Our Blog

سلسله صحابه رسول الله فاروق الأمه (عمر بن الخطـاب)



عمـــــــــــــــــــــــــر بن الخطـــــــــــــاب :
 مقدمه مختصره وبسيطه عن عمر بن الخطاب



تعالوا بنا سريعا لنلقي السمع والبصر والفؤاد بين يدي هذا الرجل القوي الأمين بين يدي هذا المعلم الكبير الذي ليس له بين المعلمين على ظهر هذه الأرض نظير إنه الرجل الكبير في بساطة البسيط في قوة القوي في رحمة وعدل إنه الرجل التقي النقي الزاهد الناسك الورع الذي يتفجر نسكه حركة وزكاء وعملا وبناء إنه المعلم الذي غير صفحة الدنيا ووجه التاريخ إنه التقي النقي الذي كان للمتقين إماما إنه الرجل الذي قدم للدنيا كافة قدوة لا تبلى على مر الزمان والأيام قدوة متمثلة في حياته كلها ترك الدنيا بزخرفها وسلطانها وأموالها على عتبة داره فسرحها سراحا جميلا وساقها إلى الناس سوقا كريما وقام ينثر على الناس طيباتها ويدرأ عن الناس مضلاتها حتى إذا ما نفض يديه من علائق هذا المتاع الزائل وهذا الظل المنتهي قام مستأنفا سيره ومسراه مهرولا تحت حرارة الشمس المحرقة في يوم شديد الحرارة مهرولا وراء بعير من إبل الصدقة يخشى عليه الضياع ويخشى أن يسأل عنه بين يدي الله جل وعلا! 



أو تراه منحنيا على قدر فوق نار مشتعلة لينضج طعمة طيبة لامرأة غريبة أدركها المخاض في المدينة المنورة أو لأطفال صغار يتضورون جوعا في ليلة شديدة الظلام شديدة البرد.
إنه الرجل الذي تنزل القرآن أكثر من مرة موافقا لقوله ورأيه إنه الرجل الذي كان إسلامه فتحا وكانت هجرته نصرا وكانت إمارته رحمة وعدلا إنه فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
والله إن الاقتراب من هذا الرجل التقي النقي أمر رهيب بقدر ما هو حبيب إلى كل نفس مؤمنة إن عمر بن الخطاب من الطراز الذي تغمرك الهيبة وأنت تقرأ تاريخه المكتوب كما تغمرك الهيبة وأنت تجالس شخصه المتواضع فالمشهد المذكور من تاريخه لا يكاد يختلف عن المشهد الحي إلا في غياب البطل عن حاسة البصر فقط! أما الأفئدة أما البصيرة فإنها إذا ما طالعت سيرة عمر بن الخطاب كأنها تجالسه وكأنها تسمعه وكأنها تحدثه ويحدثها وكأنها ترى رأي العين جلال الأعمال ومناسك البطولات وأروع الانتصارات التي نقشها عمر بن الخطاب بيمينه المبارك على جبين السماء وخطها بيمينه الأنور على صفحة الأيام .... فتعالو بنا لنري من هـــــــــــــــــو عمر بن الخطاب .. ونري مواقف وانتصارات وزهد وعدل عمر بن الخطاب رضي الله عنك يا عمر وعن صحابه رسول الله اجمعين.


نسبه ومولده ولقبه :
هو عمرو بن الخطاب أبن نفيل أبن عبد العزه أبن كعب أبن لوئ أبن فهر
فهو يلتقى مع النبى صلى الله عليه و سلم فى الجد الرابع فيلتقى مع النبى فى كعب ابن لؤى فهو قريب النبى صلى الله عليه و صلى ..هو قرشى من بنى قريش من بنى عدى قبيلته كانت من القبائل المسئوله عن السفاره فى الجاهليه و كان هو المسؤل عن السفاره فى قبيله لكن رغم هذه المنزله فهو لم يمارس السفاره كثيرا فقد كانت قريش فى هذا الوقت سيده العرب ولا يجرأ أحد على مخالفتها فقد كان دوره محدودا ..و رغم شرفه و نسبه لكنه كان مثل باقى قريش يعبد الأوثان و يكثر من شرب الخمر و يأد البنات و له قصه شهيره فى هذا ...عمر بن الخطاب فى احد الليالى أراد أن يتعبد فصنع أله من العجوه ( التمر) و تعبد له و بعد قليل قيل انه شعر بالجوع فأكل الأله و يندم فيصنع غيره فيأكله و هكذا...بعد سنين طويله و بعد أسلامه و عندما صار أميرا للمؤمنين أتاه شاب من المسلمين و قال له يا أمير المؤمنين اكنت ممن يفعلوه هذا أتعبد الأصنام ؟؟ ألم يكن عندكم عقل ...فقال يا بنى كان عندنا عقل ولكن لم يكن عندنا هدايه !!

مولده و نسبه :
ولد بعد عام الفيل ب 13 سنه و بعث النبى و عمر بن الخطاب فى السابعه و العشرين من عمره و أسلم سنه 6 من البعثه و تولى خلافه المسلمين و عمره 52 سنه و صار أمير للمؤمنين عشر سنين و 6 أشهر و أربعه أيام و مات عمره 62 سنه قريبا من عمر النبى صلى الله عليه و سلم عن موته فأسلم و عمره 32 سنه أى ان مده أسلامه كانت 30 سنه .

أبوه هو الخطاب و لم يكن ذو شهره ولا من أصًحاب الرياسه فى قريش بل كان فظ و غليظ وأمه هى حمتنه بنت هاشم و أبن أخوها عمرو أبن هاشم أى ان أبا جهل فى منزله خاله و أبن عمتها الوليد أبن المغيره والد خالد بن الوليد اى انه أبن عمت خالد ابن الوليد .

أولاده : عبد الله أبن عمر وهو من أكثر الصحابه تمثلا بأفعال النبى و ومن أولاده حفصه زوجه النبى صلى الله عليه و سلم و فاطمه و عاصم و كان له ثلاثه من الولد سماهم بنفس الأسم هما عبد الرحمن الأكبر و عبد الرحمن الأوسط و عبد الرحمن الأصغر و ذلك بعد أن سمع حديث النبى .أحب الأسماء الى الله عبد الله و عبد الرحمن .

زوجاته : كانت له 3 زوجات فى الجاهليه و عندما نزل قول الله عز و جل .. ولا تمسكوا بعصم الكوافر... عرض على زوجاته الأسلام فرفضوا فطلق الثلاثه فى حينها و ذلك لحرصه على تنفيذ أوامر الله و تزوج بعد الأسلام عده زوجات و من أشهر زوجاته بعدما صار أمير للمؤمنين هو أم كلثوم بنت على أبن أبى طالب حفيده الرسول الكريم و بنت فاطمه و أخت الحسن و الحسين .. أرسل عمر لعلى و قال له زوجنى أم كلثوم فقال على أنها صغيره فقال له بالله عليك زوجنى أياهم فلا أحد من المسلمين لا يعرف كرامتها الآ انا و لن يكرمها احد كما سأكرمها فقال على أرسلها أليك تنظرلا أليها فأن اعجبتك فتزوجها .. فنظر أليها و تزوجها و خرج على الناس فى المسجد و قال تقولوا تزوج صغيره ألأيس كذلك .. والله ما تزوجها ألا لحديث لرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " كل سبب و كل نسب و صهر يوضع يوم القيامه الأ سببى و نسبى و صهرى " و انا لى مع رسول الله أثنين من هما لى معه السبب انى صاحبته و لى معه النسب أن أبنتى حفصه زوجته فأردت أن أجمع لهما الصهر ليرفع يوم القيامه سبب و نسبى و صهرى ...!

ألقـــــــابه
له ثلاثه ألقاب سماه النبى صلى الله عليه و سلم بأتنين منهما ... أسمائه هى: أبا حفص و سببه حفص هو شبل الأسد و قيل أن النبى صلى الله عليه و سلم قال يوم غزوه بدر من لقى منكم العباس فلا يقتله فقام أحد الصحابه و قال أنقتل أبأئنا و أبناءنا والله لو لقيت العباس عم النبى لقتلته فنظر أليه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال يا ابا حفص أترضى أن تضرب عنق عم رسول الله و هو خرج مكرها .... و قيل أنه سمى أبا حفص نسبتا ألى أبنته حفصه ..
اللقب الثانى هو (( الفــــــــاروق )) و سمى به أول يوم أسلامه و قد أطلقه عليه النبى صلى الله عليه و سلم أى انت الفاروق يفرق الله بك بين الحق و الباطل.
اما اللقب الثالث الذى سمى به هو أمير المؤمين لما مات النبى صلى الله عليه و سلم سمى أبو بكر خليفه رسول الله صلى الله عليه و سلم ووجد المسلمين أنه نداء عمر بخليفه خليفه رسول الله أسم طويل فأذا مات عمر يكون من بعده خليفه خليفه خليفه رسول الله ؟؟
فى هذا الوقت وصل وفد من العراق و كان يضم عدى أبن حاتم الطائى و قابل عمر أبن العاص و قال يا عمر أستأذن لوفد العراق من أمير المؤمنين فقال عمر بن العاص و قال من أمير المؤمنين ؟؟ فقال له عدى أليس هو أميرنا و نحن المؤمنين قال عمر بن العاص بلا فقال أذا هو أمير المؤمنين و من حينها صار أميرا للمؤمنين .........


  قصه أسلامه :

دعى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال اللهم أعز الأسلام بأحد العمرين عمر بن الخطاب او عمرو أبن هشام.
كان عمر غليظ القلب ومن شده قسوه جند نفسه يتبع النبى صلى الله عليه و سلم فكلما دعى أحد للأسلام يخيفه عمر يهرب و ذلك ليله كان يمشى النبى للكعبه للصلاه فنظر فوجد عمر خلفه فقال له أما تتركنى يا عمر ليلا أو نهار فقد كان يخافه المسلمون كثيرا ...
بدأ النبى صلاته عند الكعبه و بدأ يقرأ القرأن و عمر يرقبه و لم يره النبى و يسمع عمر وكان يقرأ النبى سوره الحاقه و يقول عمرهذا شعر فأذا بقول الله على لسانه نبيه وما هو بقول شاعر قليل ما تؤمنون فقال فى نفسه ألا هو كائن فأذا بقول الله ولا بقول كائن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين . فوقع فى قلبه الأسلام من حينها ولكن الصراعه النفسى داخله لم يكن محسوما بعد و يصارعه شيطانه .. أمر النبى بعد أتباعه بالهجره ألى الحبشه فقابل أمراه خارجه للهجره فخافت أن يؤذيها فقال ألى أين يا أمه الله فقالت أفر بدينى فقال أذا هو الأنطلاق يا أمه الله صحبكم الله ... فعجبك المرأه من رقه عمر فرجع تألى زوجها أخبره قد رأيت من عمر اليوم عجبا وجدت منه رقه ولم أعهده هذا .. فقال زوجها أتطمعين أن يسلم عمر والله لا يسلم عمر حتى يسلم حمار الخطاب.!! فقالت لا والله أرى فيه خيرا ..
ظل الصراع الداخلى لعمر و رأى ان المسلمين فى أزدياد فقرر ان يقتل النبى صلى الله عليه و سلم فأخذ سيفه و مشى فى طرقات مكه متجه إلى مكان النبى شاهرا سيفه فقابله أحد الصحابه فقال إلى أين يا عمر فقال إلى محمد أقتله و أريح قريش منه فخاف الصحابى على النبى و خاف على نفسه من عمر فحاول أرجاع عمر فقال أتتركك بنى عبد المطلب فقال عمر أراك أتبعت محمد أراك صبئت فخاف الصحابى فقال أبدا ولكن أعلم يا عمر بدل من أن تذهب إلى محمد أنظر الى اختك و زوجها فقد أتبعوا محمد فغضب عمر غضبا شديدا و قال أقد فعلت فرد الصحابى نعم ..فأنطلق وهو فى قمه غضبه و ذهب الصحابى مسرعا للرسول لينذره بعمر بن الخطاب أى انه فضل ان يضحى بفاطمه أخت عمر و زوجها السعيد بن زيد على ان يقتل رسول الله .
وصل عمر لبيت أخت و دخل و أمسك سعيد واقل بلغنى انك قد صبئت و أتبعت محمد فقال يا عمر أريأيت ان كان الحق فى غير دينه فدعه و سقط فوقه و ظل يضربه فى وجهه فجاءت فاطمه بنت الخطاب تدفعه عن زوجها فلطمها لطمه فسال الدم من وجهها فقالت أرأيت ان كان الحق فى غير دينك و عندما لطمها سقطت من يدها صحيفه فقال ناولينى إياها فقالت أنت نجس وهذه فيها كلام الله ولا يمسه الآ المطهرون أذهب وأغتسل حتى تقرأها فقال نعم و دخل وأغتسل و رجع ناولينى الصحيفه فبدأ يقرأ فكانت سوره طه ....... طه{1} مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى{2} إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى{3} تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى{4} الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى{5} لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى{6} وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى{7} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى{8}......" فقال عمر لا يقول هذا الكلام الآ رب العالمين أشهد أن لا أله الآ الله و أن محمد رسول الله دلونى على محمد فخرج له الخباب أبن ألارت و قال له
أنه موجود فى دار الأرقم أبن أبى الأرقم ولا أراك الآ نتاج دعوه رسول الله أللهم أعز الأسلام بأحد العمرين فذهب مسرعا و طرق الباب فقال بلال من فقال عمر فأهتزوا خوفا فقال حمزه ( أسد الله ) لا عليكم أن جاء لخير فأهلا به و أن كان غير ذلك أنا له فلما فتحوا له أخذه حمزه من ظهره فقال النبى دعه يا حمزه تعال يا عمر فأقترب عمر ولم يكن يعرف احد منهم لماذا يريد فأخذه النبى حتى سقط عمر على ركبته فقال له أما أن لك أن تسلم يا أبن الخطاب فقال أشهد أن لا أله الآ الله و أن محمد رسول الله فكبر من فى البيت جميعا فقد كان أسلام نصرا و هجرته فتحا و خلافته عزا فقال عمر يا رسول الله ألأسنا على الحق و هم على الباطل فقال نعم قال ففيما الأختفاء فقال وما ترى يا عمر قال نخرج يا رسول الله فنعلن الأسلام فى طرقات مكه فخرج المسلمين صفين واحد على رأسه عمر بن الخطاب و الصف الأخر على رأسه حمزه بن عبد المطلب موحد بينهم رسول الله فى المنتصف يرددون الله أكبر ولله الحمد حتى دخلوا الكعبه و طافوا بالبيت فما أستطاعت قريش أن تتعرض لواحد منهم فى وجود عمر و كان نصر للمسلمين فأعز الله الأسلام بعمر .
لما أراد عمر أن يشهر أسلامه بحث عن اكثر الناس نشرا للأخبار فوجده و اسمه الجميل بن معمر و ذهب أليه و هو رجل لا يكتم سرا فقال له يا جميل أأكتمك خبرا ولا تحدث به أحد قال نعم ...فقال اشهد ان لا أله الآ الله و ان محمد رسول الله فأنطلق يجرى و يردد صبء عمر صبء عمر وانا خلفه أقول كذب بل أسلم عمر لا صبء عمر فأجتمعوا عليه يضربوه و يضربهم من الفجر حتى الضحى حتى تعب فأخذ واحد منهم ووضعه على الأرض و وضع أصبعيه فى عينيه يقول له أفقع عينيك أن لم تبعدهم عني .
رجع بيته و جمع أولاده و قال أعلموا أشهد ان لا أله الآ الله و ان محمد رسول الله وانى أمركم أن تؤمنوا بالله وحده و هو هكذا قام له أبنه الأكبر عبد الله بن عمر وقال له يا أبتى انا مسلم منذ عمر فأحمر وجهه غضبا و قال و تترك أباك يدخل جهنم و الله لاوجعنك ضربا و هكذا عاش عمر و عاش مع أبنه و كلما تذكرها نغزه عمر نغزه عليها....


 فضـائل الفــــــــــــاروق

تعالوا بنا سريعا لنلقي السمع والبصر والفؤاد بين يدي هذا الرجل القوي الأمين بين يدي هذا المعلم الكبير الذي ليس له بين المعلمين على ظهر هذه الأرض نظير إنه الرجل الكبير في بساطة البسيط في قوة القوي في رحمة وعدل إنه الرجل التقي النقي الزاهد الناسك الورع الذي يتفجر نسكه حركة وزكاء وعملا وبناء إنه المعلم الذي غير صفحة الدنيا ووجه التاريخ إنه التقي النقي الذي كان للمتقين إماما إنه الرجل الذي قدم للدنيا كافة قدوة لا تبلى على مر الزمان والأيام، قدوة متمثلة في حياته كلها، ترك الدنيا بزخرفها وسلطانها وأموالها على عتبة داره فسرحها سراحا جميلا وساقها إلى الناس سوقا كريما وقام ينثر على الناس طيباتها ويدرأ عن الناس مضلاتها حتى إذا ما نفض يديه من علائق هذا المتاع الزائل وهذا الظل المنتهي قام مستأنفا سيره ومسراه مهرولا تحت حرارة الشمس المحرقة في يوم شديد الحرارة، مهرولا وراء بعير من إبل الصدقة يخشى عليه الضياع ويخشى أن يسأل عنه بين يدي الله جل وعلا! أو تراه منحنيا على قدر فوق نار مشتعلة لينضج طعمة طيبة لامرأة غريبة أدركها المخاض في المدينة المنورة أو لأطفال صغار يتضورون جوعا في ليلة شديدة الظلام شديدة البرد.
إنه الرجل الذي تنزل القرآن أكثر من مرة موافقا لقوله ورأيه إنه الرجل الذي كان إسلامه فتحا وكانت هجرته نصرا، وكانت إمارته رحمة وعدلا إنه فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
والله إن الاقتراب من هذا الرجل التقي النقي أمر رهيب بقدر ما هو حبيب إلى كل نفس مؤمنة إن عمر بن الخطاب من الطراز الذي تغمرك الهيبة وأنت تقرأ تاريخه المكتوب كما تغمرك الهيبة وأنت تجالس شخصه المتواضع فالمشهد المذكور من تاريخه لا يكاد يختلف عن المشهد الحي إلا في غياب البطل عن حاسة البصر فقط! أما الأفئدة أما البصيرة فإنها إذا ما طالعت سيرة عمر بن الخطاب كأنها تجالسه وكأنها تسمعه وكأنها تحدثه ويحدثها وكأنها ترى رأي العين جلال الأعمال ومناسك البطولات وأروع الانتصارات التي نقشها عمر بن الخطاب بيمينه المبارك على جبين السماء وخطها بيمينه الأنور على صفحة الأيام.
أخوتي في الله ! ترى بأي المواقف أبدأ؟ وعن أي المواقف أتكلم؟! هل أبدأ بفتوحاته وانتصاراته على كثرتها؟! أم بانتصاراته على روعتها؟! أم سأتحدث اليوم عن زهده وورعه؟! أم سنتوقف مع زهده وعدله؟! أم سنذكر عمله وفقهه؟! بأي المواقف أبدأ؟! وعن أي المواقف أتحدث؟! وماذا أذكر عن عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! والذي أرى -من وجهة نظري- أن أعظم ما يمكن أن أستهل به الحديث عن عظمة هذا الرجل أن نبدأ بتلك الأوسمة وتلك النياشين التي وضعها بيمينه المبارك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على صدر هذا الرجل العجيب المهيب ليشمخ بها في الدنيا ويسعد بها في الآخرة.
ففي الحديث الذي رواه الترمذي بسند حسن من حديث ولده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال .لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون أي ملهمون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر .
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جوار قصر فقلت لمن هذا القصر؟ فقالوا ل عمر يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم فتذكرت غيرة عمر فوليت مدبرا! يقول أبو هريرة فلما سمع ذلك عمر بكى رضي الله عنه وأرضاه وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟! .
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم عرض علي الناس وعليهم قمص جمع قميص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين .
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم أتيت بقدح من اللبن فشربت منه حتى إني أرى الري يخرج من بين أظفاري، ثم أعطيت فضلة شربتي لـ عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم .
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويحدثنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمر فدخل عمر بن الخطاب ورسول الله يضحك فقال عمر بمنتهى الأدب والإجلال والإكبار: أضحك الله سنك يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم عجبت لهؤلاء اللاتي كن عندي يحدثنني، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب.. فنظر عمر بن الخطاب المؤدب الذي تربى على أستاذ البشرية ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نظر عمر إلى أستاذه ومعلمه صلى الله عليه وسلم وقال: أنت أحق أن يهبنك يا رسول الله، ثم التفت عمر إليهن وقال: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟! فقلن نعم أنت أفض وأغلظ من رسول الله يا عمر! نعم نهابك ولا نهاب رسول الله ....ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.. .
فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لـ عمر ..إيه يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده لو لقيك الشيطان سالكا فجا لتركه لك وسلك فجا غير فجك يا عمر... أي طبيعة هذه؟! إنها طبيعة فذة إنها طبيعة قل أن تتكرر في الأعداد الهائلة من البشر بل لا أكون مغاليا إن قلت إنها طبيعة ليس لها مثيل في البشر بعد عمر! أي طراز من البشر كان؟! أي صنف من الناس كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! إنه الرجل الذي حار التاريخ في أعماله وفي سيرته ووقف التاريخ وسيقف أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقفة إجلال وإعزاز وإكبار سبحان الله! ولما عرف النبي صلى الله ليه وسلم هذه الطبيعة الفذة وهذه الأصالة في عمر، لجأ النبي صلى الله عليه وسلم يوما إلى الله وقال اللهم! أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بـ عمر بن الخطاب أو بـ عمرو بن هشام. والحديث رواه الترمذي وهو حديث حسن.
وربح الإسلام أحب الرجلين إلى الله وهو عمر بن الخطاب صاحب الفطرة السوية القوية التي سرعان ما استجابت للحق في لمح البصر ليتحول بعدها عمر تحولا هائلا إلى أقصى رحاب الهدى والتوحيد والإيمان! بعد أن كان بالأمس القريب في أقصى مجاهل الوثنية والشرك والإلحاد! ويخرج المسلمون لأول مرة بعد أن كانوا يستخفون من أهل الشرك في مكة يخرجون بعزة واستعلاء ليرجوا أنحاء مكة بتكبيرهم لله جل وعلا ولم لا وقد أصبح بينهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه! ويجسد عبد الله بن مسعود...

رفع الله عمر بالإسلام

وهاهي الأيام تمر والأشهر تجري وراءها وتسحب معها السنين ويقف راعي الغنم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم باسطا يمينه المباركة ليأخذ البيعة ليكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر رضي الله عنه.
بخ بخ يا عمر! لقد كنت في الجاهلية تدعى عميرا ثم دعيت: يا عمر! وهاأنت اليوم تبسط يمينك لتدعى بعد الساعة يا أمير المؤمنين بخ بخ يا عمر! ويقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليستهل عهد خلافته المبارك بهذه الخطبة الجامعة المانعة فيقول..بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي وقالوا: لقد اشتد عمر ورسول الله بين أظهرنا واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه فكيف وقد صارت الأمور إليه؟! ألا فاعلموا أيها الناس! أن هذه الشدة قد أضعفت أي تضاعفت ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين أما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يعتدي عليه حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الآخر حتى يذعن للحق وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف.
أيها الناس! إن لكم علي خصالا أذكرها لكم فخذوني بها لكم علي أن لا أجتبي شيئا من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه ولكم علي إن وقع في يدي أن لا يخرج إلا بحقه ولكم علي أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى ولكم علي ألا ألقيكم في التهلكة ولكم علي أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى ولكم علي إن غبتم في البعوث أي المعارك فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضار النصيحة فيما ولاني الله من أموركم .
بالله ما أنقاه! بالله ما أتقاه! بالله ما أروعه وما أطهره! أي دستور في عالم الدساتير هذا؟! أي قانون في عالم القوانين هذا؟! فإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم .
أي عظمة وأي طراز من البشر كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! إنه ابن الجزيرة الذي رباه الإسلام على يد محمد عليه الصلاة والسلام نعم هذا الرجل الذي كان لا ينسى هذه النعمة أبدا لا ينسى أنه كان بالأمس القريب راعيا للغنم ولا ينسى أنه كان بالأمس القريب في الجاهلية يعذب من وحد الله جل وعلا وها هو الآن يشار إليه بالبنان ويقال له يا أمير المؤمنين! كانت لا تغيب عن باله وكان يقف مع نفسه ليقول لها بخ بخ يا ابن الخطاب! كنت وضيعا فرفعك الله وكنت ذليلا فأعزك الله وكنت ضالا فهداك الله ثم حملك الله على رقاب الناس فماذا أنت قائل لربك غدا يا عمر؟! هذه هي البوصلة التي تحركت في اتجاهها كل ذرات كيانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غدا يا عمر؟! هذه أنشودته الحلوة العذبة التي كانت تصرخ في أعماق كيانه ووجدانه وتملأ عليه سمعه وبصره وتزلزل عليه أركانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غدا يا عمر؟! هذا هو السر يا أخوه! إذا أردت أن ترى هذا الشامخ العارف الذي يتفجر قوة وبأسا إذا أردت أن تنظر إليه كعصفور مبلل بماء المطر في يوم شديد البرودة فما عليك إلا أن تقترب منه وتخوفه بالله جل وعلا؛ لترى إنسانا آخر وقد قامت قيامته واصفر وجهه ووقف وكأنه بين يدي الله جل وعلا والميزان عن يمينه والصراط عن شماله وكتابه منشور بين يديه والنداء يدوي في أرجاء كيانه وجوارحه اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.... هذه هي البوصلة أيها الأخوه! وهذا هو السر الذي جعل ابن الخطاب يعزف عن كل ملذات الدنيا ونعيمها.

طعام عمر أمير المؤمنين:

ولقد زاره يوما حفص بن أبي العاص رضي الله عنه وأرضاه ووجد عمر بن الخطاب جالسا إلى غدائه ودعا عمر حفصا أن يتناول الغداء معه فنظر حفص إلى طعام أمير المؤمنين فوجد خبزا يابسا وزيتا وكان حفص ذكي فلم يشأ حفص أن يتعب معدته في هضم هذا الطعام الشديد، وفطن عمر بن الخطاب إلى سر عزوف حفص، فقال له سائلا: ما الذي منعك أن تتناول معنا الطعام يا حفص؟ ولم تنقص الصراحة حفصا فقد كانوا أتقياء أصفياء لا يجيدون لغة الكذب واللف والدوران والمنافقة والمداهنة قال له حفص بن أبي العاص: إنه طعام خشن يا أمير المؤمنين! ولسوف أرجع إلى بيتي لأنال طعاما طيبا لينا قد صنع وأعد لي فقال عمر: يا حفص! أتراني عاجزا أن آمر بصغار الماعز فيلقى عنها شعرها وبرقيق البر فيخبز خبزا رقاقا وبصاع من الزبيب يوضع في كنية من السمن فآكل هذا وأشرب هذا؟! فقال حفص: والله إنك بطيب الطعام لخبير يا أمير المؤمنين! فقال عمر بن الخطاب: والذي نفسي بيده! لو أردت أن أكون أشهاكم طعاما وأرفهكم عيشا لفعلت أما إني لأعلم بطيب الطعام من كثير من آكليه! ولكني تركت هذا ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد وإني سمعت الله تعالى يقول عن أقوام:أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.... فإني أخاف أن أقدم طيباتي في الدنيا ولا يكون لي عند الله في الآخرة! وفي عام الرمادة: العام السابع عشر وكان عام مجاعة قاتلة في المدينة المنورة حرم عمر على نفسه اللحم وغيره من أنواع الطعام الشهي وأبى إلا أن يأكل الزيت وأمر في يوم من أيام هذا العام القاتل بذبح جزور وتوزيعه على الناس في المدينة وعند وقت الغداء دخل ليتناول طعامه فوجد أشهى ما في الجزور من لحم، فقال: من أين هذا؟! فقالوا: إنه من الجزور الذي ذبح اليوم يا أمير المؤمنين! فقال وهو يزيح الطعام عن مائدته بيده المباركة بخ بخ! بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وتركت للناس كراديسها يا أسلم! ارفع عني هذا الطعام وائتني بخبزي وزيتي! فوالله إن طعامكم هذا علي حرام حتى يشبع منه أطفال المسلمين.

أي عظمة! أي طراز من البشر كان عمر! يا رافعا راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيرا عن محبيها رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها كذاك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها...

 ورع عمر وولده عبد الله:

ولو رأيت حسابه الشديد لابنه التقي النقي الزاهد الورع عبد الله بن عمر الذي كان إماما في الورع والزهد انظروا إلى حساب عمر رضي الله عنه وأرضاه لهذا التقي النقي.

يخرج عمر بن الخطاب يوما إلى السوق فيرى إبلا سمانا فيسأل عمر: إبل من هذه؟ فيقول الناس: إبل عبد الله بن عمر فينتفض عمر وكأن القيامة قد قامت! ويقول: عبد الله بن عمر بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين! ائتوني به.
ويأتي عبد الله على الفور ليقف بين يدي عمر رضي الله عنه فيقول عمر بن الخطاب لولده عبد الله: ما هذه الإبل يا عبد الله؟! فيقول: يا أمير المؤمنين! إنها إبلي اشتريتها بخالص مالي وكانت إبلا هزيلة فأرسلت بها إلى الحمى أي: إلى المرعى أبتغي ما يبتغيه المسلمون: أتاجر فيها فقال عمر بن الخطاب في تهكم لاذع مرير قاس على إمام من أئمة الورع والزهد عبد الله قال عمر: نعم وإذا رآها الناس قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين واسقوا إبل ابن أمير المؤمنين فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين! قال عبد الله: نعم يا أبت قال: اذهب وبع هذه الإبل كلها وخذ رأس مالك فقط ورد الربح إلى بيت مال المسلمين.والله انه لموقف يشيب منه الرأس وتدمع له العين وويحزن له القلب ....ياالله عمر بن الخطاب يقول لولده .اذهب وبع هذه الإبل كلها وخذ رأس مالك فقط ورد الربح إلى بيت مال المسلمين.
والله إن قلبي لينتفض! ولو وقف أدباء الدنيا بما آتاهم الله من بلاغة وفصاحة لسان وعظمة وبراعة في الأسلوب والتبيان فلن يستطيعوا أن يتحدثوا عن فاروق هذه الأمة عمر ماذا أقول؟! إن من أروع الأمور أن ندع المواقف هكذا بدون تعليق لتتحدث المواقف بذاتها عن جلال عمر وعن عظمة عمر وعن هيبة عمر وعن يقين عمر وعن إيمان عمر لنرفع رءوسنا لتعانق كواكب الجوزاء لنقول بعزة: إن عمر ابن من أبناء إسلامنا تربى في مدرسة الإسلام وتخرج على يد محمد عليه الصلاة والسلام.
وكيف لا يكون عمر كذلك وهو الذي رأى أستاذه ومعلمه محمدا صلى الله عليه وسلم يقول لابنته الحبيبة فاطمة البتول ...يا فاطمة! إن من المسلمين من هو في حاجة إلى هذا المال منك.. فشرب عمر من هذا النبع الصافي وارتوى عمر من هذا النبع الكريم وتخرج عمر من هذه المدرسة النورانيه وعلى يد محمد عليه الصلاة والسلام.
من أراد أن ينظر إلى العظمة الإنسانية في أوج ذراها وعلاها فلينظر إلى عمر ذلكم الرجل الذي انهارت أمام قدميه أعظم الامبراطوريات، وجاءته مغانمها وذهبها وفضتها تسيل على عتبة داره بين قدميه فلم يتغير لحظة ولم تغيره طرفة عين ألخص ما ذكرته وما ينبغي أن أذكره من حياة عمر بقولة أو بكلمات قليلات وهذا من الصعوبة بمكان فأقول: عمر رجل عظيم رضي الله عن عمر بن الخطاب وأسأل الله جل وعلا أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يجمعنا به مع أستاذه ومعلمه في دار تجمع سلامة الأبدان والأديان إنه ولي ذلك ومولاه.....


 مقتل عمر وخوفه الشديد من ذنوبه

 أيها الأخوه هل بقي شيء ممكن أن يقال عن عمر؟ أستعفر الله  بل هل قلنا شيئا عن عمر؟ ما قلنا شيئا من الكثير الكثير الذي ينبغي أن يقال عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه  ويكفي أن نقف مع هذه المواقف التي تعلمنا من الدروس الكثير والكثير وهاهو العملاق وهاهو الأسد في عرينه يتقدم رضي الله عنه وأرضاه في يوم من الأيام الحزينة التي مرت على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتقدم عمر الفاروق ليؤم المسلمين في صلاة الفجر ويتقدم العلج أبو لؤلؤة المجوسي عليه من الله ما يستحقه ليطعن الأسد في عرينه ليطعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه! ولم تشغل عمر الطعنات عن أن يواصل المسلمون عبادتهم  وعن أن يتم المسلمون صلاتهم  فيجذب عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه ليقدمه مكانه ويصلي بالمسلمين صلاة الفجر وينتهي المسلمون من صلاة الفجر ويحمل الأسد إلى بيته يحمل العملاق التقي النقي الطاهر يحمل عمر إلى داره.

ويزداد ألمه ويقول لولده عبد الله: يا عبد الله! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب ولا تقل: يستأذن أمير المؤمنين  فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير.
أي دقة! وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه  هذا هو همه وهذا هو شغله عاش في الدنيا مع حبيبيه وصاحبه مع حبيبه المصطفى ومع خليفته أبي بكر رضي الله عنه ولا هم له بعد الموت إلا أن يواصل بقية ما بقي له في عالم البرزخ مع هذين الجليلين الكريمين حتى يلتقي بهما ويبعث معهما في يوم القيامة يوم الحسرة والندامة.
يا عبد الله! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه  مع الحبيب المصطفى ومع أبي بكر رضي الله عنه فذهب عبد الله فوجد عائشة تبكي لما وصلها خبر مقتل عمر رضي الله عنه وأرضاه وقالت عائشة التقية العالمة الورعة الذكية: والله لقد كنت أريد هذا المكان لنفسي ولكني أوثر اليوم عمر على نفسي.
ويرجع عبد الله بأسعد خبر لأبيه عمر فلم يكن هناك شيء يشغل عمر إلا هذا فقالوا: عبد الله قد أقبل يا أمير المؤمنين قال: أجلسوني  فأجلسوه  فنظر إليه قال: ما وراءك يا عبد الله؟ قال: أبشر يا أمير المؤمنين لقد وافقت عائشة رضي الله عنها أن تدفن مع صاحبيك  فسعد عمر سعادة غامرة وقال: والله ما كان هناك شيء يشغلني غير هذا.
ولكنه التقي النقي  الدقيق في كل كلمة من كلماته وفي كل موقف من مواقف حياته فبعد كل هذا يقول لـ عبد الله: يا عبد الله! إذا أنا قضيت أي  إذا أنا مت وحملتموني وذهبتم إلى بيت عائشة فاجعلوني خارج الدار واستأذن عليها مرة أخرى فلربما تكون قد استحت مني في حياتي وترفض ذلك بعد مماتي  فإن أذنت فادفنوني مع صاحبي وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين.
ويدخل عليه شاب والحديث في البخاري  يقول: أبشر ببشرى الله لك يا أمير المؤمنين! أبشر بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقدمك في الإسلام ما قد علمت  ثم وليت فعدلت  ثم شهادة في سبيل الله! أتدرون ماذا قال عمر؟! أتدرون ماذا قال الفاروق الذي كان يقول لنفسه كل لحظة: ماذا تقول لربك غدا يا عمر؟! فقد خرج عثمان بن عفان ذات يوم ينظر من شرفه من شرفات بيته، فيرى رجلا تعلوه الرمال، وتحرقه الشمس في وقت الظهيرة وينظر ويقول: من هذا الذي خرج في هذا الوقت؟! وحينما يقترب يراه أمير المؤمنين يراه عمر بن الخطاب رضي الله عنه  فيقول: يا أمير المؤمنين! ما الذي أخرجك في هذه الساعة المحرقة؟! فيقول عمر: يا عثمان! بعير من إبل الصدقة قد ند وأخشى أن يسألني عنه ربي يوم القيامة! فيبكي عثمان ويقول: يا أمير المؤمنين! إن عبدا من عبيدك يكفيك هذا فيقول عمر: وهل هناك أعبد مني؟! ارجع إلى ظلك يا عثمان فيبكي عثمان ويقول قولته الخالدة: والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر! لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر .
بكى عمر بن الخطاب بعد هذه البشريات التي بشر بها: بقدم في الإسلام  وبصحبة رسول الله وبعدل لم تعرف البشرية له مثيلا على مدار التاريخ وبشهادة في سبيل الله وهو يصلي في محراب الصلاة بعد كل هذا أتدرون ماذا قال عمر؟! نظر إلى هذا الشاب وقال: والله لوددت أن أخرج من الدنيا كفافا لا لي ولا علي! عمر يقول هذا يريد أن يخرج من الدنيا بغير أجر وبغير وزر: لا لي ولا علي.
فماذا نقول إن كان عمر الفاروق  والحديث في صحيح البخاري  يقول: وددت أن أخرج كفافا لا لي ولا علي! فقد حملنا بالأوزار والذنوب والسيئات  ومنا من يكلمك وكأنه قد وقع عهدا مع الله وأخذ صكا على الله أنه من أهل الجنة بغير صلاة وبغير صيام وبغير زكاة! وبغير ورع وطاعة وتقى! إذا ما اقتربت منه يقول: إن لم ندخل الجنة نحن فمن يدخلها؟! هذا هو فاروق الأمة عمر رضي الله عنه وأرضاه.....


 تذلل عمر بين يدي الله تعالى

وروى ابن سعد في الطبقات بسند صحيح أن عثمان بن عفان قال: كنت أنا آخر الناس عهدا بـ عمر  دخلت عليه بيته ورأسه في حجر ولده عبد الله  فنظر عمر إلى ولده وقال: يا عبد الله! ضع رأسي على الأرض  فنظر عبد الله وقال: يا أبت! وهل هناك فرق بين أن تكون في حجري وبين أن تكون على الأرض؟ قال عمر: يا عبد الله! ضع هذا على الأرض! أي ذل لله هذا؟! وأي تواضع لله هذا؟! يا عبد الله! ضعها على الأرض  ثم يقول عمر: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي.
الله أكبر! والله لا أجد ما أقوله تعليقا على هذه المواقف التي تحرك القلوب الميتة  التي تحرك الأعين الجامدة وكفانا فخرا أن نقول في نهاية المطاف: إنه ابن الجزيرة العربية الذي خرجته مدرسة الإسلام  ورباه محمد عليه الصلاة والسلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.