذلك ليتهيأ العبد للقاء الله؛ لأنه عيد، وهو يذكر بيوم العرض الأكبر على الله - تعالى.
وكما أنه ينبغي أن نتجمل بالاغتسال والطيب واللباس الحسن، فكذلك ينبغي أن نتجمل بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، كالصدق والأمانة والحلم والمروءة، وأن نتخلى عن الأخلاق الذميمة؛ كالحقد والحسد والغيبة والنميمة وغيرها.

فليس في القيامة ثياب، ولا سيارات، ولا كل هذه الزينة الظاهرة، وإنما {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}
فالسجل مكشوف والبدن عار والضمائر معروضة وكتابك مفتوح أمام عينيك {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} 
{وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا} 

كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر على الله)
فما الفائدة إذا كانت الظواهر جميلة، والبواطن خراب!!

لَبِسْنَا وَاشِياً مِن كُلِّ  حسنٍ        فَمَا سَتَرَت مَلاَبِسُنَا الخَطَايَا

وَتِلْكَ قُصُورُنَا بِالعُمْرِ بَاتَت        وَتِلْكَ قُبُورُنَا أَضْحَتْ خَلاَيَا
ومن حقوقها كذلك: التكبير إلى الصلاة، وإتيان المسجد قبل الأذان فليس من المعقول أن يدخل الخطيب المسجد قبل الأذان، ثم يأتي المصلون بعده تباعاً.
يأتي المصلون من بيوتهم بعد صعود الخطيب على المنبر، بل إن المساجد تبقى فيها الأماكن الكثيرة الخالية من المصلين، وقد أشرف الخطيب على الانتهاء من الخطبة، حتى إذا انتهى من خطبته، دخل المتخلفون بلا أجور؛ ليشهدوا الصلاة هكذا مع الناس.
فأين الساعة الأولى؟ وأين الساعة الثانية؟ وأين المبكرون؟
إن قوماً لا زالوا يتأخرون، حتى يؤخرهم الله فيمن عنده، وإن قوماً لا زالوا يتقدمون، حتى يقدمهم الله فيمن عنده.
وإن بعض الغوغاء ممن لا يفهمون أحكام الله؛ يبيعون ويشترون بعد الأذان الثاني وصعود الخطيب، أي بيع لهم! لا أربح الله تجارتهم.
الملائكة تنصت للخطبة، والسماء مفتوحة تستقبل الدعاء، وخطباء الأمة الإسلامية الخالدة على المنابر، وقلوب الناس متجهة لسماع الخطيب، والسكينة تغشى الناس، والرحمة تحف بهم، والله يباهي بهم مَنْ في السماء.

وهؤلاء اللاهون يبيعون ويشترون، ويجرحون مشاعر المسلمين، ويتعدون على حرمة صلاة الجمعة.
فإذا أذن المؤذن، فلا بيع، ولا شراء، ولا تجارة، ولا دنيا، إنما توجه إلى الله - تعالى - وإنصات لأحكامه، بل إن الجالس ليس له أن يكلم من بجانبه ولا أن يسلم عليه، قال بعض العلماء: وليس له بعد دخول الخطيب، وبدء الخطبة أن يكلمه، ولو بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت)) وزاد بعضهم: ((ومن لغا فلا جمعة له)) وفي الصحيح: ((من مس الحصى فقد لغا)
فعليكم بالسكينة أيها الناس، لا تنشغلوا باللعب بالسواك، ولا بتهيئة الغترة، ولا بمس اللحية، وإنما خشوع وسكينة، وتوجه إلى الله الواحد الأحد.
وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل ذلك فقال: ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام).

ومن معالم الجمعة كذلك: قراءة سورة الكهف، فقد صح عند الدارقطني والبيهقي: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين)).

وفي لفظ: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق)

 أيها الناس:
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.