Our Blog

الزواج في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة تحت عنوان (الزواج في الإسلام ومقتضياته)
وقفات الخطبة
📚الوقفة الأولى :- الزواج الميثاق الغليظ
📚الوقفة الثانية :- الزواج نعمة وآية من آيات الله وليس صفقة
📚الوقفة الثالثة :- مقتضيات الزواج في الإسلام
⛺⛺⛺⛺⛺⛺⛺⛺🌉⛺⛺⛺⛺⛺
الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً , وأدخلنا في دينه أفواجاً , وارتضى لنا الإسلام شريعة ومنهاجا . وأشهد أن لا إله إلا الله المضل الهاد... المنزه الذات عن الأشباه والأنداد... خلق سبع سموات طباقًا بغير عماد...ومن الأرض مثلهن وأرسى الجبال كالأوتاد... وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله سيد الأسياد...سيد الأولين والآخرين من حاضرٍ وبادٍ، خير من دعا وهدى وبالخير العظيم جاد... أما بعد
🎙عباد الله إعلموا أن الزواج له شأن خطير وأثر كبير  في حياة الإنسانية وتوجيهها، ولذلك نجد عناية القرآن الكريم بالأسرة وبنائها، حيث جاء الحديث في القران الكريم عن الأسرة وقضاياها فيما يزيد على ثمانين وثلاثمائة آية، ونجد أيضا أسماء سورتين في القرآن الكريم: سورة النساء، والثانية: سورة الطلاق، وكلاهما عنيت بشؤون الأسرة وأحوالها وحل قضاياها، وعلاج مشكلاتها.
فالإسلام أوجب النكاح حيناً واستحبه أحياناً ويسره ودعا إليه ورغب فيه
وعقد الزواج من العقود المهمة في الإسلام ولأهميته فإن الحق سبحانه وتعالى لم يصف عقداً من العقود بما وصف به عقد الزواج فقد وصفه بأنه الميثاق الغليظ , قال تعالى : \" وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) سورة النساء .
قال الرازي رحمه الله في تفسير الكبير : \" في تفسير هذا الميثاق الغليظ وجوه : الأول : قال السدي وعكرمة والفراء : هو قولهم زوجتك هذه المرأة على ما أخذه الله للنساء على الرجال ، من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ومعلوم أنه إذا ألجأها إلى أن بذلت المهر فما سرحها بالإحسان ، بل سرحها بالإساءة . الثاني : قال ابن عباس ومجاهد : الميثاق الغليظ كلمة النكاح المعقودة على الصداق ، وتلك الكلمة كلمة تستحل بها فروج النساء ، قال صلى الله عليه وسلم : « اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله » (صحيح مسلم )
🔭🔭بل ما أجمل كلام القاسمي رحمه الله في محاسن التأويل: \" وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثَاقاً غَلِيظاً \" أي : عهداً وثيقاً مؤكداً مزيد تأكيد ، يعسر معه نقضه ، كالثوب الغليظ يعسر شقه . قال الزمخشري : الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة ، ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه . 
ووصف عقد النكاح بالميثاق الغليظ هو عين الوصف الذي وصف الله به الميثاق الذي أخذه من النبيين قال تعالى \"وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا . لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا\" سورة الأحزاب آية 7- 8.
وليس أبلغ من التعبير القرآني العظيم في وصف علاقة الزوجية بكونها [الميثاق الغليظ]، وبما تعنيه الكلمة القرآنية من بلاغة وروعة من العهد والقوة والتأكيد الشديد لأهمية الحفاظ عليه والوفاء به.
🔭🔭🔭عباد الله من المؤسف أن يصل بعض الشباب إلى سن الثلاثين والأربعين، وهو لم يفكر بعد في موضوع الزواج .
ومن المعلوم أن تأخير الزواج مخالف للسنّة الشرعية كما هو مخالف للسنّة الفِطرية، وقد قرّر المتخصّصون في علم الاجتماع والحياة أنّ الزواج المبكّر هو أنجح الزِّيجات حتى ولو تعثّرت الظروف المادية، وأنه سبب لاستقرار الصحة النفسية والجسدية
أما من يخشى الفقر ويقول أضمن وظيفة أولا ومستقبل آمن فنقول له قال الحق سبحانه: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
وعن أبي هريرة أن النبي قال: ((ثلاثة حقّ على الله عَوْنهم: المجاهد في سبيل الله، والمُكاتَب، والناكح يبغي العَفَاف)) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وحسنه الألباني .
ثم ونقولها بصراحة من خلال واقع الحياة وخبراتها : كم من النساء بقيت عانسًا قد فاتها ركب الزواج، ولم تسعد في حياتها بزوج وأولاد، يكونون لها زينة في الحياة، وذخرًا بعد الوفاة بسبب عزوفها وانشغالها بالشهادات والتحصيل والعمل
كم من امرأة فاتها قطار الزواج، وذهبت نضارتها، وذبلت زهرتها، وتمنت بعد ذلك تمزيق شهاداتها، لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها .
عباد الله الزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر ، فهو أمر تقتضيه الفطرة، قبل أن تحث عليه الشريعة، إنه حصانة وابتهاج، وسكن وأنس واندماج، بل هو آية من آيات الله، الدالة على حكمته، كما قال سبحانه: ( وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
والزواج، سنة المرسلين، ووصية خاتم النبيين، ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) .
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، ولي طَول على النكاح لتزوجت، كراهية أن ألقى الله عزبًا) .
وقال الإمام أحمد رحمه الله: ليست العزوبة من الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام .
📬📬📬ودعنى أكرر على مسامعك تلك الأية فلربما لم تنتبه اليها جيدا قال الحق سبحانه: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
فقراااااااااااااااااااااء .... فقراااااااااااااء ... فقرااااااااااااااااء .... هل سمعتها ؟
فما بالنا بدلنا وغيرنا ؟ نعم .... لقد بدلنا .؛ فبدل الله علينا -  غيرنا فغير الله علينا
جرائم اغتصاب ، وتحرش ، وخطف ، وقتل وانكار نسب
والسبب أننا جعلنا الزواج لمن استطاع اليه سبيلا  ومن الاحلام المحالة ... ولا حول ولا قوة الا بالله
أعلم ياعبد الله و يا أمة الله أن المغالاةَ في الزواج والمهور، والمُباهَاةَ بها، وتقويمَ الخاطب بالمقدرة المالية لهو صِغَرٌ في النفس، ونقص في العقل، واشتراطَ الهدايا الكثيرة لأقارب الزوجة أو الزوج ؛ لهو جشع وطمع وانتهازية تورث الضغائن، وتُرهِق بالديون، وتُعيق مسيرة الزواج في المجتمع، وتمتلئ البيوت بالعَوانِس ، وتفتح الباب على مصرعيه للحرام
وقد روى أحمد وأهل السنن أن عمر الفاروق رضي الله عنه قال: (أَلَا لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً)، وقد زوج المصطفى صلى الله عليه وسلم رجلاً بما معه من القرآن، وقال لآخر: ((التمس ولو خاتمًا من حديد)، وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواة من ذهب، وأنكر صلى الله عليه وسلم على المغالين في المهور، ففي صحيح مسلم، جاءه رجل يسأله فقال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ، مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ .
الله المستعان، ماذا لو رأى صلى الله عليه وسلم أحوال المغالين اليوم؟ الذين جعلوا الزواج بمئات الألوف
وانتبه عبد الله ليس معنى ذلك اننا ندعوا الى الفقر والى الحاجة لا ولكننا ندعو الى ان يكون التقييم والاختيار قائم على ميزان التقوى والدين
🎧 أيها الأفاضل الحل هو الإيمان .. أن تجعل ايمانك هو الذى يحرك عقلك وجوارحك
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ( من سنن الترمذي )
وياللعجب من فعل هذا التابعى زوج ابنته وجعل مهرها درهمين اثنين    فقط وليس العجب من ذلك وانما ...... تعالى فاسمع القصة كاملة  ولكن دعنى أسألك أولاً
مَن هذا الذي يمتنع على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، ويستكبر عن المثول بين يديه وحضور مجلسه، وقد دانت له الدنيا، وخضعت لهيبته ملوك الروم ؟!
بل من ذاك الذي خطب أمير المؤمنين ابنته لابنه الوليد، فأبى أن يزوجها منه.
أبى أن يزوجها من الوليد بن عبد الملك ولي عهد المسلمين، وابن أمير المؤمنين الذي بنى الجامع الأموي ! أيًعقَل هذا ؟
نعم إنه التابعي الجليل سعيد بن المسيب!
الذي كانت تحت ولايته بنتاً يبدو أنها في أعلى مستوى من الدين و الجمال والحسب، حتى خطبها أمير المؤمنين لولده الوليد. وهل كان يروم سعيدٌ لابنته زوجاً أسمى من ولي عهد أمير المؤمنين وخليفة المسلمين من بعده ؟!
إذا كان قد ضَنَّ بابنته على ولي عهد أمير المؤمنين، فهل وجد لها الكفء الذي يليق بها ؟ أم أنه حال دونها ودون الزواج كما يفعل بعض الناس، وتركها قعيدة البيت ؟  الجواب: لا. فقد تزوجتْ أبو وداعة!.
ومن هو أبو وداعة هذا؟! إنه كثير بن المطلب بن أبي وداعة، أبو سعيد القرشي المكي، التلميذ الفقير الأرمل في حلقة العلم عند التابعي الجليل سعيد بن المسيب.
ولندع لجار أبي وداعة البيت بالبيت يروي لنا هذه القصةٌ الطريفة كما رواها له أبو وداعة بنفسه...
قال الرجل: حدثني أبو وداعة قال: كنت كما تعلم ألازم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم طلباً للعلم، وكنتُ أداوم على حلقة سعيد بن المسيب، وأزاحم الناس عليها بالمناكب، فتغيَّبتُ عن حلقة الشيخ أياماً، فتفقدني، وظنَّ أن بي مرضاً أو عرض لي عارض.
ـ فسأل عني من حوله فلم يجد عند أحدٍ منهم خبراً، فلما عدتُ إليه بعد أيامٍ حيَّاني، وقال: أين كنت يا أبا وداعة ؟
ـ قلت : واللهِ يا سيدي توفيتْ زوجتي فاشتغلتُ بأمرها.
ـ قال : هلا أخبرتنا يا أبا وداعة فنواسيَك، ونشهدَ جنازتها معك، ونعينَك على ما أنت فيه ؟
ـ قلت : جزاك الله خيراً، وهممتُ أن أقوم فاسْتَبْقَانِي، وقال لي: اجلس ، فجلستُ حتى انصرف جميع مَن في المجلس، ثم قال لي: أما فكّرتَ في استحداث زوجةٍ لك يا أبا وداعة؟
ـ قلت : يرحمك الله ، ومَن يزوِّجني ابنتَه ، وأنا شابٌ نشأ يتيماً ، وعاش فقيراً ، فأنا لا أملك غيرَ درهمين ، أو ثلاثة دراهم.
ـ فقال : أنا أزوِّجك ابنتي. ـ فانعقدَ لساني وقلت : أنتَ، أتزوِّجني ابنتك بعد أن عرفت من أمري ما عرفت ؟
ـ قال : نعم.  أيها الأفاضل هذا هو الإيمان ..
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ( من سنن الترمذي )
ـ قال : نعم .. فنحن إذا جاءنا من نرضى دينه وخلقه زوَّجناه، وأنت عندي مرضيُّ الدين والخلق. ثم التفتَ إلى مَن كان قريباً منا، وناداهم، فلما أقبلوا عليه، وصاروا عنده، حمد الله عز وجل ، وأثنى عليه ، وصلى على نبيه محمد صلوات الله عليه ، وعَقَد لي على ابنته ، وجعل مهرها درهمين اثنين.
ـ فقمت وأنا لا أدري ما أقول من الدهشة والفرح.
بهذه البساطة تم عقد أبي وداعة على بنت سعيد بن المسيب، نعم بهذه البساطة!
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُمْنُ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرُ خِطْبَتِهَا وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا * ( رواه أحمد ).
ثم يكمل أبا وداعة سرد قصة زواجه العجيبة...
ـ ثم قصدت بيتي، وكنت يومئذٍ صائماً، فنسيتُ صومي، وجعلت أقول: ويحك يا أبا وداعة ، ما لذي صنعته بنفسك ؟ ممّن تستدين ، ممّن تطلب المال ؟
وهنا أقول لكل شابٍ ولكل ولي أمر: هناك حديث إن قرأته اقشعر جلدك!. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ [رواه الترمذي]
ـ وظللت على حالي تلك حتى أذَّن المغرب، فأدَّيتُ المكتوبة، وجلستُ إلى فطوري، وكانت خبزاً وزيتاً، فما إن تناولتُ منه لقمةً أو لقمتين حتى سمعت الباب يُقرَع، فقلت: من الطارق؟
ـ قال: سعيد. ـ قال : فوللهِ لقد مرّ بخاطري كلُّ إنسانٍ اسمه سعيد أعرفه إلا سعيدَ بن المسيب ـ استعرض كلَّ إنسان ، لكن لم يخطر في باله إطلاقاً أن يكون الطارق سعيد بن المسيب، ذلك لأنه لم يرَه منذ أربعين سنةً إلا بين بيته والمسجد ـ فتحتُ البابَ فإذا بي أمام سعيد بن المسيِّب ، فظننتُ أنه قد بدا له من أمر زواجي من ابنته شيء ـ أي لعله ندم أو حدثتْ مشكلة ماـ فقلت له : أبا محمد ، هلاّ أرسلتَ إليّ فأتيتك !!
ـ قال له: بل أنت أحق أن آتي إليك اليوم . ـ قلت: تفضل عليّ .    ـ قال: كلا إنما جئت لأمر .   قلت: وما هو يرحمك الله ؟
ـ قال: إن ابنتي أصبحت زوجةً لك بشرع الله منذ الغداة ، وأنا أعلم أنه ليس معك أحدٌ يؤنس وحشتَك ، فكرهتُ أن تبيت أنت في مكانٍ ، وزوجتك في مكان آخر ، فجئتك بها .
سعيد كره أن يبقى زوجُ ابنته ليلةً وحده من دون زوجته، ومَن ؟ سعيد بن المسيب ؟ ومَن خطبها ؟ ابن أمير المؤمنين ، لمَن زوجها ؟ لأحد تلامذته الفقراء. ـ فقلت: ويحي جئتني بها ـ لم يكن مستعدًا ـ ـ قال: نعم.
ـ فنظرت فإذا هي قائمةٌ بطولها، فالتفتَ إليها، وقال: ادخلي إلى بيت زوجكِ يا بنيَّتي، على اسم الله وبركته، فلما أرادت أن تخطو تعثرت بملاءتها من الحياء حتى كادت تسقط على الأرض، أمّا أنا فقد وقفتُ أمامها مشدوهاً، لا أدري ماذا أقول ـ غير معقول هذا الشيء !! ـ ثم إني بادرتُ فسبقتها إلى القصعة التي فيها الخبز والزيت، فنحَّيتُها من ضوء السراج حتى لا تراها ـ خبزة وزيت، لا يوجد غيرها، وهو يتعشى ـ ثم صعدتُ إلى السطح وناديتُ الجيران فأقبلوا عليَّ وقالوا: ما شأنك ؟ فقلت : عقَدَ لي سعيدُ بن المسيب على ابنته اليوم في المسجد، وقد جاءني بها الآن على غفلة، فتعالوا آنسوها، حتى أدعوَ أمي فهي بعيدة عن هذه الدار، فقالت: عجوزٌ منهن ويحَكَ أتدري ما تقول ؟ أزوَّجك سعيد بن المسيب ابنته ، وحملها لك إلى البيت بنفسه ، وهو الذي ضنَّ بها على الوليد بن عبد الملك ؟! فقلت : نعم ، وها هي ذي عندي في بيتي ، فهلموا إليها وانظروا ، فتوجّه الجيران إلى البيت ، وهم لا يكادون يصدقونني ، ورحّبوا بها ، وآنسوا وحشتها .
ـ وما هو إلا قليل حتى جاءت أمي ، فلما رأتها التفتتْ إليّ ، وقالت : وجهي من وجهك حرام ، إن لم تتركها لي حتى أصلح شأنها ـ ليس هذا معقولاً ، نعتني بها ، ونُلبِسها ـ ثم أزُفُّها إليك كما تُزَفُّ كرائمُ النساء .
ـ فقلت : أنتِ وما تريدين ، فضمَّتْها إليها ثلاثة أيام ، ثم زفَّتْها إليَّ ، فإذا هي من أبهى نساء المدينة جمالاً ، وأحفظ الناس لكتاب الله عز وجل ، وأرواهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعرف النساء بحقوق الزوج.
حافظةٌ لكتاب الله ، حافظةٌ لسنة رسول الله ، تعلم حقوق الزوج ، وفوق كل هذا فهي جميلة. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ( رواه مسلم )
ـ فمكثتُ معها أياماً لا يزورني أبوها أو أحدٌ من أهلي ، ثم إنّي أتيت حلقة الشيخ في المسجد فسلَّمتُ عليه ، فردَّ علي السلام ولم يكلمني ـ أي لكيلا يحرجني ـ فلما انفضّ المسجد ولم يبقَ غيري قال : ما حال زوجتك يا أبا وداعة ؟ كيف زوجتك ؟ ـ قلت : هي على ما يحبُ الصَّديقُ ويكرهُ العدوُّ .
ـ قال : الحمد لله . ـ فلما عدتُ إلى بيتي وجدته قد وجَّه إلينا مبلغاً وفيراً من المال، لنستعين به على حياتنا.
وحق للقارئ الفاضل أن يقول: عجيبٌ أمرُ هذا الرجل !! وما وجهُ العجب يا أيها الفاضل؟!
إنه امرؤٌ جعلَ دنياه مطيةٌ لأخراه ، واشترى لنفسه ولأهله الباقية بالفانية ، فوالله إنه ما ضنَّ على ابن أمير المؤمنين بابنته ، ولا رآه غير كفءٍ لها ، وإنما خاف عليها فتنة الدنيا..
ولقد سأله بعض أصحابه فقال : أتردّ خطبة أمير المؤمنين، وتزوِّج ابنتك من رجلٍ من عامة المسلمين؟
اسمعوا جواب سعيد بن المسيب ، وهو كلام دقيقٌ جداً ..
ـ فقال : إنّ ابنتي أمانةٌ في عنقي ، وقد تحرَّيتُ فيما صنعتُه لها صلاح أمرها.
والان تعالوا بنا الان عباد الله لنلقى نظرة سريعة على بعض الحقوق والواجبات المترتبة على عقد الزواج
مقتضيات وحقوق تترتب على عقد الزواج: إذا تم إبرام العقد ترتب عليه إثبات حقوق المرأة، وحقوق للزوج.
فحقوق المرأة تتمثل في:
1 – الصداق والنفقة: وتشمل الطعام والشراب والكسوة والسكن والدواء وأدوات الزينة، ، لقوله تعالى: "وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً"(النساء:4). وقال تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ" (البقرة: من الآية233).
وعند أبي داود ، أن النبي – صلى الله عليه وسلّم – سئل عن حق الزوجة فقال : " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ، و لا تضرب الوجه ، ولا تهجر إلا في البيت "
2 – إعفاف الزوجة : وهذا حق مقرر للزوجة ، ثابت في السنة النبوية ، ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟ فقلت بلى يا رسول الله ، قال : فلا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقاً ، وإن لعينيك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً ، فأعط كل ذي حق حقه " . فأخبر عليه الصلاة والسلام أن للزوجة على زوجها حقاً ، بل إن هذا الحق يعد أيضاً من أنواع العبادة التي يثاب عليها الرجل ، فعن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : " ... وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ، ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر " أخرجه مسلم .
أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
............... الخطبة الثانية .............
الحمد لله .............. أما بعد
ما زلنا مع المقتضيات والحقوق المترتبة على عقد الزوج ومنها
3 - المعاشرة بالمعروف : أيها الأخ الزوج الزوجة أمانة عندك ، فيجب عليك إحسان معاملتها قولاً : بكلام حسن وعفّة لسان ، وفعلاً : بمعاملة كريمة . لقوله تعالى : " وعاشروهنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " ، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " لا يفرك مؤمن مؤمنة ، أن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر " أخرجه مسلم . وروى أبو هريرة رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه عن النبي –صلى الله عليه وسلم – أنه قال : " استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء " . وقال عليه الصلاة والسلام : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهله " صححه الألباني
4 - صون الزوجة والغيرة عليها واحترامها : الغيرة على الزوجة أمر فطري في النفوس ، سأل سعد بن عبادة – رضي الله عنه – رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال : " لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَح ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : " أتعجبون من غيرة سعد ، لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله ، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " . أخرجه البخاري .
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله – في كتابه روضة المحبين ، بعد أن ذكر أنواعاً من الغيرة منها المحمود والمذموم : وملاك الغيرة وأعلاها ثلاثة أنواع :
1 – غيرة العبد لربه أن تنتهك محارمه وتضيع حدوده .
2 – وغيرته على قلبه أن يسكن إلى غيره وأن يأنس بسواه .
3 – وغيرته على حرمته أن يطّلع عليها غيره .
فالغيرة التي يحببها الله ورسوله دارت على هذه الأنواع الثلاثة وما عداها فإمّا من خدع الشيطان ، وإمّا بلوى من الله كغيرة المرأة على زوجها أن يتزوج عليها.
أما حقوق الرجل فهي:
أ - حق الانتقال بها إلى بيته الملائم والمستوفي لوسائل الراحة، إن لم تشترط بقاءها في بيتها.
ب - حق السفر مع توافر الأمن للمرأة في الطريق وفي بلد القدوم، وأن يكون الرجل مأموناً عليها.
ج - القرار في بيت الزوجية إلا لما تدعو إليه الحاجة والصبر والرضا . ذكر صاحب ( تحفة العروس ص147) أن العتبى كان يمشي في شوارع البصرة وإذا بامرأة من أجمل النساء وأظرفهن تلاعب شخصاً سمجاً قبيحاً وكلما كلمته تضحك في وجهه فدنوت منها وقلت لها : من يكون هذا منك ؟فقالت : هو زوجي ، فقلت لها : كيف تصبرين على سماجته وقبحه مع حسنك ؟فقالت : يا هذا لعله رزق مثلي فشكر وأنا رزقت مثله فصبرت والصبور والشكور من أهل الجنة أفلا أرضى بما قسمه الله لي ؟ قال العتبي : فأعجزني جوابها فمضيت وتركتها ".
د - عدم الإنفاق من ماله إلا بإذنه، ولها الأخذ من ماله بقدر ما يكفيها إن كان مقتراً.
اللهم ارزقنا الصبر والرضا والشكر, واجعلنا ممن يصون العهد ويفي بالوعد , وانشر على بيوتنا السعادة والسكينة والأمان , والمودة والرحمة والاطمئنان .
الخاتمة ............................ الدعاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.